الانشطار الانتهازي والوحدة المشبوهة؟!

+ -

من عجائب ما يحدث في الجزائر أن الأحزاب الإسلامية أصبحت قياداتها تتحدث عن الوحدة بين أحزاب هذا التيار، أكثر مما تتحدث عن تنظيم وتطوير هذه الأحزاب لأدائها السياسي أو ممارستها للعمل السياسي في معارضة جدية فاعلة للحكم أو حتى المشاركة الشكلية في هذا الحكم.1 - القيادات (السياسية) للأحزاب السياسية الإسلامية هي التي كانت وراء بؤس هذا التيار السياسي في التعاطي السياسي، مرة بمعارضة مخملية للسلطة، ومرة بمشاركة انتهازية فسادية لما تقوم به السلطة.. لكن كل هذا ليس بالأمر المهم، بل المهم هو أن قيادات هذه الأحزاب التي قارب عددها الـ10 أحزاب.. هذه القيادات هي التي كانت بانتهازيتها وأنانيتها وراء تقسيم هذا التيار إلى أحزاب عديدة، وبالتالي شل دور هذا التيار في الحياة السياسية، وأعطت السلطة قوة في مواجهة هذا التيار وتسييره كما شاءت، مرة بالعصا، ومرة بالجزرة.. وفي كثير من الأحيان الجزرة، لأن قيادات هذا التيار فيها صفة الأرانب عالية!2 - اليوم يتحدث قادة هذا التيار عن الوحدة بعد أن تسببت هذه القيادات في عمليات الانشطار هذه.. حماس انشطرت إلى 5 أحزاب بالانتهازية، وتيار جاب الله انشطر هو الآخر إلى 5 أحزاب... وقام بقايا الفيس بانشطار نووي لا يحصى، ولا نعرف عدد الكريات النيترونية الفيسية التي تشكل هذا الانشطار، وعادت نفس القيادات في هذه الأحزاب لتتحدث بكل بله سياسي عن قيادة وحدة اندماجية لهذا التيار من جديد، ولكن بنفس الوجوه السياسية التي قادت هذا الانشطار، ومثلما أنجز هؤلاء بالانتهازية العديد من الأحزاب الانشطارية، يسعون اليوم إلى قيادة وحدة خالدة تخلّدهم من جديد في هذه المناصب، ويعتبرون الوحدة إنجازا عظيما، مثلما اعتبروا الانشطار إنجازا أعظم! نعم السلطة مسؤولة عن الانشطار، ولكن القيادات أيضا مسؤولة مسؤولية مباشرة عما حدث، ويجب أن تدفع الثمن هي أيضا مع السلطة.3 - الحركات الإسلامية (الأحزاب) تكون بالفعل وحدتها واعدة إذا بنيت هذه الوحدة في الأساس على كنس كل الوجوه التي قادت هذه الأحزاب، سواء في المشاركة مع سلطة الفساد، أو قادت معارضة المخمل! وإبراز قيادات شبانية جديدة لا علاقة لها بالفساد السياسي لقياداتها الحالية.. ووضع برامج سياسية جادة وجدية تتجاوز بها مسألة التعاطي بانتهازية مع السلطة ومع الواقع البائس الذي كانت هذه القيادات جزءا منه، من خلال تحويل القيادة إلى مشيخات وتحويل النضال إلى منافع خاصة!4 - كل الشعب يعرف بأن الحركات الإسلامية بقياداتها الحالية مسؤولة مع السلطة، بطريقة أو بأخرى، عن الذي حصل في العشرية الحمراء، وعن الذي يحصل الآن في العشرية السوداء، عشرية الفساد.وإذا كان من الواجب كنس رجال السلطة المسؤولة عما آلت إليه البلاد لبناء جزائر جديدة، فإن كنس قيادات الأحزاب الإسلامية ضرورة وطنية لإعادة بناء سياسي يمكن أن يكون واعدا، ولعل هذا الاتجاه أصبح مطلبا قويا في حكاية توحيد الأحزاب الإسلامية.. وهذا هو السبب في تلكؤ القيادات عند الحديث عن الوحدة الاندماجية لهذه الأحزاب.. لأن قيادات هذه الأحزاب تعرف بانتهازيتها أن الوحدة الفاعلة تبنى على إبعاد هذه القيادات التي كانت سببا في بؤس التيار وبؤس الجزائر معه.. فهل يحدث ذلك؟!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات