38serv

+ -

 حرص العلماء والقادة والرجال على الدفاع عن قضية العرب والمسلمين الأولى، وكان من بين أولئك علماء الجزائر الذين تابعوا تطوّراتها المختلفة منذ أيامها الأولى، ومن هؤلاء الأعلام رجال الإصلاح من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومن هؤلاء الشيخ الفضيل الورتلاني رحمه الله.

وللشّيخ الفضيل الورتيلاني المئات من المقالات والرسائل والبرقيات والخواطر الثائرة عن قضية فلسطين، لعل أبرزها مقال له سنة 1954، جاء في صيغة نداء وندبة وتحسر تحت عنوان “هل يعرف العرب هذه الحقائق عن فلسطين – أنقذوا الممكن منها قبل نزول الغضب”، كتبه بعد أن كلفه المؤتمر الإسلامي العام بزيارة الأماكن المقدّسة ومعايشة الفلسطينيين عن كثب لمدة ثلاثة شهور. وقد نبّه فيه إلى أهمية اضطلاع الفلسطينيين بعبء العمل الجهادي، والحفاظ على الجزء المتبقي من الأراضي الفلسطينية ومقاومة العدو الصهيوني من الداخل.

وقال في “البصائر” في العدد 286 سبتمبر 1954: “أيها العرب، أيها المسلمون، إليكم أسوق الكلام لمرة أخرى عن فلسطين، وأنا أعلم أنكم قد مللتم الكلام عن فلسطين لأنكم ألفتموه من عشرات السنين حتى ما بقي ضرب من ضروب البيان في النظم والنثر إلا وقد مرّ على أسماعكم يحمل اسم فلسطين، ومآسات فلسطين وكارثة فلسطين، والدعوة إلى التضحية بالمال والأنفس في سبيل فلسطين، وإلى غير ذلك من صراخ وبكاء وعويل على فلسطين، على أننا نقوم بملء الفضاء بتلك الصيحات من الأقوال مزهوين كأن اليهود يملأون بالأفعال صامتين ومتواضعين”.

وحذّر في مقال نشر في “البصائر” في العدد 290 سبتمبر 1954، جاء فيه: “لعلّ أبرز صفة في اليهود وأقواها على نجاح سيادتهم العالمية هي المهارة في استغلال الفرص، بل وفي خلقها في كثير من الأحيان، فما من حادثة ذات أهمية تقع في جانب من جوانب الكرة الأرضية، إلا وتجدهم أسبق الناس إلى دراستها ومحاولة الاستفادة من آثارها الحسنة والسيئة إلى السواء، وعلى العكس من ذلك، فلعل أبلد الناس في هذا المعنى بالذات هم حكام العرب..”.