38serv

+ -

رغم اجتيازها لمرحلة عبور الصحراء من فرط سنوات الجمر التي عاشتها بلدياتها وقراها ومداشرها خلال العشرية الدموية، إلا أن تيسمسيلت ظلت تواجه التهميش في صمت ولم تستفد من البحبوحة المالية على نحو ما استفادت منه ولايات أخرى قبل نحو 15 عاما، رغم أنها كانت مصنفة في خانة أفقر الولايات.

فالزائر اليوم لهذه لولاية، يقف على أسوار العزلة التي لا تزال مضروبة عليها وتسببت في تحويل بلدياتها وقراها ومداشرها إلى أحزمة لـ (الميزيرية) في ظل غياب التنمية والاستثمار، مع أنه كان يفترض أن تكون امتدادا لـ "ميتروبول" العاصمة، ويجعل منها فعلا عروس الونشريس؛ لأنها غنية بمقوماتها الطبيعية، بأراضيها الفلاحية الشاسعة ومواقعها السياحية الرائعة غير المستغلة. ومع ذلك، فإن الأجواء الآخذة في التشكل كما وقفنا عليها، هي أجواء التفاؤل وسط مسئولي وساكنة الولاية ممن يرون في البرنامج التكميلي الذي أقره الرئيس عبد المجيد تبون للولاية، أنه مخطط إنقاذ، كفيل بإخراج تيسمسيلت في غضون عامين من العزلة والتهميش والفقر، يشمل انجاز أربع طرق وطنية ويتكفل بقطاعات الصحة والفلاحة والري والسكن والصناعة والتعليم والسياحة.. الخ

الولوج إلى تيسمسيلت نحو (200 كم) إلى جنوب غرب لعاصمة، لم يكن سهلا عبر الطريق الوطني رقم 14 من خميس مليانة إلى بلدية العيون على مسافة 84 كم، فبحالته القديمة والوعرة، ظل يشكل مصدر متاعب جمة لسالكيه في ظل زيادة معدل الحركة المرورية.. إنه أحد أبرز أسوار العزلة، لكن ما إن تصل إلى منطقة العيون، تبدأ تيسمسيلت تكشف عن حلة أراضيها؛ إذ يغلب على المنطقة النشاط الفلاحي، ولاسيما الحبوب، إذ تحوز على مساحات فلاحية شاسعة تتربع على 189 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، منها 145 ألف هكتار أراضي مستغلة، أي بنسبة 77 بالمائة، في محاصيل الحبوب (القمح بنوعيه، الشعير)، الأعلاف، الأشجار المثمرة.

 

الجفاف.. عدو جديد

 

وتشير مراجع تاريخية، وحتى بعض الشيوخ من أعيان تيسمسيلت، أن المنطقة هي بلاد القمح بامتياز خلال الحقبة الاستعمارية وحتى بعد الاستقلال، إذ كان القمح بنوعيه آنذاك ينقل في شاحنات إلى ميناء مستغانم ومن ثمة يشحن في بواخر باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. بل واحتل قمح تيسمسيلت وتيارت صدارة أنواع القمح في العالم في مجال صناعة العجائن في أوروبا. أما الكروم التي كانت تمتد على مساحات شاسعة بمنطقتي برج بونعامة وتاسلامت، فكانت تجود بأجود وأحسن الخمور في العالم، كانت تسوق إلى فرنسا وأوروبا.

ويرى مدير المصالح الفلاحية لولاية تيسمسيلت، محمد علي مودع، أن "مردود غالبية المساحات لا يزال رهينة التساقطات المطرية، على اعتبار أن أغلب المناطق الفلاحية تفتقر للمياه الجوفية.."، قبل أن يضيف "الولاية تضررت من موجة الجفاف خلال موسم 2023 وانعكس ذلك على الإنتاج الذي لم يتجاوز 7 آلاف قنطار..".

وباستثناء منطقتين فقط تعتمدان على محيطي سقي، واحدة من سد بوغارة وأخرى من سد مغيلة، فإن المساحة المسقية العام الماضي، لم تتجاوز 3600 هكتار، يحدث ذلك في وقت تسعى فيه السلطات العليا إلى جعل المحاصيل الكبرى (القمح بنوعيه.. الخ)، حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد وخفض فاتورة استيراد الغذاء التي مازالت تضغط بثقلها.

 

تحويل المياه المصفاة للسقي

 

إذ تنظر الدولة لولاية تيسمسيلت، عروس الونشريس، على أنها قادرة على تقديم قيمة مضافة في المجال الفلاحي، بالنظر لشساعة أراضيها. ولأجل ذلك، قررت دعم الولاية ببرنامج تكميلي، يشمل عمليتين تهدفان للتخفيف من وطأة شح الموارد المائية في ظل الجفاف المتواصل، إذ ستستفيد الولاية من محيط سقي متواجد بمنطقة عين الصفا على امتداد 300 هكتار، وهو محيط في طور الانجاز، بالإضافة إلى إعادة الاعتبار لقنوات السقي بمحيط السقي سد بوغارة.

ويقول رئيس مصلحة الري الفلاحي بمديرية الموارد المائية، عبد العزيز صبيان: "إن مشروع انجاز محيط السقي على مساحة 300 هكتار، يكون انطلاقا من محطة تصفية المياه المستعملة لتيسمسيلت، رصد له مبلغ مالي يقدر بـ500 مليون دج، إلى جانب عملية أخرى تدخل في إطار البرنامج التكميلي القطاعي الممركز لقطاع الري، ممثلة في دراسة وانجاز وتأهيل وعصرنة وتوسيع محيط السقي بسد بوغارة بمبلغ مالي قدره مليار و400 مليون دج، على مسافة 29 كم، تشمل توسعة المحيط إلى 500 هكتار، فضلا عن 750 هكتار المجهزة سابقا..".

ويرتقب أن يسهم هذا المشروع في الحفاظ على الثروة المائية، خصوصا وأن المسئول ذاته، يشير إلى أن التسربات من القنوات القديمة الخاصة بالسقي، تتجاوز 40 بالمائة، في حين بلغ الحجم المستهلك من المياه خلال حملة السقي لعام 2023 ما مقداره 480 ألف متر مكعب، لسقي 104 هكتار.

وموازاة مع ذلك، تواصل مصلحة الري الفلاحي، منح رخص حفر الآبار للفلاحين، ولو بشكل حذر في ظل بقاء كثير من الأوعية العقارية الفلاحية من غير تسوية إلى غاية اليوم، كونها أرض شيوع. إذ من أصل 78 ملفا تم دراسته، سنة 2023، تم منح 34 موافقة (رخصة) ورفض 26 ملفا، ولو أن القائمين على تسيير قطاع الري يجمعون على أن الأطر التقليدية للسقي لا تزال تحكم دهنيات الفلاحين، مما يتسبب في ضياع كميات هائلة من المياه.

وتطمح مصالح الموارد المائية بالولاية إلى استغلال المياه المصفاة من جانب انجاز أنظمة تصفية المياه المستعملة عبر 8 بلديات، التي تدخل في إطار البرنامج التكميلي، ما يسمح باستعادة ما حجمه 8 مليون متر مكعب من المياه المصفاة التي ستسمح بسقي مساحة تفوق 600 هكتار.

 

خطة لإنعاش الفلاحة

 

لكن إلى أي مدى تبقى تيسمسيلت تنتظر التساقطات المطرية لإحراز وثبة في قطاع الفلاحة، وماذا لو استمرت موجات الجفاف، هل نربط مستقبل ولاية ذات خصوصية فلاحية بهذا المعطى الطبيعي؟ هذا السؤال طرحناه على مدير الغرفة الفلاحية للولاية علي باي قادة، الذي أجاب "تيسمسيلت تواجه جملة من العوائق حالت دون تحقيق نهضة فلاحية، بينها الموارد المائية الضعيفة، نتيجة قلة المياه الجوفية، إضافة إلى قلة التساقطات المطرية، ناهيك عن الطبيعة الغابية والجبلية. أما القوة القاهرة الأخرى، فهي أراضي الشيوع وتعد من أهم المشاكل المطروحة، إذ أن الذين حازوا على عقود الامتياز عددهم مرتفع وأعمارهم تصل 70 عاما.. ما جعل المشاكل تتفاقم بين الورثة بشأن من له الحق في استغلال الأرض..".

قبل أن يضيف "منذ 2017 تدهور الوضع وأصبح الجفاف بتيسمسيلت 100 بالمائة، لكن وحتى لا نبقى مكتوفي الأيدي أمام هذا الوضع، قام الوالي بتشكيل اللجنة الولائية للتوجيه والتنشيط الفلاحي، تضم كل الفاعلين.. بينها قطاعا الطاقة والري لضبط إستراتيجية إخراج القطاع من الوضع الراهن.."، وتابع "إستراتجيتنا ستبنى على الوقائع الميدانية للقطاع وانشغالات الفلاحين وتثمين القدرات الفلاحية للولاية؛ من خلال تشكيل خارطة جغرافية لمعرفة نوعية الأراضي حسب المناخ السائد..". وتنقسم إلى أربع (4) مناطق، أراضي غابية، ثم فلاحية رعوية مثل ما هي عليه في المنطقة الجنوبية، أراضي جبلية، وأخيرا المنطقة التي تتوفر على مؤهلات ذات مردود فلاحي جيد، المتواجدة بعماري وتيسمسيلت وأولاد بسام.. ويمكن إعداد الإستراتيجية لمعرفة أنواع النشاط الفلاحي بعد تصنيف المناطق.

 

مخازن سعتها تقارب مليوني قنطار

 

وقد استفادت تيسمسيلت في إطار البرنامج التكميلي من 9 مخازن للحبوب بسعة 450 ألف قنطار، يرتقب انجازها عبر بلديات الولاية، إلى جانب مخزن بسعة مليون قنطار سيتم انجازه بالقرب من محطة القطار بقلب المدينة، ناهيك عن مخزن آخر بسعة 250 ألف قنطار في طور الانجاز ببلدية خميستي.

وموازاة مع ذلك، لا تزال مساع ربط المستثمرات بالكهرباء متواصلة، ويقول مدير المصالح الفلاحية "الولاية استفادت من برنامجين لربط المستثمرات بالكهرباء الفلاحية منذ 2022، ففي البرنامج الأول الذي أقره رئيس الجمهورية، تم ربط 59 مستثمرة بالكهرباء على مسافة 39 كم، أما البرنامج الثاني المندرج في إطار البرنامج التكميلي فعملية الربط وصلت إلى 45 بالمائة..".

وموازاة مع ذلك، فقد استفادت تيسمسيلت في إطار عملية التحسين العقاري (فتح المسالك الفلاحية) من 3 عمليات في إطار البرنامج التكميلي، تشمل مساحة تقدر بـ4500 هكتار عبر مختلف بلديات الولاية، على مسافة 58 كم، إلى جانب تهيئة المسالك هذه على مسافة 30 كم.

ويقول المسئول ذاته "هذا الدعم من شأنه تحفيز الفلاحين وتشجيعهم على استصلاح الأراضي ورفع المردود واستقطاب مزيد من المستثمرين.."، ولو أن أهم تحد يجب رفعه، حسبه، هو "رفع المساحة المسقية إلى 5000 هكتار وتطوير شعبة الأشجار المثمرة المقاومة للجفاف مثل الفستق واللوز، التفاح والزيتون.."، في انتظار اقتراح برنامج خاص بالحواجز المائية لاستغلال مياه الأمطار في السقي الفلاحي وتغذية الطبقات الخاصة بالمياه الجوفية.

ومع ذلك، فإن القناعة التي تسكن القائمين على تسيير القطاع، تنطلق من أنه حان الوقت لضبط إستراتيجية؛ تقضي إلى إدخال طرق وتقنيات جديدة لإحداث قطيعة مع ما يسمونه طرقا تقليدية قديمة، بالنظر للذهنيات الاتكالية لفلاحين مازالوا يعتمدون كليا على مياه الأمطار، بدل أن تحركهم روح المبادرة، ويتم ذلك بالشروع في تنظيم أيام تقنية وتحسيسية، فضلا عن تنظيم زيارات إرشادية.

 

مقدرات هائلة

 

ومع أن تيسمسيلت ولاية سهبية رعوية، تحصي 195 ألف رأس من الغنم، و8600 رأس من البقر، و40 ألف رأس من المعز، و380 رأس من الخيول، إلا أن ساكنة مدينة تيسمسيلت تقول إن الكلغ من لحم الخروف لا يقل عن 2000 دج، فيما تمتد على تراب الولاية أزيد من 1000 منشأة لتربية الدواجن، فضلا عن 7 مذابح و7 مسالخ.

 

امتدادا للعاصمة

 

ورغم مرور 40 عام على ترقية تيسمسيلت إلى ولاية (1984)، الواقعة على بعد نحو مائتي (200) كم جنوب العاصمة، إلا أن الزائر للمنطقة التي يغلب عليها الطابع الغابي بنسبة 70 بالمائة، قد يتساءل اليوم عن أسوار العزلة التي لا تزال مضروبة على الولاية، فلا هي كشفت عن وجهها كوجهة للاستثمار في الفلاحة والإسهام في التنمية المحلية، ولا هي تحولت إلى مقصد سياحي بالنظر لمقوماتها الطبيعية من غابات ومسارات سياحية وأخرى حموية ودينية.. ولا هي وجهة مشجعة على الاستثمار في باقي المجالات الأخرى كالصناعة التحويلية والخدمات.. الخ، مع أنه كان يفترض أن تكون تيسمسيلت واحدة من أبرز المدن التي تشكل امتدادا لمتروبول العاصمة، مثلها مثل تيبازة والبليدة وبومرداس.. تكون متنفسا إضافيا لساكنة العاصمة وباقي الولايات الوسطى الأخرى.

ويرى بعض من أبناء المنطقة، أن العزلة هذه تركت ارتداداتها العميقة في المنطقة حتى أنها صنفت في خانة أفقر الولايات عبر الوطن، ولعل أهم عامل ساهم في ذلك، الطرقات الوطنية التي لا تزال في حالاتها المتردية منذ الحقبة الاستعمارية.. وقاد هذا الوضع الذي تعيشه تيسمسيلت، الحكومة إلى عقد اجتماع خاص بمقر هذه الولاية شهر نوفمبر من عام 2022.

وتكون الحكومة آنذاك خرجت بتوصيات قدمت للرئيس تبون، بشأن الطرق والصيغ الممكنة لبعث الروح في هذه الولاية التي همشت وأقصيت ولم يتم الالتفات إليها خلال مرحلة البحبوحة المالية.

وما عرفناه في أعقاب تنقلنا في إرجاء الولاية، أن الوضع السائد بها ظل محل متابعة من قبل السلطات العليا منذ اجتماع الحكومة في نوفمبر من عام 2022. وقد قدم والي تيسمسيلت في معرض إجابته على عدد من أسئلة أعضاء المجلس الشعبي الولائي في الدورة المنعقدة يوم 30 من شهر جانفي الماضي وحضرتها "الخبر"، تفيد أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خص ولاية تيسمسيلت ببرنامج تكميلي خاص يشمل كافة المجالات، بينها الأشغال العمومية، والصحة، والسياحة، والفلاحة، والتعليم.. الخ

 

4 طرق وطنية لكسر أسوار العزلة

 

يقول مدير الأشغال العمومية، زين الدين برجي: "قطاع الأشغال العمومية بتيسمسيلت استفاد من 4700 مليار سنتيم تشمل الطرق الوطنية والولائية والبلديات، فضلا عن إصلاح الانزلاقات.."، موضحا بشأن الطرق الوطنية التي تربط الولاية بكل من عين الدفلى والمدية والجلفة والطريق السيار شرق غرب، قائلا "الطريق الوطني رقم 14 الرابط بين خميس مليانة (عين الدفلى) والعيون بتيسمسيلت على مسافة 84 كم، سيصبح طريقا مزدوجا في إطار البرنامج التكميلي، حصة الولاية من انجاز ازدواجيته هي 33 كم، والغلاف المالي الخاص به متوفر، على أن تنطلق الأشغال بعد إنهاء الإجراءات الإدارية الخاصة بمنح الصفقات، والدراسة الخاصة به أنجزت قبل ظهور البرنامج التكميلي، في حين وصلت الدراسة الخاصة بالشطر المتعلق بولاية عين الدفلى من خميس مليانة إلى العيون بتيسمسيلت إلى 40 بالمائة..".

أما الطريق الوطني رقم 127، يضيف، الرابط بين بلدية العيون بتيسمسيلت حتى قصر البخاري بالمدية على مستوى الطريق السيار شمال جنوب على مسافة 73 كم: هو "مشروع ازدواجية للطريق في إطار البرنامج التكميلي، تتولى حاليا أشغال انجازه شركات وطنية مثل "كوسيدار" و"سابطا" للجسور و (sntp) و(eptt)، ووصلت 20 بالمائة، في حين حددت 18 شهرا كمهلة لانجازه..".

وبشأن الطريق الوطني رقم 120، الرابط بين بلدية العيون بتيسمسيلت وحدود ولاية الجلفة، هو "مشروع ازدواجية للطريق في إطار البرنامج التكميلي والأشغال جارية به بنسبة 30 بالمائة، تتولى انجازه شركات مختلطة خاصة ومؤسسة وطنية وهي شركة جسور باتنة..". كما استفادت الولاية أيضا في إطار البرنامج التكميلي الذي أقره الرئيس تبون من "مشروع آخر في إطار البرنامج التكميلي يتمثل في ازدواجية الطريق الوطني رقم 14 الرابط بين تيسمسيلت وولاية تيارت، وصلت به الأشغال إلى 45 بالمائة، في حين لم تشرع ولاية تيارت في انجاز مقطعها على مسافة 30 كم ولا تزال قيد الدراسة..".

 

ستخلق حركية اقتصادية

 

ويرى مدير الأشغال العمومية أن "الطرقات الوطنية الأربع على طول 136 كم التي حددت لها مهلة نهاية 2025 لتسليمها، ستسهم في خفض الحجم الساعي للتنقل لهذه الولاية، وهو أحد أهم مطالب المستثمرين الأساسية، وبالتالي إنهاء العزلة، ناهيك عن خفض معدل حوادث المرور.."، وتابع ".. ويعني انجاز هذه الطرق الوطنية الأربع، أن يصبح لتيسمسيلت منفذ في القريب العاجل على الطريق السيار شمال جنوب، يسمح بخلق حركية اقتصادية وجلب مزيد من الاستثمارات. أما على المدى المتوسط، حين تكمل ولاية عين الدفلى الشطر المتبقي من الطريق الوطني رقم 14، سيصبح لتيسمسيلت منفذ مباشر على الطريق السيار شرق غرب. وعندما تكمل ولاية الجلفة مقطعها من ازدواجية الطريق الوطني رقم 120 على مسافة 16 كم، يصبح لدينا أيضا منفذ إلى الطريق الوطني رقم 40 الذي سيصبح مستقبلا هو الطريق السيار للهضاب العليا..".

ويعني ذلك أن عروس الونشريس ستصبح منفتحة على الوجهات الأربع، الشرق والغرب والشمال والجنوب، على نحو يخلق حركة تجارية وينشط الجانب الاقتصادي في شقيه الفلاحي والصناعي ويستقطب مزيدا من السياح بما يحسن الجانب الاجتماعي ويصنع إمكانات مستقبل واعد.

 

تقاليد بالية..!

 

ومع ذلك، المشهد العام الذي يشد كل زائر لمدينة تيسمسيلت، هو المقاهي المكتظة عن آخرها منذ الصباح حتى الظهيرة، فهذا (الفضاء) مازال يحافظ على سلطته التقليدية كمكان للالتقاء، ففيه يتبادل سكان القرى والمداشر ما استجد من معلومات محلية. بل على أرض مدينة تيسمسيلت يتقاطع الدين مع الخرافة والشعوذة والطقوس المشوبة أيضا بالجهل والغفلة، ففي ساحة الوئام تحضر الحشود البشرية من كافة بلديات وقرى ومداشر الولاية لحضور بعض حلقات المداحين والبراحين والاستماع إلى النكت الشعبية، وأيضا بعض الخرافات والسلوكيات البهلوانية.

بل إن ما يدعو للدهشة، هو ظاهرة القبب التي لا تزال منتشرة عبر عدد من مناطق الولاية، يتبرك بها الناس وينظرون إليها على أنها مصدر بعض المعتقدات التي تملي عليهم ارتكاب حتى بعض الأعمال المشينة التي لا تكرس إلا الجهل الأعمى: "فيما ينقل مواطنون آخرون شهادات أخرى لأشخاص يزورون تلك القبب ويأكلون التراب"، فكيف تحضر مثل هذه التقاليد الخرافية في منطقة لا تبعد عن العاصمة إلا بنحو مائتي كم؟ إذ كان من المفترض أن يتم توجيه هذا الخزان الهائل من الطاقات الشبانية إلى قطاع الفلاحة والسياحة والخدمات؛ بتحفيزهم وتشجيعهم للالتحاق بمراكز التكوين لتخريج دفعات منهم كمرشدين سياحيين وآخرين مبدعين في الصناعات التقليدية.. الخ

 

سماسرة الانتخابات..!

 

وموازاة مع ذلك، يقر مواطنون من بلديتي سيدي سليمان وبوقايد، أن الشريط المتكون من بلديات سيدي سليمان، بوقايد، لرجام، بني شعيب، بني لحسن، الأربعاء، المعاصم، مازال عبارة عن حزام للبؤس، كونها بلديات جبلية، لا يزال فيها قطاع التعليم بحاجة إلى تأهيل ولا تزال فيها نسبة الأمية مرتفعة جدا، إذ لا يزال تعليم المرأة بها ضمن الطابوهات، وعادة ما يتوقف تعليمهن في الطور الابتدائي، فيما يقول آخرون: إنها بلديات تم إدراجها ضمن البلديات الأكثر فقرا.

والواقع، أن المنتخبين المحليين رفقة بعض رؤساء الدوائر، يتحملون جزءا من مسئولية البؤس الجاثم على الناس، نتيجة شح النقل المدرسي ودرجة الصفر للخدمات الصحية والوضع الكارثي للطرقات وملابسات أخرى ذات صلة بالتعامل مع المواطنين. ويقول قادة ابن بلدية بوقايد "المنتخبون المحليون، ينظرون إلى هذه البلديات الجبلية على أنها خزان انتخابي، ينشط فيها سماسرة الانتخابات ويمطرون الناس بالوعود، وما إن تنتهي الانتخابات، تعود هذه القرى والمداشر إلى بؤسها ويأسها، فهؤلاء لا تهمهم إلا مصلحتهم الشخصية..".

 

مخطط توجيهي.. على الورق!

 

كان يفترض منذ 40 عاما، أن تلقى ولاية تيسمسيلت مصيرا أفضل بالنظر للقدرات الطبيعية التي تزخر بها، كالمواقع السياحية الطبيعية الرائعة غير المستغلة، خصوصا وأن الغابات تغطي 24 بالمائة من إجمالي المساحة، أي 71 ألف هكتار، تشكل وجهة سياحية فريدة في أحضان طبيعة الونشريس، بدل أن تبقى خطابا يردده المسئولون دون أثر. ويرى مدير السياحة خميسي مشوك أن "السياحة بتيسمسيلت مبنية على المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية للولاية المصادق عليه يوم 25/2/2015، هو خريطة طريق لتنمية هذا القطاع حتى أفق 2030، قسم الولاية إلى ثلاثة أقطاب سياحية.. الأول هو ثنية الحد؛ أين تتواجد الحظيرة الوطنية للأرز الأطلسي النادرة، يدعمه في ذلك قطب برج الأمير.. أما القطب السياحي الثاني، يضيف: "يتمثل في المنابع الحموية لسيدي سليمان الواقعة على سفوح جبل الونشريس على بعد 70 كيلومترا إلى شمال مدينة تيسمسيلت ولها خواص علاجية كالروماتيزم، الأمراض الهضمية والجلدية، ولكن بقيت عملية استغلالها تقليدية.. أما الثالث؛ فهو قطب تيسمسيلت الحضري الذي سيصبح همزة وصل بين الوسط وغرب البلاد والوسط الشرقي".

وترافق هذه الأقطاب الثلاثة أقطاب سياحية أخرى داعمة لها، هي القطب السياحي بوقايد، لرجام وبرج الأمير عبد القادر، تهدف جلها إلى تثمين الوجهة السياحية، عقلنة الاستثمار، تحسين نوعية الخدمات وتنمية الشراكة بين جميع الفاعلين.

 

سياحة غير مستغلة

 

وتمثل الغابات أبرز الإمكانات السياحية الطبيعية، وبها الحظيرة الوطنية لثنية الحد، تمارس فيها عدة نشاطات، رياضية، ترفيهية، ايكولوجية، استكشافية، إلى جانب غابة عين عنتر التي توفر فرصا للسياحة الرياضية كتسلق الجبال، المشي، العدو الريفي. ومن بين القدرات الطبيعية الأخرى؛ نجد منابع حموية بمنطقة سيدي سليمان على سفوح جبل الونشريس، وكذا بلدية الملعب، لا تزال إلى غاية اليوم مستغلة على نحو تقليدي، فضلا عن المسطحات المائية، وهي فضاءات رائعة يتردد عليها الزوار باستمرار خلال فصلي الربيع والصيف، كسد بوغارة وسد كدية الرصفة والمجمع المائي سيدي عبدون، إلى جانب مناطق أثرية مدرجة ضمن المسارات السياحية الثقافية، كمنطقة تازة، وعين الصفا، وعين تكرية.

وموازاة مع ذلك، تم اقتراح مناطق توسع سياحي مثل منطقة سيدي بن طمرة بمدينة تيسمسيلت على مساحة 46 هكتارا لانجاز فندقين، وقرى للعطل وإقامة فندقية وفضاء للعب والترفيه ومساحة تجارية، وهو استثمار خاص يسري عليه القانون الجديد للاستثمار. أما بشأن الاستثمار العمومي، فتم تسجيل 7 عمليات، منها 5 جديدة وعمليتان رفع عنها التجميد، فيما تم تسجيل 7 مشاريع ضمن الاستثمار الخاص منحت في إطار حق الامتياز، تتمثل في انجاز فنادق، إقامات سياحية، محطة حموية، حديقة تسلية وترفيه، بينها مشروع بمنطقة ثنية الحد وآخر بسيدي سليمان والباقي بقلب مدينة تيسمسيلت، بعض من أصحاب هذه المشاريع اصطدموا بعراقيل، لكن الوالي تدخل قبل أشهر ووقف إلى صفهم وقرر رفع العراقيل عن انجاز مشاريعهم.

ما عرفناه من لدن مدير السياحة، أن قطاعه استفاد من اليد الممدودة للدولة الماثلة في البرنامج التكميلي، وقال "إذا تم رد الاعتبار لسيدي سليمان، موطن المنابع الحموية في إطار البرنامج التكميلي، ستتحول إلى وجهة سياحية بامتياز..".

وموازاة مع ذلك، يجري الترتيب حاليا لانجاز مشروع خاص بانجاز قرية سياحية ومخيم للشباب بثنية الحد تابع لمديرية الشباب والرياضة، والأمر ذاته بالنسبة لمدينة تيسمسيلت، إذ يرتقب بعد إنهاء أشغال منطقة التوسع لسياحي بسيدي بن طمرة، أن تبرز مشاريع سياحية جديدة بمدينة تيسمسيلت، يدعمها مشروع خاص أيضا يتمثل في حديقة للتسلية والترفيه المتربعة على 14 هكتارا.

وبوسع الزائر لتيسمسيلت أن يكتشف بعدا آخر للسياحة؛ يتمثل في السياحة الدينية بالنظر للزوايا الموجودة، مثل زاوية سيدي بن ثمرة وأضرحة للأولياء الصالحين، فضلا عن الطقوس الأخرى المتعلقة بالحكايات الشعبية، والوعدة ومهرجان الأغنية الشعبية وحلقات المديح والألغاز، ويتساوق ذلك مع خصوصية الإنسان التي تميل إلى التسامح وإكرام الضيف، في وقت تشير فيه مصالح الأمن إلى أن نسبة الإجرام بشكل عام والطلاق ضعيفة جدا.

 

قطار الاستثمار شبه متوقف!

 

وترتب مصالح مديرية الصناعة بتيسمسيلت لبعث الروح في قطار الاستثمار الذي ظل يواجه حالة الفتور منذ عشريات نتيجة أسوار العزلة المضروبة على الولاية، على نحو ترك ارتداداته الوخيمة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وقال مدير الصناعة بالنيابة رشيد طراري: "نحن وفرنا مناخ استثمار في الولاية من جانب توفير أوعية عقارية، وذلك بعد تهيئة مناطق النشاطات لاستقطاب المستثمرين من داخل وخارج الولاية.."، وتابع "عدد ملفات الاستثمار محل دراسة حاليا هي 51 ملفا، تشمل الخدمات، الفلاحة، الصناعة التحويلية، البناء والأشغال العمومية..".

وتستوي عروس الونشريس على أربع مناطق نشاطات، تيسمسيلت، سيدي منصور، عين سدرة بخميستي وثنية الحد، على مساحة إجمالية تتربع على 57 هكتارا. وفي سياق إعادة بعث قطار الاستثمار، استرجعت مديرية الصناعة عقارات غير مستغلة من قبل أصحابها: "حاليا قمنا باسترجاع 80 قطعة أرضية تتربع على 47 هكتارا، ظلت لسنوات غير مستغلة من قبل مستثمرين متقاعسين لعدم احترام دفتر الشروط، على أن تمنح القطع هذه إلى مستثمرين جدد في إطار القانون الجديد..".

وإلى غاية اليوم، تحصي الولاية 10 مستثمرين فقط موزعين عبر مناطق النشاطات الأربعة، إلا أن القائمين على تسيير قطاع الصناعة يعولون على قطاع الأشغال العمومية من جانب فتح الطرقات الوطنية.. إذ استفاد قطاع الصناعة في إطار البرنامج التكميلي من عمليتين، تتعلقان باستحداث مناطق نشاطات بمحاذاة الطرق الوطنية المزدوجة، كالطريق الوطني رقم 120 الرابط بين تيسمسيلت والجلفة، والطريق الوطني المزدوج رقم 127 الرابط بين تيسمسيلت والمدية.

والواقع أن حالة الفتور التي تعتري مجال الاستثمار، ألقى بتداعياته على الجانب الاجتماعي والاقتصادي من جانب تزايد عدد العاطلين عن العمل، سواء من أصحاب الشهادات خريجي الجامعات أو ومعاهد التكوين، أو ضمن الفئات الأخرى. ويقول رضا، شاب اعتاد على بيع الهواتف النقالة بساحة 1 نوفمبر بقلب المدينة: "غالبية الشباب العاطل أصبحت وجهته الأولى هي التنقل إلى الولايات المجاورة، لعله يظفر بمنصب شغل ولو مؤقتا..".

 

سوق التشغيل شحيح..

 

وترسم مديرة التشغيل بالولاية طالب العالية، لوحة قاتمة عن واقع التشغيل في ظل شح الفرص، وتقول "حوض التشغيل هو ما تجود به المنطقة، وهو حوض شحيح، لأن المنطقة بحكم موقعها الجغرافي، هي معزولة، فضلا عن غياب نسيج صناعي، لأن سوق التشغيل يسير بالتوازي مع الاستثمار، إذ أن عروض العمل شحيحة وعدد المؤسسات الموجودة تعد على الأصابع، لكن بحكم الجهود المبذولة لفك العزلة نرتقب تحسنا في الوضع الاجتماعي والاقتصادي مع الوقت..".

إذ بلغ عدد طالبي العمل خلال سنة 2023، حسب المستويات، 26325 طلب، منهم دون مستوى وحاملي شهادات التكوين المهني وأصحاب شهادات جامعية. فيما بلغ عدد عروض العمل في القطاع الكلاسيكي، 3697 عرض. ففيما قدمت مؤسسات اقتصادية عمومية 481 عرض، قدمت مؤسسات خاصة 3196 عرض، 90 بالمائة منها تعود لمقاولات.. وقالت "معظم العروض لا تلبى نتيجة عزوف طالبي العمل عن الالتحاق بالقطاع الخاص نتيجة الذهنيات السائدة بالمنطقة، التي ترفض العمل المؤقت..".

وتضاعف عدد طلبات العمل منذ دخول جهاز منحة البطالة حيز التنفيذ أواخر فبراير من عام 2022، وكذا جهازي المساعدة على الإدماج المهني والإدماج الاجتماعي لحاملي الشهادات. أما في القطاع الإداري، فقد تم إدماج 4853 شخص منذ 31/2/2023، أي منذ صدور المرسوم التنفيذي 2019/336 المتضمن إدماج المستفيدين من جهازي الإدماج المهني والاجتماعي. فيما تم إدماج 187 مستفيد من أصل 239 في القطاع الاقتصادي. وأشارت إلى أن مصلحتها تحاول التنقيب عن مناصب العمل عبر مفتشية العمل والفرع الولائي للتشغيل، فضلا عن بعض المبادرات مثل تقديم تحفيزات وأيام دراسية وحملات تحسيسية لمختلف الأطراف.

وبوسع الزائر لعدد من بلديات تيسمسيلت الجبلية مثل المعاصم، سيدي سليمان، ثنية الحد، عماري.. الخ، أن يقف على النقص الفادح للهياكل الصحية، في وقت يشير فيه مواطنون إلى أن عديد العيادات والمستوصفات تفتقر إلى سيارات الإسعاف، فيما يتزايد من يوم لآخر الضغط على المستشفى الرئيسي للمدينة في ظل غياب الهياكل، إلا أن مدير الصحة للولاية فاطمي بهادي الذي استقبلنا بمكتبه، بدا متفائلا بآفاق الصيرورة المستقبلية لقطاع الصحة مستقبلا.

 

قطاع الصحة.. انفراج

 

وقال "قطاع الصحة بولاية تيسمسيلت تدعم بفضل البرنامج التكميلي لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بعدة هياكل جديدة، إذ أنه قام برفع التجميد عن المؤسسة الاستشفائية لـ240 سرير، متعددة التخصصات منها طب الأورام، الطب النووي، مصلحة تصفية الدم، والعملية في مرحلة الإعلان عن صفقة الانجاز. هذا المستشفى عمليته سجلت سنة 2013 بمبلغ 4 مليار دج، واليوم بعد إعادة تقييم المبلغ تم رفعه إلى أزيد من 7 مليار دج ككلفة إجمالية لانجازه.."، قبل أن يضيف "كما تم في إطار البرنامج التكميلي إعادة بعث المستشفى البديل ببلدية ثنية الحد من 120 سرير، الدراسة الخاصة به على وشك الانتهاء، وذلك بعد رفع التحفظات التي أقرها مكتب الهندسة المعمارية التابع لوزارة الصحة، وأضيف له طب الأورام ومصلحة تصفية الدم..".

أما المستشفى الثالث، يضيف، فيقع ببلدية لرجام، إذ رفع عنه التجميد، يستوعب 60 سريرا، بلغت نسبة الانجاز به 85 بالمائة. كما "استفادت تيسمسيلت أيضا في إطار البرنامج التكميلي من إعادة الاعتبار لـ6 عيادات متعددة الخدمات (الترميم والتهيئة) عبر تراب الولاية، تتواجد بكل من بلديات ثنية الحد، سيدي سليمان، المعاصم، سيدي عابد، برج بونعامة، عماري، فضلا عن انجاز عيادة متعددة الخدمات ببلدية العيون..".

 

خطة طبية للمناطق الريفية

 

ويرتب مدير الصحة حاليا لضبط خطة التكفل بساكنة حزام القرى والمداشر الواقعة في المناطق الجبلية المعزولة، التي عادة ما تصطدم بصعوبة التنقل لإجراء فحوصات وتلقي العلاج، في ظل افتقار القطاع لسيارات مدرعة مجهزة لتقديم خدمة عمومية ذات نوعية: "لقد اقترحت على الوالي دعم القطاع الصحي بسيارات مدرعة مجهزة بمخبر مصغر وجهاز التصوير بالأشعة لمتابعة المرضى ومرافقتهم من قبل الأطباء الأخصائيين.. كما اقترحنا تجهيز قاعات العلاج بالطاقة الشمسية في ظل افتقارها للكهرباء بالمناطق الريفية.."، يقول.

وتم قبل نحو شهر إبرام اتفاقيات توأمة مع المؤسسات الاستشفائية بوهران لأجل إجراء عمليات جراحية، تخصص طب وجراحة الأطفال وجراحة النساء والتوليد والأنف والأذن والحنجرة. وينظر مدير الصحة لولاية تيسمسيلت على أن طبيعتها الجغرافية التي تضم أعلى قمة جبلية بها، مؤهلة لاحتضان مؤسسة استشفائية متخصصة في الأمراض التنفسية وأمراض الرئة.. ويرى أن البرنامج التكميلي الذي قدم أيضا 30 سيارة إسعاف للقطاع، أنقذ تيسمسيلت من حيث الهياكل والمنشآت الصحية.

 

ملابسات في برمجة رحلات القطار!

 

ومع ذلك، الداخل اليوم لمدينة تيسمسيلت، يقف على بعض المشاهد الجديدة التي تعد مكاسب جديدة للولاية، مثل خط النقل بالسكة الحديدية من تيسمسيلت إلى بوغزول بالمدية، ولو أن السكان يتساءلون عن المنطق الذي استند إليه القائمون على تسيير محطة القطار في برمجة رحلاته التي قالوا عنها إنها غير ملائمة.. ويقولون: القطار يصل من بوغزول في حدود العاشرة صباحا إلى تيسمسيلت، ويعود من هذه الأخيرة إلى بوغزول عند الساعة الرابعة زوالا، وهذا التوقيت غير ملائم تماما بالنسبة لمن يعمل وحتى لمن يدرس وحتى للسياح.. ويتساءل البعض: لماذا لا يتم برمجة رحلات من تيسمسيلت إلى تيارت باتجاه وهران، أو تيسمسيلت وهران عبر ولاية تيارت؟

 

مدينة جديدة..

 

أما المشهد الآخر، فيخص امتداد المدينة على نحو لافت بالنظر لتوسع الحظيرة السكنية وبروز حركية لافتة في ميدان السكن، بينها نحو 2300 سكن أنجز في إطار عدل 1، إضافة إلى أزيد من 3000 سكن اجتماعي وهش، وقل الوالي "إن سنة 2024 ستكون سنة القضاء على السكن الهش، إنها سنة اجتماعية بامتياز.."، ويرتقب أن يكون آخر أجل لتسليم السكنات المنجزة، شهر جويلية المقبل، فيما يرتقب الشروع في تلك غير المنجزة شهر أفريل القادم.

وموازاة مع ذلك، دخلت عدة ورشات في سباق مع الوقت لانجاز المدينة الجديدة ببومنقوش التي ستتسع * حسب الوالي فتحي بوزايد – لـ49 آلف وحدة سكنية، مدعمة بكافة المرافق، يتم انجازها في إطار برنامج تكميلي، يضم حيا إداريا، ويجري الترتيب حاليا لاختيار ما قوامه 20 مكتب دراسات.

 

إسعاف الساكنة بالماء..

 

وشمل البرنامج التكميلي إسعاف ساكنة المدينة بالماء الشروب، من جانب استفادتها من عمليات ممركزة كاستلام بئر في الأيام المقبلة والترخيص لحفر 10 آبار أخرى لدعم الساكنة بمياه الشرب والفلاحين بمياه السقي، ناهيك عن عملية تحويل من ولاية الشلف إلى تيسمسيلت، خصوصا وأن ساكنة المدينة يتزودون بماء الشرب بمعدل مرة واحدة كل ثلاثة أيام. ويشير مدير الموارد المائية ياسين بلبالي، إلى وجود "شح في المياه الجوفية بالمنطقة، لذلك هي تتمون حاليا من سد كدية الرصفة بتيسمسيلت وسد دردر بولاية عين الدفلى، وتم اقتراح مشاريع في إطار البرنامج التكميلي تتضمن عمليات ممركزة لتموين الولاية بحقول مياه جوفية بمنطقة الرشايقة بولاية تيارت، وحاسي لفدول التابعة لولاية الجلفة..".

ويرتقب أن يكون لهذا البرنامج التكميلي الذي شمل أغلب القطاعات، الأثر الكبير في غضون العامين المقبلين على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، كونه سيسهم في كسر أسوار العزلة ويهدم أحزمة الفقر ويصالح الساكنة مع آفاق الصيرورة المستقبلية الواعدة.

 

كلمات دلالية: