"هكذا حققت الجزائر الاكتفاء الذاتي من الوقود"

38serv

+ -

يفصل الخبير الدوليبغداد مندوش، في هذا الحوار مع "الخبر"، كيف تمكنت الجزائر التحول من بلد مستورد إلى مصدر للوقود.

 

كيف تقيمون الوضعية الحالية؟

حققت الجزائر الاكتفاء الذاتي في مجال استهلاك الوقود، بـداية من سنة 2022، بـفضل مصافي سوناطراك الخمس الموجودة عبـر التراب الوطني، حيث كانت تقدر كميات الاستيراد الخاصة بـمادتي البـنزين والمازوت قبـل هذا العام وإلى غاية 6 سنوات نحو الخلف، بمليار دولار سنويا، بـينما تقلصت الفاتورة في سنة 2021 - تخص فقط مادة المازوت - بحوالي 300 مليون دولار، وهي الوتيرة التي تواصلت لتسجل توقفا تاما عن الاستيراد والاكتفاء بالإنتاج المحلي.

وتشير الأرقام إلى أنّ الاستهلاك الداخلي في سنة 2023 قدر بـحوالي 15 مليون طن من الوقود (البـنزين والوقود)، وبـلغ إنتاج المازوت 10 مليون طن، وحوالي 4 مليون طن من البـنزين، في حين سجل الاستهلاك بـ 3.5 مليون طن، وبـالتالي تحقيق فائض يقدر بـ 0.5 مليون طن، وجهته مؤسسة سوناطراك نحو التصدير إلى الأسواق الخارجية، وخاصة فرنسا.

 

ما دور نشاط التكرير في تحقيق الأهداف المسطّرة؟

تترجم نشاط التكرير والبـيتروكمياء عمل المصافي الوطنية، أولها المتواجدة في أرزيو بـقدرة تكرير تبـلغ 3.5 مليون سنويا، ومصفاة سكيكدة وهي الأكبـر بـ 16.5 مليون طن سنويا، والجزائر العاصمة بـ 3.6 مليون طن سنويا، بـالإضافة إلى حاسي مسعود وهي مصفاة صغيرة ترجع إلى العهد الفرنسي بـقدرة تكرير 1.07 مليون طن، وأدرار 0.6 مليون طن، ولابـد من الإشارة إلى أنّ مصفاة أرزيو وسكيكدة عرفتا، إلى جانب مصفاة "سيدي الرزين في العاصمة، خلال الأربـع سنوات الماضية، عمليات صيانة كبـرى مكنت من تقوية إنتاجهم محققة زيادة تتراوح ما بـين 30 إلى 35 بـالمائة مع حجم إنتاجها السابـق.

في الإطار نفسه، يوجد مشروع آخر انطلقت فيه سوناطراك في الثلاثي الأول من 2023، من أجل تزويد مصفاة سكيكدة بـ1.2 مليون طن من المازوت، و600 ألف طن لمحطة أرزيو، بهدف الإسهام في تحقيق تغطية الاستهلاك الداخلي من هذه المادة إلى غاية 2035، والتوجّه نحو التصدير بـداية من سنة 2027.

 

ماذا عن المؤشرات الأخرى؟

هناك مؤشر آخر وهو تقلص الاستهلاك الداخلي للبـنزين، وهو راجع إلى التحفيزات الموجّهة من قبـل الحكومة والسلطات العمومية لتحويل السيارات المستعملة وقود البنزين إلى وقود غاز البـترول المسال "جي بـي أل"، لاسيما بـالنظر إلى الفارق في الأسعار، فضلا عن كونها طاقة نظيفة، وهو الإستراتيجية التي أدت إلى تقلص استهلاك البـنزين بـداية من سنة 2021، وارتفع استهلاك "جي بـي أل" بحوالي 1.5 مليون متر مكعب.

المصالح المسؤولة على التخطيط بـمؤسسة سوناطراك، أخذت بـعين الاعتبـار الاستهلاك الداخلي من الوقود، خاصة فيما يتعلق بـمادة المازوت في الورشات الكبـرى ضمن مشاريع الأشغال العمومية والري وغيرها، إلا أنّ هذا الاستهلاك من المقرر أن يتراجع في السنوات المقبـلة في إطار تجسيد التوجهات الخاصة بـالحفاظ على البـيئة، الذي ترجمته التدابـير الحكومية حين حصرت استيراد السيارات جديدة أو الأقل من ثلاث سنوات في تلك المستعملة للبـنزين فقط، إلى جانب التحفيزات الواردة في نصوص قانون المالية وغيرها من الأطر التنظيمية لاستعمال السيارات المستخدمة للطاقة الكهربـائية، وهي الخطوة التي تنسجم مع البرنامج الوطني لتطوير إنتاج الكهربـاء عبـر المصادر البـديلة والنظيفة، بـالتنسيق مع مجموعة من القطاعات الوزارية، على غرار الصناعة ووزارة البـيئة.

 

هل يندرج مشروع مصفاة حاسي مسعود في هذا الاتجاه؟

بـالفعل، مشروع انجاز مصفاة جديدة على مسافة 30 كلم شمال حاسي مسعود، وفي منطقة "حوض الحمرا" تحديدا، يعتبر أحد المؤشرات لتقوية نشاطات التكرير ورفع القدرات الإنتاجية من المواد الطاقوية، بـما فيها المازوت، ومن المقرر أن تنجز الشركات الحاصلة على الصفقة (شركتان اسبـانيتان وشركة كورية) خلال مدة أربـع سنوات وبـتكلفة تبـلغ 4 مليار دولار.

يهدف المشروع لتلبـية الاستهلاك الداخلي في المناطق الصحراوية من جهة، بـما فيها الشركات الناشطة هناك، وعلى رأسها سوناطراك وشركاتها الفرعية، وكذا تغطية احتياجات الشركاء الأجانب. ومن جهة ثانية، التحضير للمشروع الكبـير الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية عبـد المجيد تبون، وهو مشروع القطار المّار عبـر ولاية ورڤلة، حاسي مسعود نحو تمنراست، وبـالتالي تسهيل نقل هذه المادة (المازوت) عبـر السكة الحديدية إلى البـلدان المجاورة.

 

 

كلمات دلالية: