+ -

العجز في الإنسان صفة مذمومة إذا تعلّقت بإرادته وحزمه، يتبرم منه ويتبرأ، بل يتحسّر إن فاته ما كان قادرًا عليه، قال تعالى: “يَا وَيْلَتَي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُوْنَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِيْ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِيْنَ” المائدة:31، وذلك بسبب ضعفه وغفلته، وعدم تقدير العواقب والمآلات.وقد علّمنا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن ندعو: “اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل..”، بل أمرنا باستجماع النيّة وتقوية العزم والتسلّح بالحزم لتحقيق النّفع والصّلاح، وعدم الاستلام للخور والعجز، فقال: “احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز”، وقد تخون المرء الكفء، والرّجل القدير فرص الحياة فيعجز عن إتمام ما بدأ، وإنجاز ما فيه شرع، وهذا عيب النّقص البشري:ولم أر في عيوب النّاس عيْبًا كنقص القادرين على التّمامغير أنّ العجز الّذي سببه التّخاذل والانسحاب من معترك الحياة، يعتبر ذنبًا من الذّنوب، ونقيصة يحاسب عليها صاحبها، وإن قدم الأعذار، قال المتنبي:يرى الجبناء أن العجز عقلٌ وتلك خديعة الطّبع اللّئيمولأمرٍ ما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: “اللّهمّ إليك أشكو جلد الفاجر، وعجز الثّقة”، وهو ما جرّ الويل والثّبور على أمم رضيت بالدوّن، وخضعت للهوان، وعشقت العيش على موائد الآخرين وكلّ ذلك بسبب العجز المقنّع والخوّر المفتعل، قال أكثم بن صيفي: “العجز مفتاح الفقر”، وما ذلك إلاّ لتعطيل الأسباب، والتهيّب من ركوب الصّعاب:ومن يتهيّب صعود الجبال يعش أبد الدّهر بين الحفرغير أنّ العجز بمعنى التخلّي عن مزاحمة أهل الباطل في باطلهم وعدم الخوض في زيفهم، مخافة أن يكون سببًا في إحن ومحن أو يشترك في إيقاد فتن، فهذا لعمري محمدة، بل مطلب شرعي وحلّ واقعي. ففي حديث أبي هريرة قال: قال صلّى الله عليه وسلّم: “سيأتي على النّاس زمان يُخيّر فيه الرّجل بين العجز والفجور، فمَن أدرك ذلك منكم فليختر العجز على الفجور”، والله المستعان.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات