38serv
إن ما يجري لإخواننا في فلسطين وغزة بالخصوص، من عدوان وقصف وحصار وتهجير، هو جرم وعمل وحشي ترفضه كل الأديان والقوانين الدولية، إننا نتابع بمرارة عداء الصهاينة المحتلين في فلسطين، واقتحامات باحات مسجد الأقصى، والتمادي في الغطرسة وتوسيع المستوطنات، وحصار وتجويع قطاع غزة، وحرمان شعب أعزل من حقوقه.
ولا يستطيع أحد منا السكوت أو التغاضي عما يجري لإخواننا الفلسطينيين من بطش وتنكيل وقصف مستمر دام حوالي الشهر دون انقطاع، والذي لقي صمودا واستبسالا منقطع النظير رغم قلة العدة والعتاد، والمستغرب في الأمر سكوت الأمتين العربية والإسلامية عما يجري لإخوان لنا يدافعون عن مقدّساتنا وكرامتنا وعزنا وشرفنا.
يخالج المؤمن الحرّ الأبي الكثير من الحزن والغيرة على مسرى نبينا وقبلتنا الأولى وموطن تحن قلوب كل مؤمن إليه، أرض الرسالات ومهدها، جزء لا يتجزأ من بلادنا الإسلامية، بلد هُجِّر شعبه واستشهد أحراره ورُمّلت نساؤه ويُتم أطفاله، واجتث غرسه واستوطنت أراضيه وحوصرت بلداته وقراه ومدنه، وطوّقت قطاعاته وحرقت مساجده وقتل مصلوها، كل هذا في زمن المواثيق الدولية و(حقوق الإنسان)!! إن كل هذا يستدعي من كل عاقل حر التوقف والتأمل للنظر في هذا التخاذل والاستسلام، ولاستشعار المسؤولية الملقاة على كل عربي ومسلم تجاه إخوانه الغزاويين.
نستحضر القضية لنذكر أنفسنا وإخواننا المسلمين، ونعلم أبناءنا وكل الأجيال الصاعدة أن النصرة والموالاة في الله واجب ديني وفرض عيني، قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، قلوبهم متحدة في التوادد والتحابب والتعاطف، بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمّهم من الإيمان بالله.
إن قضية فلسطين والمسجد الأقصى والقدس وغزة يجب أن تكون قضية كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإن دعم ومساندة شعب فلسطين فريضة شرعية على كل مسلم ومسلمة في العالم أجمع استجابة لقوله تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر...}، وفي وسع كل مسلم أن يفعل أشياء كثيرة لمساعدة إخواننا في فلسطين، منها:
-استشعار عظم آلام إخواننا ومواساتهم انطلاقا من قول الله عز وجل: {إنما المؤمنون إخوة}، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: “مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، فيجب على المسلم نصرة أخيه المسلم بما يستطيع، وذلك لأن دعم أهل غزة واجب شرعي على المسلمين كافة، وبكافة الوسائل التي ترفع العدوان عنهم.
-الدعاء الصادق لإخوانه سرا وعلانية بقلب صادق ونفس منكسرة، يدعو الله أن يفرج عن إخوانه المسلمين في غزة ما حلّ بهم، يدعو لهم بالنصر والتمكين والثبات، يدعو الله أن يخفف آلامهم ويداوي جراحهم وينصرهم على اليهود المعتدين. فالصهاينة في العالم يقدّمون الدعم المالي والبشري والإعلامي والحربي لصهاينة إسرائيل لإبادة الشعب الفلسطيني وهم على باطل وضلال، فكيف بنا ونحن أصحاب قضية محقة وعادلة.. لذا، فعلى المسلمين أن يساعدوا إخوانهم بالبذل والعطاء بسخاء وجود كبيرين، لأن هؤلاء الأبطال يدافعون عن مقدّساتنا وكرامتنا.
ويستطيع المسلم في غير فلسطين أن يجهز الغزاة والمجاهدين “فمن جهَّز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا”، ولا بد من نشر الوعي بهذه القضية بين الأمة؛ بحيث يعلم القاصي والداني حقيقة هذه القضية، وأنها ليست خاصة بالشعب الفلسطيني، وإنما هي قضية دينية إسلامية تتعلق بديننا وكتاب ربنا، وأن نعلم أولادنا ونساءنا وسائر أفراد أمتنا أن القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث صلى بالأنبياء عليهم السلام جميعا إماما، وكان هذا إيذانا ببيعته صلى الله عليه وسلم هو وأمته، لكي يحملوا لواء الوحي الإلهي للبشرية إلى يوم القيامة بذلك الفهم الواعي، تستعصي الأمة مستقبلا على أكاذيب الإعلام ودعاوى التطبيع مع العدو الظالم المغتصب.
فواجب على الإعلام بث التفاؤل والصمود والدعم المعنوي، والتعريف بالقضية الفلسطينية، وبيان حقيقة ما يحدث في غزة، وكشف القناع عن المشاركين في المؤامرة الدائرة على الشعب الفلسطيني، ونقل ما يحدث من عمليات إبادة وتدمير وقتل وتشريد للعالم أجمع، مع تشكيل ضغط إعلامي على الرأي العام العالمي، واستطلاع آراء مشاهير العلماء والمفتين في حكم الإسلام في التخاذل عن نصرة أهل غزة.
وعلينا دعوة العالم الحرّ للعمل على سرعة وقف العدوان الصهيوني على أهل غزة، وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني العادلة التي أقلها وقف الحصار الآثم على غزة، وفتح المعابر للاتصال بالعالم، وعدم المساس بالمقدّسات، والسماح لكل الفلسطينيين بالصلاة في المسجد الأقصى، وعودة الفلسطينيين لبلادهم، وإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية.
بهذا الوعي تتقوى الأمة وتوثق صلتها بالقوي الجبّار منزل الأرزاق وناصر المؤمنين المحتسبين، فتستعصي الأمة مستقبلا على العدو الغاصب بوحدتها ويقينها بما عند الله، وليس بما عند أهل الهزيمة والخذلان من تطبيع واتفاقيات سلام على صناعة الأمريكان والصهيونية، وتصبح الأمة محصّنة دينيا من الخديعة حتى يأتي وعد الله بالنصر على اليهود، وهو آت لا ريب فيه إن شاء الله، إذا عدنا إلى الله سبحانه وتعالى وطبّقنا ديننا تطبيقا صحيحا. والبداية بعد التوبة الصلاة في المساجد التي ترعب العدو، وفيها تتوحد القلوب وتتجمّع الأمة على أتقى قلب رجل واحد.