أقلام الخبر

الحق والعدالة.. رغم مرور الزمن.. لا يموتان

132  سنة من الدم والخراب والسموم.. الاستعمار الفرنسي لم يأت لـ"يحكم" وينشر الرفاهية والعلم، بل ليقتل كل ما هو حي.

  • 343
  • 1:38 دقيقة

الذاكرة البيئية ليست مجرد مشروع، بل "حرب ضد النسيان"، ضد كل محاولات التعتيم على الجرائم الفرنسية. الجزائر تصنع نموذجا فريدا في إفريقيا والعالم، حيث تتحول الأرض المحروقة إلى شهادة حية والذاكرة الوطنية إلى سيف يقطع عبر الأكاذيب، ليكشف للعالم الوجه الحقيقي لوحشية الاستعمار ويثبت أن الحق والعدالة، رغم مرور الزمن، لا يموتان.

132 سنة..132  سنة من الدم والخراب والسموم.. الاستعمار الفرنسي لم يأت لـ"يحكم" وينشر الرفاهية والعلم، بل ليقتل كل ما هو حي. الغابات أحرقت، الأراضي صارت رمادا، المياه (سطحية وجوفية) ملأتها السموم، الحيوانات نُفيت أو هلكت، الإنسان لم يسلم.

هذه ليست رواية، هي الحقيقة التي ستوثّق علميا.. الذاكرة البيئية الوطنية اليوم تكشف كل ما حاول ويحاول المستعمر الفرنسي طمسه. اللجنة الوطنية لمشروع الذاكرة البيئية الاستعمارية، التي أعلن عن ميلادها وزير المجاهدين عبد المالك تاشريفت ووزيرة البيئة كوثر كريكو، تعمل على توثيق كل الأرض المحروقة، كل نبتة اقتلعت، كل سم زرع في التربة والمياه. كل هذا دليل على وحشية ممنهجة، على استراتيجية تدمير استمرت 132 سنة.

لم يكن الاستعمار مجرد قمع سياسي. كان حربا على الحياة نفسها. القرى حرقت، الحقول تدمرت، الثروات الطبيعية استُنزفت والسموم الفرنسية في التربة لم تزل شاهدة على الجريمة. الجزائر اليوم تقول للعالم: هذا ما ارتكبتموه وهذا ما لم نمحُه من ذاكرتنا.

هذا المشروع ليس "دعوة للانتقام"، بل هو صرخة الحق، صرخة العدالة التاريخية والبيئية.. إنه إعلان أن الأرض المحروقة والأنهار الملوثة والغابات المدمرة ليست "مجرد آثار الماضي"، بل دليل حي على وحشية المحتل الفرنسي.. الجزائر اليوم تعيد كتابة تاريخها وتفرض على العالم الاعتراف بجريمة لا تُنسى.

كل حجر، كل شجرة، كل نبتة محروقة، كل بذرة تراب هي شهادة على البشاعة. كل تحليل علمي، كل وثيقة تاريخية، تكشف الوجه الحقيقي لفرنسا الاستعمارية: وحشية بلا حدود، تدمير بلا رحمة، قتل للحياة بكل أشكالها.

الذاكرة البيئية ليست مشروعا على الورق، هي حرب ضد النسيان، ضد الظلم، ضد التاريخ الذي حاول المستعمر تغييره.. الجزائر تحمي أرضها، تحمي حق أجيالها في معرفة الحقيقة وتبني نموذجا في إفريقيا والعالم. نموذج يقول: "مهما طال الزمن، مهما حاول المستعمر الطمس، فإن الحق لا يموت والذاكرة الوطنية لن تُمحى".