+ -

صورة أخرى من صور خرق الدستور تجري على مستوى البلديات في تنصيب المجالس الجديدة، فزيادة على النسبة الضئيلة التي شاركت في هذه الانتخابات وجعلت عملية الانتخابات غير دستورية، هناك أيضا تحايل سياسي تمارسه الإدارة، بالتنسيق مع الأحزاب الحاكمة، بالاستحواذ على ما تبقى من مقاعد لم يستحوذ عليها هذان الحزبان بالتزوير.1- هل يعقل دستوريا أن ترتفع حصة حزب الأفالان بنسبة 10% على الأقل في الحصول على المقاعد بعد الإعلان الرسمي بأن هذا الحزب حصل على 30% من الأصوات؟! هل يعقل سياسيا ودستوريا أن يصوّت المواطن على (x) من المرشحين فيجده تحوّل بعد النجاح إلى (Y) دون الشعور بأن الأمر يبطل المعنى العميق للانتخابات برمتها وليس عدم دستوريتها فقط؟ هل يعلم الحكام الذين يسكتون عن هذا التصرف وقادة هذه الأحزاب، إن كانت لهم قيادة أصلا، أن مثل هذه الممارسات لا تمس مصداقية الحكم فقط، بل تمس سمعة البلد ككل؟! بلد يصل فيه التزوير والتزييف والتسويف إلى هذا المستوى، هل يمكن أن يقال عنه إنه بلد؟!2- هؤلاء صدّعوا رؤوسنا بالكلام الفارغ الذي يتحدث عن عظمة التعديلات الدستورية الأخيرة ومنها منع التجوال السياسي بين الأحزاب، ماذا حدث حتى لا يطبق هذا المبدأ الدستوري على الأفالان والأرندي، وهما يأخذان مقاعد غيرهما في سياق التجوال السياسي؟! أليس هذا من الاحتيال السياسي وليس التجوال السياسي! هل يمكن أن تسمى بلديات تنصب بهذه الصفة الاحتيالية بأنها بلديات تمثل الشعب؟! وهي في الواقع تمثل الفساد السياسي والمالي والإداري وتضع البلديات في حالة شلل.3- أليس ما يحدث في تنصيب البلديات بهذه الطريقة هو سياسة مقصودة، لزيادة سطوة الإدارة على إرادة الشعب تتجاوز الحالة التي عرفتها بلديات المفوضيات البلدية (داك) عند إلغاء الانتخابات سنة 1992؟! البلد يتجه فعلا إلى فوضى عارمة قوامها تذمر على مستوى البلديات والولايات من هذا التصرف الذي تجاوز سوء تنظيم الانتخابات نفسها.. ويتزامن هذا مع شح الموارد، ويزداد البؤس في تنصيب مجالس احتيالية تزيد في سوء تسيير هذه الموارد القليلة أصلا.ومن العجيب أيضا أن تطبيق الدستور في الانتخابات بتخصيص (كوطة) 35% من المقاعد للنساء، جعل هؤلاء المحتالين سياسيا يسندون الترشيحات إلى نساء لا علاقة لهن بالسياسة، ويحصلن على مقاعد خارج التصويت الحر، ثم يوقعن وكالات تفويضية لرؤساء البلديات من أحزاب الحكم مقابل مبالغ مالية ووظائف على ظهر الدولة، ويمارس هؤلاء باسمهن التصويت على المداولات. إنها المهازل في تطبيق القانون والدستور تحصل على مسمع ومرأى من العدالة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات