تؤشر تصريحات الدبلوماسي والمستشار السابق للأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الأخيرة، على وجود بوادر مراجعة أمريكية لقراراتها المتعلقة بالصحراء الغربية والنزاع القائم فيها بين جبهة البوليساريو والمغرب.
يبدو أن المملكة المغربية تسارع الخطى، خلال العام الجاري، نحو حسم ملف الصحراء الغربية عبر وسائل دبلوماسية وتحالفات إقليمية ودولية ذات بعد استعماري، في مسعى يراه مراقبون محاولة لتجاوز الشرعية الدولية والتملص من التزام أساسي لطالما رافق هذا النزاع الممتد منذ نصف قرن، وهو حق الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو في تقرير المصير.
ويعتمد المغرب في هذا المسار على شبكة من التحالفات، أبرزها الشراكة المتقدمة مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي تعززت منذ توقيع اتفاقيات التطبيع "صفقة أبراهام" نهاية 2020، وما تبعها من اعتراف أمريكي – خلال عهدة الرئيس دونالد ترامب الأولى – بمغربية الصحراء الغربية بتغريدة على منصة "تويتر"، مقابل التطبيع الكامل مع الكيان الإسرائيلي.
ويرى محللون أن الرباط تراهن على ثقل اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، للتأثير في القرار السياسي بشأن تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، وهو توجّه لم يلقَ ترحيبا داخل الكونغرس الأمريكي، لا سيما في ظل المؤشرات التي تنبئ بتراجع الجمهوريين أمام الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي المقبلة.
-
- العالم
- 06-07-2025
- 10:17
بولتون: ترامب قد يغير موقفه من الصحراء الغربية
في حوار جديد.. الدبلوماسي الأمريكي ينتقد المغرب.
وفي السياق نفسه، تشير تقارير إعلامية إلى استعانة المغرب بمؤسسات بحث ودعاية إعلامية إسرائيلية، بهدف تسويق سردية ترى في البوليساريو تهديدا أمنيا وتحاول إلصاق صفة الإرهاب بها وبقياداتها، رغم اعتراف عشرات الدول بها كحركة تحرر وعضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي.
دبلوماسية الاعترافات والضغط السياسي
ولأنها وضعت طي أوراق القضية الصحراوية هذا العام وذلك بتكريس احتلالها، كثّفت الرباط، خلال الأشهر الماضية، مساعيها لتوسيع دائرة الاعتراف بمقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية المحتلة، حاصلة على مواقف داعمة من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، وعدد محدود من الدول الإفريقية، على غرار كينيا وغانا.
وتفيد معطيات بأن هذه الدول تعمل على الضغط على حكام مستعمراتها القديمة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، للاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية، في إطار تحالف سياسي يأمل المغرب ترجمته في إعلان جماعي ينقل إلى الأمم المتحدة، يتوّج مؤتمر سوف يعقد في دولة خليجية وربما يطرح في مجلس الأمن كغطاء لتعديل مهام بعثة "المينورصو" أو لتهميش دورها في تنظيم الاستفتاء المنتظر.
وفي ظل تراجع زخم المشروع الأول للحكم الذاتي الذي صاغته فرنسا ويوصف بالمشروع الفارغ (حيث ورد في صفحتين ونصف فقط بلا تفاصيل)، تتحدث بعض الأوساط الدبلوماسية عن محاولة مغربية لإعادة تسويق مبادرة جديدة تحت مسمى "الحكم الذاتي+"، في محاولة لطرح بديل عن استفتاء تقرير المصير، رغم أن الأخير لا يزال يشكّل حجر الزاوية في الرؤية الأمريكية والأممية لحل النزاع.
دعم ثابت لقضية تصفية الاستعمار
في المقابل، تؤكد الجزائر ثبات موقفها التاريخي والدبلوماسي، المتمثل في دعم حق الشعب الصحراوي في إقامة دولته المستقلة، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. وتعتبر القضية الصحراوية مسألة تصفية استعمار وليست نزاعا سياديا، داعية إلى تطبيق القرارات الأممية ذات الصلة وتنظيم استفتاء حر ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما تحذّر الجزائر من محاولات تشويه صورة جبهة البوليساريو وتصنيفها خارج السياق الحقيقي كحركة تحرر وطني، شأنها شأن حركات التحرر في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية التي دعمتها الجزائر سابقا.
ويبقى الرهان المغربي على تسوية أحادية الجانب محفوفا بالمخاطر، في ظل الشرعية الدولية التي ما تزال تعتبر الصحراء الغربية إقليما محتلا من طرف المغرب، وتؤكد أن أي حل دائم يجب أن يكون قائما على قبول الطرفين بالتفاوض بينهما واحترام حق الشعب الصحراوي في اختيار مستقبله بحرية.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال