وثيقة سرية أمريكية عن مهام الطائرات دون طيار

38serv

+ -

سلّمت وزارة العدل الأمريكية وثائق بينت تفاصيل الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الأمريكية بليبيا وسوريا والعراق والصومال، “مرغمة” بقرار قضائي من المحكمة الجزئية، إثر دعوى رفعها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية. وتضمنت الوثيقة، التي كانت سرية، المراحل التي تسبق تنفيذ الغارات الجوية، وكذلك دور الرئيس فيها، كما أثارت الجدل حول دقة أهداف الطائرات وقدرتها على التمييز بين البشر. - الضربات الأمريكية في ليبيا كانت تحت إشراف أوباما- مجلس الأمن القومي: لا يمكن بلوغ درجة “صفر خطر” على المدنيين خلال الضربات  لا تزال الضربات الجوية بالطائرات دون طيار، التي تنفذها أمريكا في العراق وسوريا وليبيا والصومال، محل جدل كبير وصل إلى أروقة المحاكم. فالبيت الأبيض يراها أفيَد طريقة لمواجهة عناصر “داعش” ولصون الأمن القومي تفاديا لخسائر في الأرواح. بينما يلوم الحقوقيون والمنظمات غير الحكومية الإدارة الأمريكية على استخدام هذه المقاتلات، بوصفها تؤذي المدنيين، وتعجز عن التمييز بين المقاتل والمدني في ظل شح المعلومات المتوفرة لديها.أفاد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أن إدارة أوباما نشرت نسخة منقحة عن سياسة الرئيس بشأن الضربات التي تنفذها طائرات دون طيار في الخارج، بعد الدعوى التي أقيمت العام الماضي والمتعلقة بحرية المعلومات.وتتميز الوثائق في أصلها بسرية كبيرة، كونها من صلب مهام وزارة الدفاع الأمريكية. لكن بعد دعوى قضائية رفعها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ضد وزارة الدفاع، وإلزام قاضي المحكمة الجزئية للولايات المتحدة، كولن ماكماهون، في فيفري الماضي، الوزارة برفع اللبس عن تفاصيل الضربات الجوية، خرجت المعلومات إلى العلن، تبيّن كيف يختار المسؤولون الأمريكيون أهداف ضربات الطائرات دون طيار وطبيعة دور الرئيس الأمريكي في هذه العملية، إلى جانب تفاصيل أكثر من تلك التي كانت تكشفها الحكومة عن مراحل الموافقة على مثل هذه العمليات.وذكرت الوثائق، حسب الوثيقة التي تناولتها وسائل إعلام دولية، أن القيادة العليا للجيش الأمريكي أجازت لجنودها توجيه ضربات للمواقع أين يتواجد العناصر الإرهابية حتى في حال وجود “شبه تأكيد” من أنها لن تؤدي إلى مقتل أي مدني. بمعنى أنها لا تنتظر حتى تتأكد بالكامل وقطعا كي تنفذ ضرباتها، أي بلوغ درجة “صفر خطر” على المدنيين لشن غاراتها. واكتفت بدرجة “شبه تأكيد”، ما قد يؤدي إلى إيذاء أبرياء، وينزع صفة الدقة عن العمليات، رغم أن الإدارة الأمريكية تتحدث عن أي إجراء قاتل يشترط فيه الانتقائية والدقة واحترام سيادة الدول.في هذا الصدد، قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي نيد برايس، إن “هذا الدفتر” يتضمن حماية للمدنيين. وأضاف أن حالة “شبه التأكد” من وجود الهدف وعدم سقوط أشخاص غير مقاتلين في الضربة هو “أعلى معيار يمكننا تحديده”.وورد في الملف الذي جاء في 18 ورقة، أن الاقتراح بشن ضربة يخضع لدراسة قانونية قبل أن يُعرض على مجلس الأمن القومي ثم الرئيس. وتطرق كذلك إلى أن الضربات التي تمر عبر هذه المراحل تستهدف العناصر المتمركزة خارج مناطق الحرب التي تشارك فيها الولايات المتحدة رسميا، ومنها ليبيا وباكستان والصومال واليمن. أما الغارات التي يتم تنفيذها في مناطق عمليات مثل العراق وسوريا وأفغانستان تكون تحت إشراف القوات المسلحة.ويخوض الاتحاد الأمريكي للحقوق المدنية معارك قانونية منذ فترة طويلة مع الحكومة الأمريكية بشأن برنامج طائرات دون طيار. وقال مساعد المدير القانوني للاتحاد، جميل جعفر، إن هذه الوثائق “تقدم معلومات حاسمة حول السياسات التي أدت إلى موت آلاف الأشخاص بمن فيهم مئات من غير المقاتلين”.وقد سلم محامو وزارة العدل مساء الجمعة هذه الوثيقة إلى الاتحاد الذي نشرها السبت. وكانت إدارة أوباما قد نشرت الشهر الماضي تقديرات لعدد ضحايا 473 ضربة جرت بين 2009 و2015 خارج مناطق النزاعات الكبرى. وأكد مسؤولون أن ما بين 64 و116 مدني قتلوا في الضربات إلى جانب عدد يصل إلى 2581 مقاتل. لكن المعارضين والمنظمات الحقوقية شككوا في هذه الأرقام، وتحدثوا عن استهداف ما يفوق 1200 مدني منذ بداية الضربات الجوية سنة 2009.وتملك الحكومة الأمريكية حالياً أكثر من سبعة آلاف طيارة “درونز”، 200 منها تحمل سلاحاً وتمكّنت من قتل الآلاف حول العالم منذ بدء العمل بها قبل 14 عاماً. ونفذت أول طلعة جوية لهذه الطائرات في فيفري 2002 في أفغانستان، حين استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية لاستهداف مجموعة، كان يُعتقد أنها تضم زعيم تنظيم “القاعدة”، أسامة بن لادن، آنذلك، لكن اتضح أنهم مدنيون يجمعون بقايا معادن. خبراء يبرزون مخاطرها“طائرات تفتقر للكبح الذاتي في القتل ولا تُميّز بين البشر”انتقد أستاذ العلوم السياسية، أندرياس بوك، من المعهد العالي لـ”يوهانتر” في برلين، هذا النوع من “قيادة الحروب”. وذكر أن استخدام الروبوتات يقلل درجة الكبح الذاتي للقتل، كما لا يمكن التمييز بين المقاتلين والمدنيين. ما يزيد من متاعب المدنيين ورفع حصيلة الموتى الأبرياء.وأشار الخبير الألماني في شؤون النزاعات، يورغن ألتمان، إلى أن الكثير من جيوش العالم تعمل على تعزيز قواتها بطائرات دون طيار. وذكر “مركز الأمن الأمريكي الجديد” في واشنطن أن 90 بلدا في العالم يستخدم طائرات دون طيار. أما ألمانيا فلا تمتلك طائرات دون طيار مزودة بأسلحة.من جهتها، حذرت خبيرة في الحروب من معهد السياسة والاقتصاد في برلين، أنيا دالمان، من ترك الأجهزة والروبوتات تتخذ قرارات مصيرية تحدد الموت أو الحياة للبشر. وذكرت الخبيرة الألمانية أن “المشكلة تكمن في فقدان البشر للقدرة على السيطرة على هذه الأجهزة، وهو ما يعني بالمقابل فقدان السيطرة على الأسلحة التي تحملها هذه الأجهزة”.وتطلق على مثل هذه الطائرات دون طيار أسماء مثل “بريداتور” أو “ريابر”. ويمكن التحكم بها من قبل البشر. واستخدام روبوتات متطورة في الحرب ما هي سوى البداية لعصر جديد يمهد لاستعمالها بصورة أوسع في المستقبل.وأصدرت وزارة الدفاع الأمريكية ولأول مرة في بداية شهر جوان 2016 الحالي أرقاما عن أعداد الضحايا المدنيين للطائرات دون طيار. وذكرت بيانات الوزارة أن 116 على الأقل لقوا حتفهم بين عامي 2009 و2015 بسبب ضربات موجهة من طائرات دون طيار في باكستان واليمن والصومال ودول في شمال إفريقيا.خبير شؤون النزاعات ألتمان وأستاذ العلوم السياسية أندرياس بوك توقعا أن تكون الأعداد الحقيقية للضحايا المدنيين أكبر بكثير من المعلنة.ودافع داعمو استخدام هذه الطائرات في الحروب، معتبرين توظيفها له فوائد، حيث قالت سوزان بيك أستاذة قانون العقوبات لصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ”، “إن هذه “الآلات” يمكنها العمل في الحروب وتحليل المعلومات بصورة أسرع من البشر، بالإضافة إلى أن أنها تعمل دون كراهية أو غضب ولا تحمل دوافع الانتقام”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات