حاورته: رشيدة دبوب
أكد المدير العام للمعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية، فؤاد بن جدو، أن الجنوب الكبير يمثل ثروة وطنية حقيقية، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته زراعة مختلف المحاصيل في مناطقه، حيث دعا، في حوار خص به جريدة "الخبر"، إلى ضرورة الاستغلال العقلاني للمياه الجوفية، باعتبارها عاملا أساسيا في نجاح الزراعة بالجنوب، لضمان استفادة الأجيال المقبلة منها. كما أبرز المتحدث الدور الذي يضطلع به المعهد في مرافقة الفلاحين، من خلال تكوينهم في أحدث التقنيات الزراعية العلمية، بما يُسهم في رفع الإنتاج وتحسين نوعيته في وقت قياسي، مشيرا إلى أن استلام العتاد الجديد، الذي سمح باستيراده مؤخرا، سيحدث فرقا نوعيا ويحول الجنوب إلى وجهة إنتاجية رائدة.
للعام الثاني على التوالي، يحقق الجنوب نتائج استثنائية في الإنتاج الفلاحي، على رأسها الحبوب. ما تعليقكم؟
الجنوب الكبير أثبت أن كل نبتة تزرع فيه تكتب لها فرص كبيرة في النجاح، لأن عوامل النجاح متوفرة: المناخ الملائم، الأراضي الشاسعة، أشعة الشمس والمياه الجوفية التي تُستغل في السقي. ما يضيفه الإنسان من مدخلات مثل الأسمدة واليد العاملة المؤهلة يُكمّل هذه المعادلة الناجحة. والدليل الأكبر على ذلك هو الإنتاج اللافت للحبوب، خاصة القمح الصلب.
ولو عدنا إلى تاريخ الزراعة في الجنوب، لوجدنا أن النخيل يمثل أنجح نموذج، إذ تنتج منه اليوم تمور "دڤلة نور" ذات الشهرة العالمية والتي لا منافس لها. هذه الشجرة الناجحة أصبحت اليوم مظلة تحتها تزرع محاصيل أخرى، حيث توفر مناخا خاصا يسهم في نجاحها وإعطاء محاصيل مهمة سنويا. واليوم، نرى نجاح زراعات استراتيجية مثل البنجر السكري، الذرة وعباد الشمس.
بصفتكم مشرفا على معهد تقني متخصص، ما هو سر هذا النجاح في نظركم؟
الصحراء تحتوي على أراضٍ رملية، لكنها تعطي نتائج مذهلة عندما يُتبع المسار التقني الصحيح لأي زراعة. المسار التقني يتطلب احترام توقيت الزرع بدقة، لأن أي تأخير قد يؤثر سلبا على جودة وقوة المحصول. اختيار البذور الجيدة، استعمال الأسمدة في وقتها، كلها عناصر أساسية للنجاح. هذا ما نحرص عليه اليوم، لاسيما في زراعة الحبوب، وهو ما مكّن الفلاحين من تحقيق نتائج باهرة.
لا يمكن الحديث عن الزراعة في الجنوب دون التطرق إلى المياه الجوفية، ما تعليقكم؟
المياه الجوفية ثروة حقيقية وأساسية، وهي السبب الرئيسي في الانطلاقة الفلاحية التي عرفها الجنوب. يجب التعامل مع هذه الثروة بكثير من الوعي، لأن التبذير سيهدد ديمومتها. من المهم اعتماد تقنيات السقي الحديثة كالتنقيط والرش المحوري والابتعاد عن الطرق التقليدية التي تهدر المياه، أما الاستغلال العقلاني فهو السبيل الوحيد لضمان توفر هذه الموارد للأجيال القادمة.
ما هو الدور الذي يلعبه المعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية في هذا المسار؟
المعهد يلعب دورا محوريا في مرافقة الفلاحين، سواء في تطبيق النماذج الزراعية التي توصي بها الدولة أو بإدخال تقنيات جديدة تسهم في تطوير الإنتاج وتحسينه. نحن نتابع كل تطور علمي أو تقني ونحرص على توصيله إلى الفلاحين بأساليب عملية، حتى يتمكنوا من تطبيقه في الميدان بفعالية.
وماذا عن تكوين الفلاحين؟
نحن نواكب الفلاحين في كل المراحل ونسهر على تكوينهم بشكل مستمر، من خلال تنظيم دورات وأيام تكوينية وتحسيسية طيلة السنة. كما نستثمر في جلب التكنولوجيا الزراعية الحديثة، سواء من ولايات الوطن أو من الخارج، ونعمل على تدريب الفلاحين على استعمالها، بما يضمن مواكبتهم لمتطلبات العصر وتقنيات الزراعة الذكية.
الدولة سمحت باستيراد العتاد الفلاحي المستعمل، كيف تقيمون هذه الخطوة؟
هذه الخطوة مهمة جدا، خاصة في الجنوب الذي يعتمد على مساحات زراعية شاسعة. العتاد الفلاحي يضمن السرعة في الإنجاز، وهو عنصر حاسم في رفع المردودية. كلما كان العتاد ملائما ومتطورا كانت النتائج أفضل. الزراعة الحديثة، خصوصا تلك المتعلقة بالمحاصيل الاستراتيجية مثل الحبوب والأعلاف وعباد الشمس، تحتاج إلى مكننة قوية ومتكاملة لتغطية المساحات بكفاءة وتحقيق إنتاج وفير في وقت وجيز.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال