الوطن

السلطة التنفيذية تضع اللمسات الأخيرة لمشروع قانون الأحزاب

قبل عرضه على البرلمان خلال الدورة الحالية.

  • 858
  • 3:04 دقيقة
صورة: ح.م
صورة: ح.م

يرتقب أن يُعرض مشروع القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية على المجلس الشعبي الوطني، خلال الدورة التشريعية الحالية، وذلك في إطار التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وتعمل السلطات التنفيذية حاليا على إدخال التعديلات الأخيرة على مسودة المشروع، قبل اتخاذ المسار التشريعي الاعتيادي، الذي يشمل عرضه أولا على مجلس الحكومة، ثم مجلس الوزراء، وصولا إلى مناقشته والمصادقة عليه من قبل البرلمان.

وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أعاد قبل أيام فتح النقاش حول قانون الأحزاب، الذي لم يشهد أي تعديل منذ سنة 2012. وأعرب الرئيس عن أسفه لتعطل مسار مناقشة المشروع، مبديا استغرابه من ضعف التفاعل الحزبي معه، إذ لم يُسجَّل - حسبه - سوى تفاعل محدود من قبل حزبين أو ثلاثة فقط، ما أدى إلى تجميده لأكثر من خمسة أشهر.

وفي لقائه الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية، شدد تبون على أن القانون "لن يُمرّر دون مشاركة الأحزاب"، مشيرا إلى أن مشروعا بهذا الحجم يتطلب انخراطا واسعا من التشكيلات السياسية، لاسيما وأنه يمس جوهر العمل الحزبي والتنظيم السياسي في البلاد.

ويذكر أن مسودة المشروع التمهيدي للقانون العضوي تضمنت جملة من التعديلات الجوهرية، أبرزها حظر "التجوال السياسي"، أي الانتقال من حزب لآخر خلال العهدة الانتخابية، وتحديد عهدات قيادة الهيئات الحزبية بفترتين كحد أقصى (خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة)، إضافة إلى حل الحزب في حال عدم تقديم مرشحين لانتخابين متتاليين على الأقل، وفرض تمثيل جغرافي واسع عند تأسيس حزب جديد بنسبة لا تقل عن 50% من ولايات الوطن.

كما نصت المادة 21 على شطب العضو نهائيا من قوائم الحزب في حال غيّر انتماءه السياسي، استنادا إلى الأحكام الدستورية التي تنص على إسقاط عضوية المنتخب البرلماني الذي يغير صفه السياسي خلال العهدة.

وقد أثارت هذه التعديلات، ولاسيما ما تعلق منها بالعهدات والتمثيل الجغرافي، موجة من التحفظات والرفض داخل الأوساط الحزبية. فقد اعتبرت عدة أحزاب أن فرض مدة زمنية لعهدات القيادة يعد تدخلا في الشؤون الداخلية وخرقا لمبدأ حرية العمل السياسي، مشيرين إلى أن الحزب ليس مؤسسة إدارية تُنظَّم وفق هياكل موحدة مفروضة من الخارج.

وترى أطراف سياسية أن تقييد العهدات الانتخابية يجب أن يترك للقانون الأساسي والنظام الداخلي لكل حزب، باعتباره شأنا داخليا. بالمقابل، يرى البعض الآخر أن تحديد العهدات يسهم في تجديد النخب وضخ دماء جديدة في الحياة السياسية، لكنهم يؤكدون في الوقت ذاته أن القرار ينبغي أن يكون نابعا من داخل الحزب نفسه وليس مفروضا بقوة القانون.

ويشدد ناشطون سياسيون على أن الحزب كيان مستقل يؤسَّس بحرية على أساس برنامج سياسي واقتصادي، ويُدار وفق قانون أساسي ونظام داخلي، وبالتالي، من غير المقبول - من وجهة نظر ديمقراطية - أن تتدخل السلطات في تحديد هياكله التنظيمية أو آليات تسييره الداخلي.

من جهة أخرى، تمنح المادة 84 من المشروع للوزير المكلف بالداخلية صلاحية توقيف نشاط أي حزب سياسي مع توجيه إعذار له لتسوية وضعيته خلال أجل أقصاه 30 يوماً، في حالات مثل عدم ممارسة نشاطه التنظيمي وفقا لقانونه الأساسي، أو تجاوز مدة عهدة أجهزته الوطنية، أو نشوب نزاع داخلي يعطل نشاط الحزب، أو مخالفة الأحكام المتعلقة بالتبليغ عن التغييرات التنظيمية.

كما راجع المشروع أحكام حل الحزب السياسي، إذ تنص المادة 87 على إمكانية طلب حل الحزب أمام الجهات القضائية المختصة في حالات متعددة، منها مخالفة الدستور أو القوانين المعمول بها، وعدم تقديم مرشحين لموعدين انتخابيين متتاليين، وعدم الامتثال لأحكام المادة 84 بعد انقضاء أجل الإعذار أو في حالة العود.

وتتيح المادة 88 للوزير المكلف بالداخلية اتخاذ تدابير تحفظية في حالة الاستعجال أو وجود خرق للقوانين، قبل صدور حكم قضائي، مع تمكين الحزب المعني من الطعن أمام الجهات القضائية المختصة.

كما أشارت المادة 95 إلى إلزام الأحزاب المعتمدة، والموجودة في وضعية نظامية، بتكييف قوانينها الأساسية وفق أحكام القانون الجديد خلال المؤتمر الذي يلي دخوله حيز التنفيذ.

أما الأحزاب غير المطابقة، فعليها تسوية وضعيتها خلال أجل أقصاه 6 أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية، تحت طائلة حلها عن طريق القضاء. وهي قواعد انتقدتها بعض الأحزاب السياسية ودعت لسحبها أو تعديلها لضمان حرية واستقلالية العمل الحزبي.