شهد المسرح الجزائري في 2025 نهضة لافتة، أثبتت أن المشهد الثقافي حيٌّ ينبض، حيث تحولت الخشبة إلى فضاء حيوي للتكوين والإبداع ومناقشة قضايا المجتمع، بدعم رسمي واضح. كما شهدت سنة 2025 تنظيم مهرجانات كبرى مثل المهرجان الوطني للمسرح المحترف في العاصمة، والمهرجان الدولي لمسرح الصحراء في أدرار (والذي تضمن عروضًا للأطفال مثل "هدية أطفال غزة")، والمهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي في باتنة، مما أكد على تنوع الهوية الثقافية.
وقد ركزت هذه التظاهرات على ورش التكوين في التمثيل والإخراج لدعم الشباب، وقدمت عروضًا تناولت قضايا اجتماعية معاصرة (مثل عرض "عياش").
كما عرفت التظاهرات برنامج "المسرح في رحاب الجامعة" (الموسم الثالث) بهدف دمج الفن المسرحي في الوسط الأكاديمي وتنشيطه.
وقد أولت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة أهمية كبيرة للمسرح، حيث عرضت في اللقاء الوطني لمديري المسارح الجهوية، ملامح التوجّه الجديد لسياسة الدولة في مجال المسرح، وأعلنت جملة من القرارات السيادية والتوجيهات الإستراتيجية الرامية إلى تجاوز منطق التسيير الإداري الجامد نحو ترسيخ الفعل الثقافي الحي داخل المؤسسة المسرحية. ومن أهم هذه القرارات منح إعانات مالية فورية لإنتاج أعمال مسرحية جديدة وتحسين الوضعية الراهنة للمؤسسات. كما تقرر رسميا رفع ميزانيات المسارح مقابل تبعات الخدمة العمومية لسنة 2026 لمواجهة التحديات الراهنة، وإطلاق عملية كبرى لإعادة هيكلة قطاع المسرح، تتوج باستحداث هيئة وطنية للمسرح.
ووجهت الوزيرة مديري المؤسسات المسرحية بضرورة الاعتماد على التخطيط الإستراتيجي بدلا من البرمجة الروتينية، ملخصة أولويات المرحلة في النقاط التالية: التسيير العقلاني للموارد، والبحث عن تمويلات وشراكات استثمارية إضافة لإعانات الدولة، مع تفعيل عقود النجاعة للمسيرين. والتأكيد على برمجة عروض منتظمة تستجيب لمعايير فنية مضبوطة، مع إعادة النظر في آليات عمل اللجان الفنية، بما يضمن إنتاج أعمال قادرة على استرجاع الجمهور للقاعات والتفاعل مع ذائقته الجمالية، وتمكين المسرح الجزائري من حضور نوعي ومشرّف في التظاهرات والمهرجانات الدولية وتحويل المسارح إلى حاضنات للفرق المستقلة والمبدعين، وتوطيد الشراكة مع قطاع التربية لتحويل المسرح إلى مسار تربوي مستدام. وأخيرا المتابعة الحثيثة لعمليات الترميم والتجهيز وتقديم طلبات استثمارية للمباني المتضررة ضمن قانون المالية.
واختتمت الوزيرة اللقاء بالتأكيد على أن هذه التوجيهات هي بداية لورشة إصلاح شاملة، داعية المديرين إلى "التفكير خارج الصندوق" وتحرير الفعل المسرحي من قيود البيروقراطية، لصناعة مسرح يليق بتطلعات الشعب الجزائري وهويته العريقة.
صالون الجزائر الدولي للكتّاب... طبعة مميّزة وحضور قياسي
يعتبر صالون الجزائر الدولي للكتاب "سيلا"، أهم المحطات الثقافية التي تعنى بالكتاب في الجزائر وقد عرفت طبعته الـ28 التي احتضنها قصر المعارض بالصنوبر البحري من 29 أكتوبر إلى 8 نوفمبر، تسجيل توافد فاق 6.2 ملايين زائر، وفق ما كشفته محافظة الصالون التي أكدت أن التظاهرة الثقافية الكبرى "عرفت حضورًا استثنائيًا بلغ 6 ملايين و241 ألفًا و718 زائرًا"، مع "تسجيل ذروة الإقبال يوم 6 نوفمبر بواقع 850 ألفًا و914 زائرًا"، وهو رقم يعكس -حسب المنظمين- "الإقبال الكبير للجمهور الجزائري على عالم الكتاب والثقافة". وتبرز هذه الأرقام "المكانة الرفيعة التي يحتلها الكتاب في المجتمع الجزائري"، كما تعكس "الأهمية المتزايدة للصالون كموعد ثقافي أساسي على المستويين الوطني والدولي، وفضاء للحوار الفكري وتبادل التجارب الإنسانية والإبداعية".
وأكدت وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، أن هناك تفكيرا في تمديد مدة صالون الجزائر الدولي للكتاب، وذكرت في كلمتها بحفل اختتام التظاهرة في قصر المعارض بالعاصمة، أن تمديد المدة سيمنح الزوار فرصة للاقتناء والاختيار.
وأشارت بن دودة إلى بدء التفكير في الطبعة المقبلة لتحضير نسخة تليق بمستوى وسمعة الصالون.
وشهدت الطبعة تسطير برنامج ثقافي وفكري هام تميز بتنوع مواضيع المناقشة منها حول الثورة التحرير وأدب ما بعد الكولونيالية وإفريقيا والإبداع الإفريقي ومع تنظيم ملتقى هام حول الدور الجزائري في الحضارة الإنسانية بعنوان "الجزائر في الحضارة".
كما عرفت الطبعة الـ28 حضورا بارزا لشخصيات ثقافية وفكرية عربية وأجنبية وتميزت بحضور الفنان الفلسطيني مارسيل خليفة الذي استعرض في لقاء مع زوار المعرض مسيرته الإبداعية.
يُذكر أن طبعة 2025 من صالون الجزائر الدولي للكتاب نُظمت تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وجاءت تحت شعار "الكتاب ملتقى الثقافات"، بمشاركة 1254 دار نشر من 49 دولة، وكانت موريتانيا ضيف شرف هذه الدورة.
سنة التكريمات أيضا
عرفت سنة 2025 تكريم رئيس الجمهورية لبعض الوجوه الثقافية الجزائرية فكانت البداية بتكريم، حيث تم استقبال الكاتب الروائي الجزائري رشيد بوجدرة نهاية شهر جويلية من قبل رئيس الجمهورية بمقر الرئاسة، حيث أهدى بوجدرة باقة من إصداراته للرئيس كما تم تكريمه من قبل وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة خلال فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ28.
كما استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الكاتب والروائي ياسمينة خضرا بمقر الرئاسة شهر ماي المنصرم، حيث أهدى للرئيس تبون مجموعة من أعماله الأدبية.
كما وشح رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المجاهد والكاتب والعلامة الشيخ محمد صالح الصديق، بوسام من مصف الاستحقاق الوطني بدرجة "عهيد"، تقديرا لمسيرته العلمية والدعوية وتكريما لإسهاماته الجليلة في نشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح. كما جاء التكريم بمناسبة بلوغ الشيخ محمد الصالح الصديق الـ100 سنة في عمره.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال