38serv

+ -

 من الآداب المستحبة في يوم العيد الاغتسال والتجمل، والتطيب ولبس أحسن الثياب، لأنه يوم يجتمع فيه الناس، فينبغي للمسلم أن يكون في هذا اليوم على أحسن مظهر، وأتم هيئة، وذلك إظهارا لنعمة الله عليه، وشكرا له على ما تفضل به، فإن الله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

والسنة في عيد الفطر أن يأكل قبل الصلاة، وأن يأكل تمرات وترا، ثلاثا أو سبعا أو تسعا.. وأما في الأضحى، فلا يأكل حتى يذبح أضحيته فيأكل منها، فعن بريدة رضي الله عنه قال: “كان النبي صلّى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع فيأكل من أضحيته”.

ويسن الإكثار من التكبير يوم العيد حتى يخرج الإمام لصلاة العيد؛ فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما: “إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبّر حتى يخرج الإمام”، وجاء عن الزهري أنه قال: “كان الناس يكبّرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام؛ فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبّر كبّروا”.

إقامة صلاة العيد؛ فهي من الشعائر التي ينبغي على المسلم أن يخرج إليها مبكرا ليصليها مع الإمام، قال الحافظ ابن حجر: “لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة، والخروج إليها، ومن لازمه أن لا يفعل شيئا غيرها، فاقتضى ذلك التبكير إليها”.

ذبح الأضحية؛ ويكون بعد صلاة العيد؛ لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “من ذبح قبل أن يصلي؛ فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح”، ووقت الذبح: أربعة أيام، يوم النحر، وثلاثة أيام التشريق؛ لما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: “كل أيام التشريق ذبح”.

والتهنئة بالعيد من العادات الحسنة التي تعارف عليها الناس، مع ما فيها من تأليف القلوب، وجلب للمودة والألفة، وعليه فلا حرج في التهنئة بأي لفظ من الألفاظ المباحة كأن يقال: “عيد مبارك”، أو “أعاده الله عليك”، أو “كل عام وأنتم بخير” أو نحو ذلك من العبارات، وقد كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: “تقبل الله منا ومنك”.

بعد صلاة العيد، يستحب المبادرة بذبح الأضحية، والسنة أن يتولاها صاحبها، وله أن يوكل في ذبحها، والأفضل إن وكّل أن يشهد ذبحها..

ويستحب التكبير مع التسمية، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، قال: «ضحى النبي صلّى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صفاحهما”.

أما كيفية قسمتها، قال الإمام أحمد: «نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد الثلث، ويتصدق على المساكين بالثلث».

ومما اختص الله به عيد الأضحى أنه يوم الحج الأكبر، وقد روى الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يوم النحر يوم الحج الأكبر”.

ومن فضائل يوم عيد الأضحى اجتماع العبادات فيه؛ كسوق الهدي والطواف والسعي، وذبح الأضحية لغير الحاج، وغير ذلك من الأعمال الفاضلة التي تشرع في هذا اليوم المبارك.
ويستحب التكبير عقب الصلوات الخمس، ويبدأ من فجر عرفة إلى اليوم الثالث من أيام التشريق، وهو الرابع من أيام العيد.

هذا ولم تكن هذه الأعياد الشرعية مجرد لهو ولعب وأكل وشرب وزينة فحسب، ولكن لحِكَم ومقاصد عظيمة، ومن تلك الحكم والمقاصد أنها شرعت لشكر الله تعالى على نعمه وإحسانه، قال تعال: {ولتُكمِلوا العدّة ولتُكبّروا اللّه على ما هداكم ولعلكم تشكرون}.

ومن مقاصد عيد الأضحى تعظيم قدر الأضحية، وتعظيم الاستجابة لأمر الله فيها، وفرح أهل الإيمان برحمة الله وفضله، قال تعالى: {قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.

ومن الحكم كذلك تعظيم شعائر الله تعالى، قال سبحانه: {ومن يعظم شعائر اللّه فإنها من تقوى القلوب}، والأعياد المشروعة من شعائر الله المهمة التي عظمها الإسلام.

واﻷضحية ربط للماضي بالحاضر وإحياء لذكرى أبي اﻷنبياء سيدنا إبراهيم مع ولده المبجل سيدنا إسماعيل عليهما السلام، ويكفي خيرا للمسلم أن تغرس فيه بمناسبة عيد اﻷضحى قيم التضحية وتحمّل المسؤولية والمشاورة والفداء. والأضحية تجديد الصلة بالله، وإحياء لشعيرة الذكر، قال تعالى: {فاذكروا اسم اللّه عليها صوافَّ}.

وإن من مقاصد الإسلام أن يكون المؤمن دائم الذكر، شديد الصلة والربط بالله سبحانه وتعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين}. ولأجل ذلك، كان تشريع ذكر الله عند الذبح تحقيقا للتوحيد المطلق لله تعالى: {ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المُخبتين}.

ومن المقاصد العظيمة التي شرعت لأجلها الأعياد في الإسلام تعميق التلاحم بين أفراد الأمة الواحدة، وتوثيق الرابطة الإيمانية، وترسيخ الأخوة الدينية بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، مصداقا لقول المصطفى صلّى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا”. ويحس بعضهم ببعض، ويكفل بعضهم بعضا، ويعين بعضهم بعضا، ولهذا وجد في باب العبادات: زكاة الفطر، زكاة المال بكل أنواعها، الكفارات، النذور، الحج، الأضاحي... كل هذا لتحقيق التكافل الاجتماعي، قال الله تعالى: {فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر}.