+ -

بدت علامات الصدمة على وجوه من استجوبتهم “الخبر”، بعد يوم من اعتداءات باريس، والذين كانوا داخل الملعب الفرنسي الدولي “ستاد دو فرانس”، حيث بالكاد واصل هؤلاء المستجوبين حديثهم في جمل كاملة، إذ تقطعت عباراتهم في كل مرة، تخللتها تنهيدات باستمرار لهول الصدمة، كما تمت ملاحظة فتور بالنسبة لحركة المرور مقارنة بنهاية الأسبوع في باريس. كانت مقاطعة سان سانت دوني بالعاصمة باريس نوعا ما خالية، وحتى على مستوى بعض المساجد التي ألغت دروسها وأغلقت مدارسها للغة العربية وحفظ القرآن، وكذا المراكز التجارية التي عرفت هي الأخرى عملية تفتيش واسعة وحالة من القلق والرعب وسط الوافدين عليها خوفا من وقوع انفجارات بداخلها.والتقت “الخبر” الشاب الفرانكو - جزائري، رمري محمد علي الفاروق، الذي روى لنا ما شاهده عندما كان في ملعب فرنسا الدولي قائلا: “لقد وصلت متأخرا بعد خمس دقائق من المقابلة التي كانت قد بدأت في حدود التاسعة مساء، وعندها سمعت دوي انفجار أول بعد 17 دقيقة، ثم الثاني، لكنني لم أعتقد أن الأمر خطير. وتابعت المقابلة. ولكن بعد مرور 85 دقيقة رغبت في مغادرة الملعب من أجل تناول سندويتش بـ«كويك”، حيث تم الانفجار الثالث، ولكنني عندما وصلت عند باب المخرج “ج” تفاجأت برجال الشرطة الذين طوقوا المكان وأغلقوا الباب، فقمت بتغيير الاتجاه والخروج من باب آخر في الجهة المعاكسة للملعب، وعندها وجدت فرقة أخرى من رجال الشرطة تحاول تجميع الناس في شكل مجموعات لا تجاوز الحزام الأمني، وهو ما لم أحترمه وتمكنت من اختراقه ومغادرة الملعب باتجاه الطريق السريع وليس وسط العاصمة، لأنني أدركت أن هناك أمرا خطيرا، لكنني لم أتمكن من معرفة أي شيء، كوني نسيت هاتفي النقال وكنت خارج التغطية، كما أنني لم أجد وسائل النقل ولا حتى سيارات الأجرة”.أما الشابة الفرنسية لييا فيرناسو، فقالت لـ«الخبر”: “إنني تحت وقع الصدمة، وهي المرة الأولى التي أتابع فيها مباراة كروية بستاد دو فرانس، لكنها ستكون الأخيرة. ولقد ذعرت من شدة ما رأيت، ولقد شاهدت الجميع يجري في كل الاتجاهات وآخرين نزلوا إلى أرضية الملعب وتم احتجازهم، ولم أتمكن من مغادرة الملعب وذهبت مشيا على الأقدام إلى غاية بورت لا شابيل، حيث تمكنت من الالتقاء بشقيقي، كما رأيت السيارات تتوقف وتقل على متنها كل من تجده في الطريق يمشي خوفا من وقوع أحداث أخرى ومساعدة لهؤلاء الأشخاص، لكنني لن أنسى هول المنظر وسط صفارات سيارات الإسعاف والشرطة والصراخ هنا وهناك، ناهيك عن دوي الانفجار وبعض الجثث مرمية على حافة الطريق. ولم أر ذلك حتى في أفلام الرعب التي شاهدتها في حياتي.وفيما يخص المارة من أعضاء الجالية المسلمة بسان سانت دوني، فقد كثرت الإشاعات بينهم بوجود انفجار في بانيوليه ومطاردة سيارة في الشوارع القريبة، ووجود سيارة مشكوك فيها تحوم وسط الأحياء، ناهيك عن نصائح الحيطة والحذر بين بعضهم البعض، وهي مشاهد تحسس المتجول في هذه المقاطعة المعروفة بحركيتها المتميزة، لاسيما نهاية الأسبوع، بنوع من الرعب والفزع خوفا من حدوث أي عمليات مفاجئة، ما يوحي بأن داعش هي من أعلنت الحرب على فرنسا وأرهبت مواطنيها بزرعها الرعب داخل أنفسهم”.جزائريو فرنسا يخشون الانتقامفضل الكثير من الجزائريين تأجيل رحلاتهم إلى العاصمة الفرنسية باريس، بسبب الأزمة الأمنية عقب الهجمات الإرهابية، فيما بدت علامات الخوف على عدد من العائدين، أمس، إلى الجزائر عبر رحلتين جويتين قادمتين من ليون وباريس، والذين التقت بهم “الخبر”. ظهرت علامات الذهول على الكثير من المسافرين القادمين، أمس، من بعض المطارات الفرنسية، عبر رحلات جوية كانت مبرمجة قبل الأحداث المأساوية. وأكد فاروق، القادم عبر رحلة جوية تحمل الرقم 1954 والقادمة من مطار “شارل ديغول”، أن الأجواء السائدة في باريس “تشبه حالة الحرب”، ويؤكد أن أعوان الجيش والشرطة ينتشرون عبر كامل أرجاء ضواحي باريس. ووصف نفس الشخص مطاري باريس “أورلي” و«شارل ديغول” بما يشبه الثكنة، حيث يتعرض كل المتوافدين عليهما لتفتيش دقيق، سواء تعلق الأمر بهوية الأشخاص أو تفتيش الأمتعة. أما فاطمة، وهي من منطقة القبائل، فأكدت لنا أنها تركت قلبها عالقا في باريس، حيث يتواجد أبناؤها، وهي التي قدمت إلى الجزائر لقضاء بعض الأمور الإدارية. وتتخوف فاطمة من أن يتعرض أبناء الجالية الجزائرية بباريس وبعض المدن الفرنسية لعمليات انتقامية من قبل بعض المتطرفين. ولا تختلف أجواء باريس عن ليون، حسب ما أكده لنا محمد، القادم عبر رحلة جوية تحمل رقم 1037، والذي أكد لنا أن الأجواء مشحونة حتى في ليون التي كانت بعيدة عن عمليات إرهابية. وأكد لنا أن أفرادا من الجيش انتشروا أمام بعض المساجد والمصليات منذ الساعات الأولى من صباح أمس، مضيفا أن جميع المسافرين يتعرضون لتفتيش دقيق ودون استثناء. وفي الشباك الخاص بشركة الخطوط الجوية الجزائرية، أكد لنا أحد الموظفين أنه لم تطرأ أي تغييرات بالنسبة للرحلات الجوية، مضيفا أن الرحلات ستستمر على الشكل المحدد لها، في وقت يتوقع أن يؤجل بعض المسافرين الجزائريين رحلاتهم نحو مطارات فرنسا، وأيضا بعض الدول الأوروبية، تجنبا لتعرضهم إلى مضايقات أو اعتداءات، مفضلين الانتظار إلى ما بعد هدوء هذه الأزمة. في ذات السياق، أكد لنا ذات المتحدث أنه تم فعلا تسجيل تأخر العديد من المسافرين عن رحلاتهم المبرمجة. وقال إنه يتوقع أن تستمر حالة التوتر فترة طويلة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: