38serv

+ -

الدور على من هذه المرة؟ سؤال يتردد في كواليس حزب جبهة القوى الاشتراكية منذ مباشرة الثنائي "العسكري- شريفي" مسار الاستحواذ على مقاليد أقدم حزب معارض وتحييد مراكز المقاومة. واعترف واحد من كوادر الحزب، فضل عدم الكشف عن هويته، بأن "الوضع صعب، حملة مطاردة "السحرة" انطلقت ومن يخرج رأسه "يطير" بالتعبير الشعبي".لحد الآن نجح الثنائي في إدارة المعركة باستخدام الأدوات نفسها التي استعملت من قبل الديوان الأسود لسحق المعارضة والعناصر المتمردة، وقام الثنائي باستغلال سذاجة الخصوم الذين توهموا أن هناك فرصة للتسوية والعودة للوضع القديم، وبدعم "المهمشين" في الحزب، وهم كوادر ونواب سابقون وأعضاء في الأمانات الوطنية السابقة والمجلس الوطني والفدراليات الولائية ومناضلون عاديون، عمل الفريق على تعديل علاقات القوة القائمة في الحزب وتغيير قواعد الاشتباك، تحسبا للمؤتمر المقبل المقرر في 2019.ويعد استهداف رئيس المجموعة النيابية للحزب السابق شافع بوعيش واحد من عمليات تعديل قواعد الاشتباك تمهيدا لخطوات موالية، في غياب رد فعل للجناح الثاني، فباستثناء حملات تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل المواساة يظهر الرعب على النفوس خشية أن يلقوا المصير ذاته.لم يأت رد الفعل قبل ذلك عند الانقلاب على فدرالية بجاية وإبعاد سليمة غزالي من إدارة "ليبر الجيري"، والحديث جار عن ملاحقة ثلاثة نواب آخرين في المجموعة البرلمانية للحزب هم الشقيقان بالول كريم وعزيز وسليمة غزالي مستشارة مؤسس الحزب الراحل حسين آيت احمد، وفق ما ذكره موقع "ماغراب ايمرجان" المطلع على شؤون الأفافاس.وحسب قيادي سابق فإن العملية كانت منتظرة ولن تتوقف إلا بإخضاع مجموعات المقاومة والاستحواذ كلية على مفاتيح الجهاز والاستئثار بمنافعه في المواعيد الانتخابية المقبلة. ويشعر المهمشون في الحزب أن دورهم حان، ومن حقهم الحصول حصتهم من ريوع الأفافاس الذي جرى توظيفه، حسبهم، سابقا من قبل مجموعة صغيرة لخدمة مصالحها الشخصية، عبر القيام باستثمارات وإنشاء شركات حازت على صفقات تدر الربح، خصوصا في مجال صيانة التجهيزات الطبية، مقابل هدنة طويلة مع السلطة، زيادة على الاستئثار بتمثيل الحزب في المجالس المنتخبة المحلية والوطنية.ويعيش أقدم حزب معارض نفس ما مر به حزب جبهة التحرير الوطني، بعد الاستقلال وحتى الآن، حيث استغل الإدارة للترقية السياسية والاجتماعية لكوادره.وبغض النظر عن الصراعات المحتدمة، وبعض منها خلافات شخصية وعمليات انتقام، يرى عارفون بشأن الأفافاس أن الحزب لم يعد مملوكا لمناضليه وأن المعركة القائمة للسيطرة على مقاليد الحزب أيضا تعد امتداد لصراعات في السلطة، فكلا الجناحين المتصارعين يرتبطان ويحتميان بعباءة جناح في السلطة، وأن الخطاب القائل بإعادة الحزب لمناضليه والتي يوظفها جناح في الحزب ما هي إلا للتغطية على عملية الاسترجاع الجارية.حزب عاديوتظهر المعركة المحتدمة حاليا أيضا أن الأفافاس ينتظره مسار انتقالي مؤلم، قد لا ينجو منه أو ينتهي به في أحسن الأحوال كحزب عادي يجلس مع ناشئي الطبقة السياسية، مع خطر فقدان وعائه الانتخابي، وسط منافسة محتدمة من قوى صاعدة في منطقة القبائل التي تشهد تصاعد المد الانفصالي، بينما يجري الحديث في دوائر مغلقة من الجناح الثاني عن خيار إيجاد بديل تنظيمي جديد، بدل البقاء حتى هيمنة التيار الفوضوي الاحتجاجي، وهي مرحلة سار عليها كوادر سابقون وجدوا في مرحلة ما من حياتهم السياسية أن لا خيار لهم سوى الاستقلال وهو ما مرت به مجموعات أخرى اختلفت مع رئيسيه أو جرى إقصاؤها، حيث تفرعت من التنظيم الأم أحزاب وتشكيلات قيد التأسيس، فانشق سعيد سعيد في مرحلة السرية، ولحقه كوادر آخرون في محطات لاحقة، ليستمر النزيف في سنوات الـ90 من القرن الماضي ثم ما عرف بأزمة النواب الثمانية في 1999، وصولا إلى كريم طابو الذي استقال في 2013.وحسب واحد من كوادر الحزب، فإن خيار الاستقلال عن الهيكل الحالي، وإن كان غير مطروح في المرحلة القليلة المقبلة، يبقى قيد النظر إذا انسدت الآفاق كليا وانعدم الحل الديمقراطي واستمر الانتقام من إرث مؤسس الحزب حسين آيت احمد.غياب الإجماع الداخليتتم عملية إعادة الانضباط للحزب ومحاربة "الذئاب" المنفردة، في وقت يحاول الحزب بعث مبادرته المتعثرة "إعادة الإجماع الوطني" التي أطلقها الحزب قبل 5 أعوام، وشارك في تسويتها في 2015، وهي مبادرة غامضة لم تلق رواجا في الطبقة السياسية والإعلامية ولدى السلطة، في ظل الشكوك حول أهدافها ومراميها.وأصبح من الصعب جدا على الآخرين الاقتناع بخطاب إعادة الإجماع الوطني، والحزب يقدم صورة عن تنظيم متناحر، ممزق، مفكك، يعطي دروسا للخروج من الأزمة وهو عاجز عن ضبط بوصلته السياسية واحتواء تناقضاته الداخلية وتحقيق إجماع داخلي بين مكوناته وتياراته.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات