“هذه فلسطين الشهيدة ضائعة متلاشية.. فماذا أنتم فاعلون؟”

38serv

+ -

 لا زالت فلسطين ونضالها التحرّري لا تغيب عن أية مناسبة سياسية أو ثقافية أو حتى رياضية أو فنية تحتضنها الجزائر على امتداد جغرافيتها وولاياتها، كما لا يختلف اثنان في أن هذا الشعور مشترك لدى مختلف فئات الشعب الجزائري من علماء وقادة وسياسيين ومثقفين وغيرهم، في اعتبار أن فلسطين قضيتهم وقضية الأمة العربية الإسلامية المركزية.

وإن علماء الجزائر ورجال إصلاحها خاصة من رجالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كانوا في مقدّمة الركب، قبل وبعد احتلال فلسطين من قبل المستعمر البريطاني وبعد المحتل الصهيوني، ومن أبرز هؤلاء السادة الأستاذ أحمد توفيق المدني عليه شآبيب الرحمة والغفران. فقد أولى الأستاذ أحمد توفيق المدني اهتماما بالغا بالقضية الفلسطينية، وهذا ما تمثل في مواقفه إزاء ما يحدث في فلسطين. فقد كشف عن سبب انصياع بريطانيا لأوامر اليهود وتنفيذ مصالحهم، فقال: “... إلا أن إنكلترا قد ارتبطت بالعهد البلفوري ارتباطا وثيقا لحمته المصلحة من أجل الذهب، واليهود ملوك الذهب في الدنيا يقتادون الشعوب بأسرها في الطريق الذي يرونه ملائما لمصالحهم الخاصة، فلم تستطع إنكلترا أسيرة الذهب اليهودي أن تنفض يدها من تصريح بلفور، وأن تعترف علنًا بأن الحق كل الحق للعرب وأن فكرة الوطن القومي اليهودي قد لحقت إلى الأبد بفكرة الوطن القومي الأرمني حول أرض روم...”. ومما كتبه الأستاذ المدني: “إن القلوب لتنفطر والأنفس لتتقطع مما هو جار في فلسطين البائسة التعسة، وما يريده لها القوم من تمزيق الأوصال وتقطيع البلاد وتثبيت القدم الصهيونية بصفة دائمة مستمرة”.

وبعد طرح مشروع تقسيم فلسطين سنة 1937 وزيادة النشاط من حركة هجرة وتسلح، استنفر الأستاذ أحمد توفيق المدني الضمير الإسلامي لإنقاذ فلسطين، محمّلا المسلمين شعوبا وقادة المسؤولية التاريخية بقوله: “إن قدّر الله وضاعت فلسطين، فإنها والله لن تذهب ضحية الصهيونيين، بل تذهب ضحية المسلمين الجامدين، وضحية ملوك المسلمين المتغافلين، فيا عامة المسلمين ويا خاصتهم، ويا ملوكهم وأمراءهم وقادتهم، هذه فلسطين الشهيدة ضائعة متلاشية، فماذا أنتم فاعلون؟”. وكتب الأستاذ أحمد توفيق المدني سنة 1938 مقالات، بيّن فيها شدّة مقاومة الفلسطينيين للاستعمارين الإنجليزي واليهودي، موضحا الأفعال الإجرامية والوحشية التي قام بها هذان الأخيران اتجاه الفلسطينيين، واحتلال الإنجليز عسكريا للبلاد والهيمنة على المناطق التي استرجعها الوطنيون خلال الأشهر الأخيرة من الهيمنة.