الوطن

الجزائر تضع "العملة المشفرة" تحت المجهر

بتأطير من طرف البرنامج الأمريكي الدولي، للمساعدة والتكوين في القضايا الجنائية (ICITAP)، التابع لوزارة العدل الأمريكية.

  • 9796
  • 2:51 دقيقة
ح.م
ح.م

تضع السلطات الجزائرية العملات المشفرة تحت المجهر، بوصفها أداة مالية تشهد تداولا لافتا في العالم، وربما باعتبارها واحدة من "النقود" المستعملة في تمويل الأنشطة الإجرامية، في الـ"دارك ويب" أو "الشبكة العنكبوتية السوداء"، أو حتى خارجها في بعض منصات التواصل الاجتماعي.

وتظهر الجزائر توجسا وحذرا تجاه هذا النشاط المالي غير التقليدي، وتفرض عليه حظرا بموجب قانون 25-10 المعدل لقانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الأرهاب ومكافحتهما، عبر المادة 6 مكرر منه، التي تنص على منع إصدار الأصول الافتراضية أو شرائها أو بيعها تعدينها أو استعمالها أو حيازتها أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها كوسيلة دفع أو وسيلة استثمار.

ومن مظاهر الاهتمام بهذه العملة الافتراضية، تخصص وزارة العدل دورات تدريبية لدراسة طبيعتها وحلقاتها وكيفيات التعاطي معها على صعيد قضائي وقانوني.
ومن بين الدورات، برمجت وزارة العدل بالتعاون مع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، وبتأطير من طرف البرنامج الأمريكي الدولي، للمساعدة والتكوين في القضايا الجنائية (ICITAP)، التابع لوزارة العدل الأمريكية، ورشة تكوينية حول موضوع "العملات المشفرة" من 16 إلى 20 نوفمبر 2025، وفق ما ذكر بيان عن الوزارة.
وتأتي هذه الورشة الموجهة للقضاة، وضباط الشرطة القضائية، إلى جانب المحللين الماليين بخلية معالجة الاستعلام المالي وبنك الجزائر، كتكملة لورشة سابقة جرت خلال شهر جويلية 2025 حول "الاستعلام في مصادر الوسط المفتوح".
وتستعمل هذه العملات الرقمية في شكل شبكة مشفرة من نظير إلى نظير وتهدف لتسهيل المقايضة الرقمية، وهي تقنية تم تطويرها منذ عشر سنوات، وفق تعاريف متطابقة ومتداولة بالفضاء الافتراضي.
وتتم المعاملات بهذه العملة بعيدا عن البنك المركزي، ولا تضمنها أي دولة وتعتمد فقط على ثقة المستخدمين ومن شأنها تجاوز الحواجز المحيطة بالعملات الوطنية المعيارية وأسعار الصرف، وفق المصدر نفسه.
وأطّر محققون سابقون من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، وخبراء متخصصون في مجال "الاستعلام في مصادر الوسط المفتوح"OSINT: Open-Source Intelligence" و"مكافحة تبييض الأموال"، يومها، دورة تكوينية بإقامة القضاة بالجزائر العاصمة. واستفاد من هذا التكوين 18 إطارا وقاضيا من الإدارة المركزية لوزارة العدل ومن مختلف الجهات القضائية، وكذا ممثلون عن كل من بنك الجزائر، قيادة الدرك الوطني، المديرية العامة للأمن الوطني، وخلية معالجة الاستعلام المالي، وذلك في إطار برنامج التعاون بين وزارة العدل وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر.
وتهدف هذه الورشة التكوينية، التي جرت طيلة أسبوع، إلى تعزيز قدرات السلطات القضائية، سلطات إنفاذ القانون، محللي خلية الاستعلام المالي، وهيئات الرقابة على المؤسسات المالية والبنكية في مجال الاستعلام والتحري في مصادر الوسط المفتوح، لاسيما في الجانب المتعلق بمكافحة تبييض الأموال، وهي مسألة تشغل اهتمام السلطات في الجزائر، لتعزيز التزاماتها الدولية والقارية وتعاونها مع المنظمات الناشطة في المجال.
وكان البرلمان قد صادق على مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 05-01 المؤرخ في 6 فيفري سنة 2005 والمتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما.
وأكد وزير العدل، بوجمعة لطفي، خلال عرض النص، أن هذا القانون يندرج في سياق "مواصلة مواءمة المنظومة الوطنية للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية ذات الصلة"، في إشارة إلى التكفل بالإجراءات الموصى بها ضمن خطة العمل المتفق عليها مع مجموعة العمل المالي "غافي" للخروج من القائمة الرمادية.
غير أن المجموعة خلال دورتها الأخيرة في نهاية اكتوبر الماضي، أبقت على الجزائر في القائمة الرمادية، في حين شطبت أربعة بلدان إفريقية.

ووصفت المجموعة مؤشرات الوضع بالجزائر بأنها مشجّعة، وأقرت بـ"التقدم المحرز في عملية مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب"، لكنها شددت في المقابل على ضرورة استكمال الإصلاحات التقنية قبل رفع اسم الجزائر نهائيا من القائمة الرمادية.
ويلزم القانون الجديد السلطات المختصة بالتعاون وتبادل المعلومات مع الجهات النظيرة بالخارج، بشكل تلقائي أو عند الطلب، وفقا للاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف والالتزامات الدولية، وبشرط أن تكون هذه الجهات خاضعة للسر المهني بنفس الضمانات المحددة في الجزائر، وأن يراعى في ذلك المعاملة بالمثل وعدم التعارض مع المبادئ الأساسية للنظام القانوني الجزائري.