مستقبل زراعة "الكيف" في رحاب جامعات المخزن!

38serv

+ -

تمكن المغرب على مدى 20 سنة الماضية من أن يجعل من زراعة القنب الهندي موردا أساسيا لتمويل اقتصاده، تحت غطاء تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية. فبعد أن كانت هذه الزراعة مقتصرة على منطقة الريف، انتقلت خلال العشريتين الماضيتين إلى محرك للاقتصاد ومصدر للرشاوى على المستوى الدولي، بدعم من القصر الملكي الذي هيأ لزراعة هذه السموم الإطارَ القانوني اللازم لتصبح حقول نبتة المخدرات في المراتب الأولى قبل أي زراعة غذائية أخرى.

وقد استعرضت دراسة أنجزتها وزارة الداخلية المغربية سنة 2021، حول جدوى تطوير إنتاج القنب الهندي، الدخل المالي المتوقع من هذه الزراعة، وفرضيات تخص مركز المغرب المنتظر في سوق القنب الهندي على المستوى العالمي.

وأفادت هذه الدراسة الرسمية، التي قدمت أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أن الدخل الصافي للهكتار الواحد لزراعة القنب الهندي، أو "الكيف"، يمكن أن يصل إلى 110 ألف درهم سنويا (حوالي 13 ألف دولار)، وهو ما يمثل تحسنا بنسبة 40% مقارنة مع أعلى مستوى للدخل في تلك الفترة.

في نفس الإطار، أكد التقرير العالمي حول المخدرات لعام 2022، الذي نشره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن المغرب يحتل صدارة الدول لمنشأ القنب الهندي، ما يجعل هذا البلد أكبر منتج ومصدر لهذا النوع من المخدرات.

وبالإضافة إلى الترسانة القانونية التي أصبحت تحمي زراعة القنب الهندي، فقد دأبت الجامعات المغربية على تنظيم ندوات دولية تعنى بآفاق زراعة الكيف، آخرها جامعة مولاي إسماعيل بمدينة مكناس التي احتضنت الخميس الماضي ندوة دولية حول "زراعة الكيف بشمال المغرب.. التحولات والآفاق"، وكذا موضوع تنظيم الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي بالمغرب، في أعقاب دخول القوانين والتدابير المتعلقة بتقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية حيز التنفيذ.

وأوضح منسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي شكيب الخياري، خلال تدخله في الجلسة الأولى من الندوة، أنه اختار التطرق إلى واقع التشريع الترفيهي للقنب الهندي بالعالم والمغرب وآثاره الممكنة، نظرا للتوجه العالمي خلال العقد الأخير نحو تقنين الاستخدامات الترفيهية للقنب الهندي.

وأشار منسق الائتلاف المغربي إلى أنه خلافا لحداثة تجربة استخدام القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، فإن استعماله الترفيهي يعود إلى سنوات طويلة، لافتا إلى أن التقرير الصادر سنة 2022 عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعا إلى التفكير في تضمين استراتيجية تقنين زراعة القنب الهندي، في المرحلة الموالية، الاستعمال الشخصي باعتماد قنوات توزيع خاصة.

كما توقف المتحدث عند تقرير أصدرته لجنة النموذج التنموي الجديد، التي لم توص فقط بتقنين زراعة القنب الهندي، ولكن برفع التجريم عن استهلاك كميات محددة منه. وتساءل، في هذا السياق، إن كان توجه المغرب نحو تنظيم الاستهلاك الترفيهي لـ "الكيف" ضرورة أم تقليدا لتوجه عالمي.

ولفت الخياري إلى أن هناك أطرافا دولية تعتبر أن تنظيم القنب الهندي لأغراض ترفيهية، إلى جانب تحقيقه أرباحا مهمة، وتقليص حجمه بالسوق السوداء، يساعد على التقليل من الإضرار بالصحة، مردفا أنه في غياب دراسات حاسمة في موضوع استهلاك القنب الهندي، تتعالى الدعوات المطالبة بإجراء مزيد من الأبحاث لفهم تأثير تشريع الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي على الصحة العامة.

يذكر أن تنظيم هذه الندوة يأتي تنفيذا لخطة العمل المسطرة لإنجاز مشروع بحثي حول "إشكالية زراعة الكيف بشمال المغرب والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والمجالية".

كما تهدف هذه الندوة التي نظمتها على مدى يومين مجموعة البحث في الجغرافيا والمجتمع والتهيئة، بتعاون مع مجموعة البحث في الإنسان والمجال والديناميات الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في مكناس، إلى تشخيص واقع زراعة القنب الهندي بأقاليم الشمال، وإبراز مختلف التحولات والتجارب الدولية حول هذه الزراعة، فضلا عن استشراف آفاق الاستعمالات المشروعة لهذه الزراعة.

للتذكير، فقد كان أول مؤتمر دولي تنظمه الرباط لتقنين زراعة "الكيف" قد جرى في شهر مارس 2016، حيث استهدف القائمون عليه الخروج بتوصيات تشكل أرضية مرافعات في الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالمخدرات والجريمة.