شهر رمضان ليس شهر الصيام والقيام فحسب، ولكنه كذلك شهر القرآن، فله خصوصية بـ«القرآن”، قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} البقرة:185، فأنزل القرآن الكريم جملة في هذا الشهر المبارك، وفي ليلة مباركة وهي ليلة القدر، كما قال سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها} القدر:1-4.
فرمضان هو شهر القرآن، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان؛ حين يلقاه جبريل عليه السلام كل ليلة يُدارسه القرآن. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعتُه الطعام والشراب بالنهار فشفّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفّعني فيه. قال: فيشفعان” رواه أحمد.
لقد خص الله سبحانه وتعالى شهر رمضان المبارك من بين سائر الشهور بإنزال القرآن الكريم فيه، وخصه كذلك بوجوب الصيام شكرا لله على نعمة القرآن، والقرآن الكريم كتاب السعادة، ودستور العدالة، وقانون الفضيلة، وهو الحافظ لمن تمسك به من الرذيلة، وهو يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا، فهو يهدي للعبادة والخُلق والمعاملة والموعظة الأقوم.
وكان سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين يتدارسون القرآن الكريم في رمضان ويقومون به رمضان، ولهذا كان من الواجب على المسلمين أن يتخذوا من القرآن مائدة رحمانية يتحلّقون حولها ويحفون بها طلبا لنفحات القرآن وحلاوة ذِكره، لأن مجلس القرآن هو مجلس لذكر الله، ومجلس الذكر روضة من رياض الجنة، قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله وهو النور والشفاء النافع لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه”. وكان الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه لا يُفتي ولا يدرس في رمضان ويقول: هذا شهر القرآن، وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يغلق الكتب ويقول: هذا شهر القرآن. يقول العلامة ابن رجب الحنبلي: وفي هذا دلالة على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان.
وعلى المسلم أن يحرص على عمل برنامج يومي يلتزم فيه بتلاوة القرآن حتى يحافظ على سوره وآياته في قلبه، ولأن القرآن الكريم منهجا للمسلم لذلك يحرص على العمل، القرآن الكريم لا يحكم هواه في أموره الدنيوية، ويجب أن لا تغفل عن تعليم القرآن الكريم لأبنائك في صغرهم حتى يحبوا القرآن الكريم ويحرصوا على تلاوته حتى عندما يكبرون، وحتى يبقى القرآن نورا وشعلة تحيا في المسلم.