38serv

+ -

 كشف التدخل السعودي في اليمن، أو ما سمي بـ«عاصفة الحزم”، ومحاولة جر كل الدول المنضوية تحت لواء ما يسمى بالجامعة العربية، لتبني هذه الخطوة، في هذه المنطقة، التي تمتد من الخليج إلى المحيط الأطلسي، وترتبط وجدانيا بينها، عن أن مرض الزعامة والتزعم والمشيخة مرض وراثي، لم يتخلص منه بعض العرب أو فالنقل كبار القوم، رغم كل النكسات والنكبات والهزات التي ضربت المنطقة، بسبب العنجهية والتفرد وتغليب المصلحة الخاصة والضيقة على قضايا الأمة الأهم وليست فقط القضية الفلسطينية، بل هناك الفقر والجهل والتخلف أيضا. زعامة تقوم على أسس فارغة وتنتج الفراغ، وليس على منطق التفوق والقوة، بل تنم عن عقلية متحجرة لم تتخلص من عقدة التفكير من منطلق شيخ القبيلة وسيد القوم.سيطرة فكرة الزعامة على الأمة العربية، لا يبتعد عن مبدأ الديكتاتورية مع الشعوب، ومبدأ فرعون “أنا ربكم الأعلى و لا أريكم إلا ما أرى”، والتي لن تؤدي إلا لمزيد من التخلف عن الركب العالمي، رغم كل ما عرفه العالم من تحولات جذرية منذ سقوط جدار برلين الى الحربين الخليجيتين، وأخيرا أحداث ما عرف بالربيع العربي، الذي وإن لم ينجح في كل الدول، يبقى منعرجا فتح أعين الشعوب على حقيقة اختلال توازن العالم، بين غرب متقدم ومتفوق و«عالم عربي” يعاني الفقر والتشتت والإرهاب، رغم كل الإمكانات التي تتوفر عليه المنطقة والثروات التي حصرت في أيدي 10 في المائة من السكان، والنتيجة عالم ينتج ويتقدم، وعالم يستهلك ويتراجع آلاف السنين إلى الوراء، كان سببا في ظهور تنظيمات القاعدة وداعش وغيرها.وما يؤسف فعلا هو ما تردده بعض الأبواق الإعلامية، التي تصرخ عبر برامج وقنوات عربية، منذ بدء قصف اليمن، في محاولة لاستغباء الضمير العربي والنسيان العربي، بالشعارات الفارغة عن القومية والأمن القومي العربي، ليغرقوا في وحل الجهل ومزيدا من الفقر والتخلف والانشقاق والتبعية، هذه الأبواق التي اعتادت المتاجرة بكل القيم، تصف ما يحدث بقولها إن “العرب استفاقوا”، على رأي عادل إمام “روح يا شيخ”، أنتم أصبحتم مسخرة العالم، فالعالم يعلم أنكم استيقظتم لتقتلوا بعضكم، وتزدادوا تشتتا وحقدا على بعضكم، وتضيفوا في السجل العالمي حربا أخرى بتوقيع عربي ضد عربي، ومسلم ضد مسلم. أهذه هي اليقظة.. هل اليقظة أن تتصدروا الإعلام العالمي بحروبكم وليس باكتشافاتكم واختراعاتكم وإنجازاتكم وإصداراتكم ونظرياتكم وحملاتكم ضد الفقر والجهل والتخلف، إن لم تدركوا بعد، فالعرب منذ قرن من الزمن وبعد التحرر، لم يقدموا للعالم إلا الحروب، ولم لا يصنعوا إلا الموت، ولم يضيفوا شيئا إلى الحضارة الإنسانية إلا اختراعي “القاعدة” و«داعش”. أتساءل اليوم لما هذا الهوس بزعامة أمة لا تسجل سوى أعلى مستويات الفقر والتخلف والتناحر والقتل والموت والجهل والتخلف. متى تقود هذه الأمة حملات وعواصف ضد الجهل والفقر والتخلف ضد التبعية لأمريكا وغير أمريكا، ضد التبعية لهواجسها وخوفها من الآخر، فقط لأنها لا تستطيع مجاراة تقدمه وتفوقه ..يحتاج اليمن الشقيق أيتها الأبواق المضللة والضالة، إلى عاصفة للقضاء على التخلف والفقر والجهل، عاصفة لإصلاح ذات البين، عاصفة للخروج من التشتت والتخلف، عاصفة للرحمة والمحبة والأخوة والأمن والسلام، وليس عاصفة تدمر ما بقي جميلا في هذا البلد. أن تتزعم أمة عليك أن تفكر في الارتقاء بها وليس في النزول بها إلى الحضيض، أن تتزعم أمة أن تكون أنت كبيرها والكبير يجمع ولا يشتت، يصلح ولا يفسد، الكبير يتحلى بالحكمة وليس القوة، الكبير يعطي ولا يأخذ. لكن لا كبير في هذه الأمة إلا شعوبها وعليها أن تستيقظ فعلا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات