العالم

حفل زفاف يعري المخزن

لطالما كان نظام المخزن ملاذًا للعديد من زعماء تهريب المخدرات، تماما كما أضحت الإمارات العربية المتحدة وجهة مفضلة للأشخاص المطلوبين بسبب عضويتهم في مافيا موكرو أو عصابة البلقان.

  • 33497
  • 4:11 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

أكد المغرب أنه دولة مخدرات، ولم تعد هناك حاجة إلى تقديم الروابط المؤكدة بين أجهزة الاستخبارات والأمن وشبكات الاتجار بالمخدرات.

 وحسب صحيفة "إل إنديبندينتي" الإسبانية، بدأت أجهزة الأمن الأوروبية تحقيقاتها في هذا الصدد، في أعقاب الأحداث التي أحاطت بحفل زفاف أحد أباطرة المخدرات الملقب بموسى، في بلدة أزغنغان قرب الناظور شرق المملكة.

وأُقيم حفل الزفاف في هدوء تام، بحضور أخطر زعماء المخدرات المطلوبين من هولندا وفرنسا وإسبانيا، ما أثار غضب أجهزة مكافحة المخدرات في العديد من الدول الغربية.

 وحضر الحفل أبرز تجار المخدرات المطلوبين من هولندا وفرنسا وإسبانيا. قدموا من دبي، عاصمة السياحة في الإمارات العربية المتحدة، حيث أقام العديد منهم لسنوات، ومن مناطق أخرى في المغرب، ومن أماكن أخرى.

ولطالما كان نظام المخزن ملاذًا للعديد من زعماء تهريب المخدرات، تماما كما أضحت الإمارات العربية المتحدة وجهة مفضلة للأشخاص المطلوبين بسبب عضويتهم في مافيا موكرو أو عصابة البلقان.

ومع ذلك، اتخذت فرنسا وإيطاليا في الأشهر الأخيرة خطوات للتعاون مع هذا الاتحاد المكون من سبع إمارات، وعيّنتا قاضي اتصال هناك لبدء تسليم بعض أباطرة المخدرات، وفقا لمصادر معنية بمكافحة الجريمة.

 وبالنسبة للمحققين الأوروبيين، فالتعاون بين أجهزة الاستخبارات المغربية وتهريب المخدرات شامل وكامل. وأنه يُشبه الوضع في كولومبيا في التسعينيات من القرن الماضي.

 وفي هذا السجل، تجدر الإشارة إلى أن تجارة المخدرات تُشكل إحدى التحديات الرئيسية في الحرب المفتوحة في أعقاب حرب خلافة محمد السادس بين جهازي المخابرات الرئيسيين في نظام المخزن، من جهة، المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، أي الاستخبارات الداخلية، برئاسة عبد اللطيف الحموشي، ومن جهة أخرى، المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، أي الاستخبارات الخارجية، بقيادة ياسين المنصوري، الصديق المقرب للملك محمد السادس منذ الطفولة.

 وفي الأشهر الأخيرة، اتهمت وسائل إعلام تابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) مسؤولين في المخابرات الخارجية بالتورط في تهريب المخدرات.

وصرح مصدر مغربي مقرب من نظام المخزن لصحيفة "إل إنديبندينتي" الإسبانية: "الأمر الرئيسي ليس الصراع بين الأجهزة السرية، بل اتهام أحد الجهازين للآخر بتهريب المخدرات. هذا اعتراف رسمي تقريبا وحدث غير مسبوق".

 وفي ظل هذا الصراع المتزايد الأهمية، يكتسب حفل زفاف البارون موسى، الذي أُقيم في 13 أوت الفارط، أهمية أكبر. تخلّل الحفل سيارات فاخرة دون علامات، وأسلحة، وثروة طائلة، ومأكولات بحرية متنوعة، وحتى أشهر مغنيي البلاد، وتابعه أكثر من 10 ملايين شخص على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأعرب بعض المغاربة عن غضبهم على مواقع التواصل: "أين السلطات؟ أين وزارة الداخلية؟ من سمح بهذا؟ لماذا لا يُعتقل من أطلقوا النار؟". ووفقا لمعلومات وردت إلى صحيفة "إل إنديبندينتي"، فإن معظم الأشخاص الـ 34 الذين أُلقي القبض عليهم خلال المداهمات التي نُفذت بعد أيام قليلة، أُلقي القبض عليهم لمطالبتهم باستقلال الريف، وليس لهم أي علاقة بأباطرة المخدرات. وذكرت وسائل إعلام إسبانية نقلا عن مصادر مغربية أن "تجار المخدرات أكدوا أن حفل الزفاف كان أفضل من حفل زفاف الملك".

وبدأت الشرطة الأوروبية بإرسال مخبرين إلى المنطقة للتحقق من المعلومات لمعرفة هوية المختبئين ومكانهم.

 ويُعتقد أن سيرجيو خيسوس كاراسكو موجود في المغرب. هذا الإسباني مسؤول عن تهريب كميات كبيرة من الكوكايين عبر نهر الوادي الكبير. وهو هارب من إسبانيا منذ عام 2017.

وأيضا كريم بويخريشان، المطلوب من هولندا لتهديده بقتل ولي عهد هولندا، أماليا دي أورانج، موجود أيضًا في المغرب. ورغم اعتقاله في مالقة، إلا أن خطأً قضائيا غامضا أدى إلى إطلاق سراحه وهروبه. وتم تسجيل خطأ قضائي ثان هذا الأسبوع، مما أدى إلى إطلاق سراح فراس تاغي، الذي طلبت هولندا تسليمه.

 وفي النهاية، حضر العريس موسى حفل زفافه بكل أريحية، تحت تأثير المخدرات، كما فعل بعض ضيوفه، وهم أيضا تجار مخدرات مغاربة. وبالنسبة للبعض في المغرب، يُرسل هذا العرض الجريء والمُبجّل للزواج - وهو استعراض للمال والنفوذ- رسالة مفادها: "نحن هنا، لا أحد يستطيع الاقتراب منا"، "موسى ليس مجرد شخص... إنه نظام كامل".

ووقعت الحادثة في قلب الريف، إحدى أفقر مناطق المغرب وأكثرها تهميشا، في قلب الهوة التي تفصل المغرب الحضري عن الساحلي، المتمتع بمزايا تطوير البنية التحتية، عن المغرب الريفي. أرض خصبة للتجارة غير المشروعة.

وصرّح الصحفي الاستقصائي المغربي هشام المنصوري لصحيفة "إل إنديبندينتي" قبل عام: "لعقود، كانت زراعة القنب وسيلة للتعويض عن فشل سياسات التنمية في الريف، المنطقة الجبلية ذات التضاريس الوعرة". ومن بين النظريات التي تدرسها الشرطة الأوروبية أن تجار المخدرات اختاروا نقل قاعدة عملياتهم وحتى مقر إقامتهم إلى المغرب، مستغلين الشعور بالإفلات من العقاب الذي توفره أحداث مثل هذا الزفاف.

 وكدليل على تعاون أجهزة المخابرات والأمن المغربية، السلبية والعجز عن إلقاء القبض على أحد أباطرة المخدرات، والذي صدرت بحقه عدة أوامر اعتقال.

وتدخلت الحكومة بعد انتهاء الأحداث وأبلغت موسى بضرورة مغادرته. وسهّلت مغادرته منطقة الريف. وتُدار هذه المنطقة أمنيا بنفس طريقة إدارة الصحراء الغربية. الفرق الوحيد هو أن الريف يخضع لإشراف وزارة الداخلية، بينما تُدار الشؤون الأمنية في الصحراء الغربية من قِبل المخابرات العسكرية بالتعاون مع جهات أمنية أخرى، يُضيف مصدر آخر.

 ويُلخص مصدر مغربي في صحيفة "إل إنديبندينتي" الوضع قائلاً: "كان من بين المعتقلين بعض ممن حملوا أعلام الريف، بينما أطلق آخرون النار احتفالا بالزفاف. وكان من الممكن أن تسير الأمور على ما يُرام، لكن استخدام الذخيرة الحية خلال التظاهرات دفع بعض الجهات الحكومية إلى التحرك".

 وبعد تدخل قوات الأمن، فرّ موسى مع زوجته إلى السواحل الإسبانية. وتلقى اتصالا يحثه على الفرار إلى إسبانيا، وهو موجود حاليا في إحدى دول أوروبا. وما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أثار ردود فعل لدى بعض قطاعات الدولة المغربية، ليس سعيا للقبض على الجناة، بل للتغطية عليهم وحماية أنفسهم من قضايا أخرى.