من المعمول به قانونيا وقضائيا في حوادث المرور الجسمانية التي تشهد وفيات وجرحى، هو إحالة الملف على المحاكم ومتابعة السائق بتهمة "القتل الخطأ"، عملا بالمادة 288 من قانون العقوبات المعدل في 2024، انطلاقا من مسؤوليته في قيادة المركبة.
وفي حالة فاجعة وادي الحراش، التي تسببت في مصرع 18 راكبا، تتوقع المحامية فتيحة رويبي، أن النيابة تتابع الملف وتنتظر مرور فترة الاستشفاء نسبيا لمباشرة الإجراءات وتشكيل ملف قضائي ضد سائق الحافلة ومتابعته.
وتنص المادة 288 على أن "كل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك برعونته أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته الأنظمة، يعاقب بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من 100.000 دج إلى 500.000 دج".
وبالنسبة للجرحى، تنص المادة 289 "إذا نتج عن الرعونة أو عن عدم الاحتياط أو عدم الانتباه أو الإهمال أو عدم مراعاة الأنظمة إصابة أو جرح أو مرض أدى إلى العجز الكلي عن العمل لمدة تتجاوز ثلاثة (3) أشهر، يعاقب الجاني بالحبس من ستة (6) أشهر إلى ثلاث (3) سنوات وبغرامة من 60.000 دج إلى 300.000 دج، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ومن المتوقع أن يتم إسقاط هاتين المادتين على حادثة سقوط الحافلة في وادي الحراش، سواء بالنسبة لمن توفوا أو أصيبوا بجروح. في حين تترك التعويضات المادية والمعنوية للضحايا المتوفين والمصابين، على عاتق شركة التأمين، للتكفل بها وفق جدول خاص.
وبقدر ما يتصور قانونيون تمديد المسؤوليات لتتجاوز السائق نحو السلطات المعنية بوضع الحافلة وربما غيرها، بقدر ما يستبعد مصدر قضائي هذا التوجه، ويحصر الملف في الإجراءات القانونية المعمول بها.
واللافت، وفق المصدر القضائي الذي تحدث لـ"الخبر"، فإن المادة المذكورة لم تتطرق إلى عدد الضحايا ولا تفرق بين من تسبب في مقتل شخص ومن تسبب في مقتل 18 شخصا، مثلما جرى في مأساة الحراش. وأضاف مفسرا بأن النص يحتاج إلى "تنقيح وتعديل بإضافة فقرات تفرق بين مركبات النقل العمومي بمختلف أصنافها دون الاعتماد فقط على قانون تنظيم المرور في مادة حوادث المرور".
وتنطلق الإجراءات والمتابعات القضائية في حوادث المرور الجسمانية، التي تخلف قتلى وجرحى، بإعداد مصالح الأمن لمخطط الحادث، ثم إخضاع السائقين إلى تحليل عينة من الدم، ثم سماعهم وسماع ملاك المركبات، تحت إشراف وتوجيه وكيل الجمهورية المختص إقليميا.
وبناء على ذلك، وفق قانون الإجراءات الجزائية، يتم إحالة الملف على القضاء لتكييف الوقائع وتحديد المسؤوليات والمراكز القانونية ثم إحالة القضية على المحاكمة، التي لا تخرج في أغلب الاحتمالات، عن تهمة "القتل الخطأ".

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال