38serv

+ -

سبقت لقاء الحكومة، المبرمج اليوم، مع منتدى رؤساء المؤسسات والمركزية النقابية لترتيب أوراق الثلاثية، عاصفة غضب بدأت في المدرسة العليا للضمان الاجتماعي واكتملت فصولها وردود فعلها في اجتماع الأوراسي. فهل سينهي هذا اللقاء البروتوكولي عاصفة الغضب أو كما وصفها جمال ولد عباس "زوبعة في فنجان"؟يتصدر خريطة مخطط عمل الحكومة تحقيق مسألة "الإجماع الوطني"، بشقيه الاجتماعي الاقتصادي والسياسي، لمواجهة التحديات المالية التي فرضتها الأزمة البترولية. في الجهة المقابلة لا توجد أمام الحكومة خيارات أخرى غير الحفاظ على التوازنات المالية، بعدما قررت عدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، ما يعني أن تسيير الأزمة يقتضي توفر "هدنة" اجتماعية أو ما تسميه الحكومة بـ"الإجماع الوطني"، ليسهل تمرير سياسات توصف بـ"غير الشعبية" لكنها تقضي بضرورة القبول بها والمساهمة في توزيع أعبائها بـ"إنصاف" على مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وعلى مختلف شرائح المجتمع. وضمن هذا السياق، فإن ميزانية 2018 تشكل بداية خريطة الطريق، بحيث يرتقب أن يكون مشروع قانون المالية للسنة المقبلة "صارما" على أكثر من صعيد، خصوصا ما تعلق بالضرائب والتحويلات الاجتماعية. على خلفية هذه الزاوية، يأتي لقاء أطراف الثلاثية (حكومة، باترونا، مركزية نقابية)، المبرمج لنهار اليوم الأحد، لجس نبض حول استعدادات كل طرف من هذه الأطراف لتقديم "التضحيات" التي يفرضها الظرف المالي العصيب للبلد.ويؤشر استدعاء الوزير الأول كلا من رئيس منتدى المؤسسات بمعية الأمين العام للمركزية النقابية، إلى لقاء أولي لترتيب أوراق الثلاثية، رغم حالة التوتر التي كانت تميز علاقات تبون مع حداد وسيدي السعيد، أن الحكومة تريد إنجاز "أجندتها" وهي في سباق مع الزمن، وبالتالي فهي تبحث عن "مصالحة" والأهم منها "مصارحة" مع "شركائها الاقتصاديين والاجتماعيين"، قد يسهل عليها بقية المشوار عند لقائها الشركاء السياسيين (الأحزاب السياسية مولاة ومعارضة)، بشأن مبادرة الحوار التي أطلقتها حول "الإجماع الوطني ". وضمن هذا السياق فإن نجاح الحكومة في طي صفحة "الأزمة" التي بدأت في المدرسة العليا للضمان الاجتماعي ببن عكنون ولفظت حممها في "اجتماع الأوراسي"، قد يكسب الحكومة "أوراقا تفاوضية" جديدة بإمكانها "جر" المعارضة إلى المشاورات، خصوصا في ظل تصلب مواقف بعض الأحزاب التي رفضت مبادرة الحوار، على غرار جبهة القوى الاشتراكية والأرسيدي، بينما رحب الإسلاميون ولو بتحفظ، ما يعني أن مصير هذا الحوار مرتبط بما سوف تضعه حكومة تبون على طاولة المشاورات من ملفات وقضايا "لا تغضب الراعي ولا تجوع الذئب"، كما يقال في المثل الشعبي.لماذا تبحث الحكومة عن تحقيق "إجماع وطني"، هل ليسهل عليها الخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد، خصوصا في ظل تحديات أمنية خطيرة محيطة بالحدود، أم أن عينها فقط على ترتيب حسابات رئاسيات 2019 ؟ لا يوجد أفضل من خطاب الصراحة أمام الحكومة لجلب التفاف خصومها حول مشروعها وفي مقدمة ذلك تبيان حقيقة ما يجري بشأن موضوع "منع اختلاط المال بالسياسة" ومسألة محاربة الفساد والمال الوسخ، وذلك لكون هذه الملفات محل اهتمام بالغ لدى الرأي العام قد يتجاوز ذلك الموجود لدى الأحزاب.ومن هنا يأتي تحد آخر أمام الحكومة يخص تحضير الدخول الاجتماعي، والأهم منه الانتخابات المحلية في شهر نوفمبر المقبل، حيث تسعى السلطة إلى قلب معادلة العزوف والمقاطعة غير المسبوقة التي شهدتها التشريعيات الماضية، وهو أمر ليس بالسهل لاستمرار نفس المعطيات على الأرض، ولم يجد أي جديد في الأفق من شأنه إعادة الثقة لدى الناخبين. فهل تملك الحكومة عصا سحرية لقلب العزوف إلى مشاركة ؟ صحيح أن الحكومة لا تملك الأموال لتحريك المياه الراكدة، لكن بإمكانها أن تقرب أذنها إلى ما يقوله المواطنون حول انشغالاتهم وعدم الاكتفاء بالاستماع إلى وسائط حزبية ونقابية وباترونية لا تنقل انشغالات الجزائريين بأمانة وتزيف الحقائق، وهي الخطوة التي يجب أن تقدم عليها الحكومة دون تردد، إن كانت تريد تجاوز الأزمة وليس فقط تسييرها مرحليا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات