يعد التطوع من السلوكيات والقيم الإيجابية التي حث عليها الشرع الحنيف وندب إليها، قال الله تعالى: “فمن تطوع خيرا فهو خير له” البقرة:184 ذلك لما يترتب على العمل التطوعي من نفع الخلق وقضاء حوائجهم.
وللعمل التطوعي في مجتمعنا قيمة أصيلة، وله من الآثار والثمار الإيجابية ما لا يحصى، ليس على المستوى الفردي فحسب، بل على المجتمع بأسره، خاصة وأنه يعدّ جزءا من الممارسات اليومية للفرد الجزائري، حيث يسعى في شهر رمضان المعظم، عبر الجمعيات الخيرية والإنسانية ومطاعم الرحمة لأن يزيد من رصيد حسناته، مبتغيا بذلك الأجر الجزيل من الله عز وجل.
فرمضان شهر البر والإحسان والجود والكرم والإنفاق، يقول الله تعالى: “فمن تطوّع خيرا فهو خير له”. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلرسول الله صلّى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة” متفق عليه.
والعمل التطوعي بالنسبة للفرد الجزائري مبادرة ذاتية من المتطوع لتقديم عمل خيري أو خدمة للآخرين لوجه الله تعالى دون مقابل للإسهام في نفع الآخرين، سواء أكانوا أفرادا أو مجتمعا، وهو من السلوكيات والقيم الإيجابية التي حث عليها الشرع الحنيف وندب إليها، ذلك لما يترتب عنه من نفع الخلق وقضاء حوائجهم.
ولقد جعل الله سبحانه الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين. فقال عنهم: “إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” الذاريات:16-19. ووعد سبحانه بالإخلاف على من أنفق في سبيله، فقال: “وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين” سبأ:39. ووعد بمضاعفة العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافا كثيرة، فقال: “من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة” البقرة:245. قال النبي صلّى الله عليه وسلم: “وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مؤمن، تكشف عنه كربا أو تقضي عنه ديْنا أو تطرد عنه جوعا” رواه البيهقي. وقال صلّى الله عليه وسلم: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة” رواه الحاكم.
وعَدّ النبي صلّى الله عليه وسلم العمل التطوعي في صورة إماطة الأذى شعبة من شعب الإيمان، كما جعله سببا من أسباب دخول الجنة في صورة قطع الشجرة التي كانت تؤذي المسلمين في الطريق، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان” متفق عليه. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: “لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين” رواه مسلم.
وتتعدد الأعمال التطوعية في شهر رمضان الفضيل، سواء تعلقت بالعمل الفردي أو الجماعي، منها: التصدق على الفقراء والمساكين، المساهمة في إعداد موائد الرحمن التي تنتشر خلال الشهر الفضيل لإفطار الصائمين، اتباع الجنائز، تنظيم زيارات للمرضى ودور المسنين ودور الأيتام والتواصل معهم، تنظيف الأحياء من القذورات المنتشرة في كل مكان،.. وغير ذلك.