+ -

قضية الفساد التي تحقق فيها العدالة في عنابة تعكس عمق تورّط نافذين في العبث بالمصالح ومؤسسات الدولة، وتعكس صراع المصالح بالمؤسسات الأمنية والعدالة..1 - بدأت القضية عندما استورد أحد الأشخاص شاشات تلفزية مسطحة على أنها ألواح شمسية للاستفادة من الإعفاءات الجمركية... لكن الرقابة الجمركية كشفت الأمر على مستوى الميناء، فقامت “الديوانة” بتحرير شكوى ضد المورّد بتهمة التصريح الكاذب، وانطلقت مصالح الأمن في التحقيق تحت إشراف العدالة! وفي هذه الأثناء تدخّل نافذون وتم إخراج الحاويات المصادرة بالميناء من دون المرور على العدالة والجمارك.وينطلق تحقيق آخر مواز لتحقيق الأمن والعدالة تحت إشراف الدرك الوطني.. وتتحوّل “الديوانة” الشاكية للعدالة بالمورّد على أنه قام بتصريحات كاذبة تخص سلعته إلى متهمة بالفساد، ويتوسع الملف إلى سلع أخرى غير شاشات التلفزة المستوردة على أنها ألواح شمسية، ومنها سلع رياضية وغيرها.. وتبدأ أجهزة الأمن والعدالة والدرك في عراك صامت حول الملف، وتتدخل السلطات العليا وتحوّل التحقيق إلى جماعة (D.R.S) لفك هذا الاشتباك، ويكتشف محققو الـ(D.R.S) أن صاحب الألواح الشمسية ليس هو المستورد الحقيقي لهذه الشاشات على أنها ألواح شمسية، وأن جهة نافذة تواطأت مع ممثل هذا المورّد المسكين واستخدموا أوراقه الرسمية في توريد الشاشات من الصين على أنها ألواح شمسية.. وأن المعني لم يستورد هذه السلعة ولا علاقة له بها، لأنه توقف عن استيراد الألواح الشمسية منذ مدة! وتتشعب القضية لتأخذ أبعادا أخرى، وتدخل في حكاية المخدرات والبوشي، وتتحوّل التحقيقات مرة أخرى إلى الدرك الوطني.ويبقى السؤال المحيّر: كيف تُحوّل الأموال إلى الخارج من حساب هذا المورّد دون علمه؟! إذا حدث ذلك فعلا؟ وكيف تتواطأ البنوك في هذا الأمر؟!والقضية بهذه الوقائع تدل على أن البلاد وصل فيها الفساد إلى مستويات لا تطاق... كممارسة الفساد باسم الناس وهم لا يعرفون، وهذه الممارسات لم تصل إليها حتى أعرق المافيات الإيطالية؟!والأمر إذن يتطلب معالجات جادة وجدية تتجاوز التحقيقات التقليدية للعدالة والأمن في محاربة الفساد، إلى طرائق جديدة في الكفاح ضد الفساد ومنها إطلاع الرأي العام على تفاصيل ما حدث.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات