38serv

+ -

عجزت الكثير من العائلات عن اقتناء أضحية عيد الأضحى نظرا لارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية وتزامن هذه المناسبة الدينية مع الدخول الاجتماعي، فلجأ أغلب المواطنين إلى صيغة البيع بالتقسيط، رغم أن متوسط أسعارها فاق الـ55 ألف دينار، على غرار الشركة الوطنية للحوم الحمراء التي تحولت عشية العيد إلى حلبة مصارعة بين الزبائن للظفر بكبش يدخل الفرحة في نفوس أطفالهم، ويحفظ ماء الوجه أمام الأهل والجيران. عقارب الساعة تشير إلى منتصف النهار، حركة نشيطة بالقرب من الشركة الوطنية الجزائرية للحوم الحمراء التي تعرف اختصارا بـ”لاطروك” ببلدية بئرتوتة في العاصمة. أصحاب العصي “الغليظة” انتعش نشاطهم وهم يركنون سيارات الزبائن في مزرعة مملوءة بالسيارات قرب أبواب الشركة الوطنية، نساء..رجال وأطفال يجولون وسط الإسطبلات بحثا عن كبش عيد يحفظ لهم ماء وجههم.ارتفاع الأسعار لا يهمبمجرد دخولك السوق تجد لائحة كبيرة مدونا عليها مختلف الأسعار انطلاقا من 34 ألف إلى غاية 80 ألف دينار جزائري، وهي ثابتة ولا مجال للتفاوض بين البائع والزبون. وقال أغلب الزبائن الذين اقتربنا منهم في بهو ذلك السوق إن الأسعار غير معقولة مقارنة بحجم الخراف ووزنها، كما أنها ليست في متناول الجميع، على غرار أحدهم التقيناه خارجا يلتفت يمينا وشمالا ويتمتم بكلمات توحي بعدم رضاه عن الأسعار المعروضة “أثمان غير معقولة..مرتفعة جدا، هذه هي السمسرة بأم عينها”، وانصرف مفضلا اللجوء إلى الباعة الخواص الذين هم كذلك ترتفع الأسعار لديهم، إلا أنهم يتركون له مجال التفاوض، حسبه، كما أن أسعارهم تخضع لمرونة العرض والطلب وليست ثابتة.لم ترض أسعار الشركة الوطنية أغلب الزبائن الذين تدافعوا على أبوابها منذ الساعات الأولى من الافتتاح، وأجمع جلهم على أنها ارتفعت بشكل ملفت مقارنة بالموسم الماضي ومقارنة بما يعرض في السوق الموازية، إلا أن فئة أخرى بدت راضية كل الرضا عن ما وجدته معروضا، ويتعلق الأمر بفئة الموظفين التابعين إلى بعض مؤسسات القطاع العام، هذه الأخيرة تكون قد أبرمت اتفاقية مع الشركة الوطنية “لاطروك”، يسمح لعمالها بدفع ثمن الأضحية بالتقسيط بنسبة 25 في المائة من سعر الكبش لمدة أربعة أشهر متتالية، وهي اتفاقية أنقدت الكثير من العمال الذين أقبلوا على اقتناء أضحيتهم من الشركة الوطنية من دون تفكير، بغض النظر عن ارتفاع ثمنها “خاصة في ظل غلاء المعيشة وتداخل المناسبات المتتالية تزامنا مع الدخول الاجتماعي”، على حد قول رب أسرة لم يجد حلا أمام عجز قدرته الشرائية، سوى اللجوء إلى التقسيط، ولعله كان محظوظا مقارنة بموظفين آخرين لم يجدوا أسماء شركتهم في قائمة الشركات المبرمة للاتفاقية.تهافت وشجار على كبش العيدتدافع الزبائن، أول أمس، منذ ساعات الافتتاح الأولى على المقر الاجتماعي للشركة، وراحوا يتسارعون على اختيار رقم كبش عيدهم، ما أدى إلى نشوب بعض النزاعات بينهم، ووقفت “الخبر” عند حالة شجار مماثلة بسب كبش عيد “أسود”، بعد أن وقع اختيار أحدهم عليه، لكنه سرعان ما تفاجأ عندما قدم زبون آخر أفاده بأن الكبش ملك له بحجة أنه سبقه إلى اختياره وقام بإجراءات الشراء اللازمة، حينها نشب شجار بينهما حتى كاد يتحول إلى عراك حقيقي لولا تدخل بعض العقلاء.وما شد انتباهنا أكثر خلال جولتنا، هو نفاد فئة رؤوس الغنم المقدر سعرها بـ58 ألف دينار بعد دقائق من الافتتاح، وهو متوسط الأسعار التي تم عرضها، كما أن الزبائن شكّلوا طوابير طويلة أمام شباك إنهاء إجراءات الشراء اللازمة واضطر أغلبهم إلى الانتظار لمدة فاقت الساعة.ولعل سبب نشوب تلك الصراعات بين الزبائن يكمن في أسعار الأغنام الموحدة والثابتة رغم تباين وزنها، التي أدت إلى تسارعهم على اختيار أفضل ما يعرض قبل فوات الأوان، حسب أحد الزبائن الذي قال إن “الرؤوس الجيدة” انتهت في الفترة الصباحية. التقسيط لعمال القطاع العمومي فقطخصت عملية البيع بالتقسيط فئة معينة من العمال المنضوين في القطاع العمومي، وفي هذا السياق أفاد المدير التقني والتجاري للشركة الوطنية للحوم الحمراء بفرعها ببئر توتة في العاصمة، بلال حاجي، لـ”الخبر”، بأن “الشركة قامت بإبرام اتفاقية مع مسؤولي بعض الشركات لاستفادة عمالها من عملية شراء أضحية العيد بالتقسيط”.وعن عدم تعميم العملية على جميع المواطنين، قال: “نحن نتعامل مع رؤساء الشؤون الاجتماعية للمؤسسة وهذا لضمان سير العملية في الظروف الملائمة”، مشيرا إلى أن “الشركة وجدت صعوبات خلال المواسم الماضية في تحصيل مستحقاتها من بعض الزبائن”.وفي رده على سؤال حول ارتفاع أسعار إنتاج الشركة مقارنة بالموسم الفارط، قال المتحدث إن “الأسعار حددت بعد دراسة معمقة لإرضاء الطرفين (الشركة والزبائن الذين يدفعون الثمن بالتقسيط)”، مضيفا أن الشركة قامت بالتحضيرات اللازمة منذ أسابيع سواء تعلق الأمر بالدخول في مرحلة التسمين المتراوحة بين 60 يوما على 90 يوما، أو المراقبة البيطرية، وذلك لإنجاح العملية من جميع جوانبها التقنية والتجارية وكذا إرضاء الزبائن.وحول عدد الرؤوس المعروضة في نقطة بيع بئر توتة، كشف محدثنا أنه تم جلب أكثر من 1700 رأس من مراكز إنتاج الشركة الموزعة على 3 ولايات، ويتعلق الأمر بولاية الجلفة والأغواط والبرواڤية، كما أنه سيتم جلب دفعة جديدة مقدرة بـ1300 رأس آخر. أما في حال ارتفاع الطلب على التوقعات ومواصلة ارتفاعه بنفس الوتيرة التي شهدها خلال اليوم الأول، رد حاجي قائلا: “سنلجأ حينها إلى بعض الموالين المعتمدين لدى الدولة لتغطية العجز”.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات