38serv

+ -

بابتسامة “مُحيرة”، واجه عبد المومن خليفة قرار محكمة الجنايات بالبليدة، الحكم عليه بـ18 سنة سجنا وغرامة مالية بمليون دينار جزائري ومصادرة محجوزاته. لكن هدوء المتهم الأول في قضية خليفة، لم يكن ليخفي قلقا عارما بدا على محاميه، فصرح بأن “الحكم قاس وسنستأنف ضده”. وخليفة في الحكم الصادر أمس، هو أحد ثلاثة متهمين لن يغادروا السجن، بينما سيستفيد البقية من الإفراج رغم إدانة بعضهم.قضت محكمة الجنايات بالبليدة بإدانة 52 متهما في قضية خليفة بنك، بعد 8 أيام من المداولات بين أعضاء هيئة المحكمة. وكان أقصى حكم صادر على عبد المومن خليفة الذي سلطت عليه عقوبة 18 سنة سجنا وتغريمه بمليون دينار ومصادرة محجوزاته، وذلك بعد أن أثبتت المحكمة عليه تهم تكوين جماعة أشرار والتزوير واستعمال المزور والسرقة والنصب والاحتيال والرشوة والإفلاس بالتدليس وخيانة الأمانة، بينما نفت عنه فقط تهمة استغلال النفوذ.مدان في كل التهم إلا من استغلال النفوذ!ورغم رفض المحكمة منح عبد المومن خليفة شروط التخفيف التي تسمح بتقليص العقوبة المسلطة عليه، إلا أن المتهم الأول في القضية بدا في حالة طبيعية، يوزع الابتسامات طول الجلسة، ويبادل بعض من حياه من الحاضرين في الجلسة بالتحية، في موقف عجز الكثيرون عن تفسيره قياسا إلى الحكم المشدد نوعا الذي صدر في حقه، إذ كان محاموه يأملون في 10 عشر سنوات على أقصى تقدير، كما صرحوا بذلك قبل انطلاق الجلسة.وتفاوتت الأحكام الأخرى الصادرة في حق بقية المتهمين، بين 10 سنوات كأقصى عقوبة نالها جمال قليمي، المعروف بأنه الذراع الأيمن لعبد المومن خليفة. ثم شعشوع عبد الحفيظ مدير الأمن والحماية بمجمع خليفة الذي نال عقوبة 8 سنوات سجنا، وأخوه شعشوع بدر الدين بـ6 سنوات سجنا، يليه إيسير إيدير مدير وكالة سطاولي ببنك التنمية المحلية الذي حكم عليه أيضا بـ6 سنوات. أما الموثق عمر رحال الموجود في حالة مرضية متقدمة نظرا لسنه الطاعن، فحكم عليه القاضي بـ5 سنوات، ولم يكن المتهم موجودا في القفص أثاء النطق بالحكم.وكانت المفاجأة الكبرى في إثبات تهمتي تكوين جماعة أشرار والسرقة مع ظرف التعدد على المدرب الوطني السابق مزيان إيغيل، وهو ما كان سوف يعرضه لعقوبة مشددة، إلا أن القاضي منح له إجراءات التخفيف وعليه جاء الحكم بـ3 سنوات سجنا. وبدا مزيان متأثرا جدا عند نطق القاضي بإثبات التهمتين عليه، حيث كان يحرك رأسه ويتمتم بكلمة “هذا مستحيل”، وفق ما نقل محامون كانوا قريبين منه. وحتى الحضور سجلوا تعاطفا كبيرا مع مزيان وقالوا إنه لا يستحق كل ذلك.خليفة ورحال وقليمي باقون في السجن والإفراج للبقيةوعلا الارتياح وجوه 52 من المتهمين استفادوا من البراءة، أغلبهم متابع بتهمة خيانة الأمانة التي أسقطتها عنهم هيئة المحكمة عند تصويتها على الأسئلة بالإجماع، كما شرح ذلك المحامي نبيل بن وراث الذي استفاد موكله من البراءة. وقال المحامي إن هذه الفئة كانت ضحية تعقيد القضية التي جعلت من التحقيق يضعها في خانة المتهمين. ومن أبرز هؤلاء بن ويس ليندة، ابنه المدير العام السابق للخطوط الجوية الجزائرية، التي أسقطت عنها تهمة عدم سداد مبلغ 900 مليون سنتيم لعبد المومن خليفة.كما تضمنت هذه الفئة من المستفيدين من البراءة، معظم إطارات ومديري المؤسسات العمومية الذين أودعوا أموالهم في بنك خليفة ووجدوا أنفسهم بعد ذلك متهمين بتهمة استغلال النفوذ والرشوة.ومع أن الحكم جاء بالإدانة على 19 متهما آخر، إلا أن 3 منهم فقط سيبقون في السجن، وهم عبد المومن خليفة وجمال قليمي وعمر رحال. هذا الأخير استغرب محاميه الحكم وقال إن هذه العقوبة لم تراع حالة موكله الصحية. أما البقية فسيفرج عنهم لأنهم استنفذوا مدة العقوبة بعد محاكمتهم الأولى سنة 2007. وأبرز هؤلاء شعشوع عبد الحفيظ وأخوه بدر الدين ومزيان إيغيل. ومن المدانين في القضية، علي عون، المدير السابق لشركة صيدال الذي حكم عليه بسنة حبسا غير نافذ.“لماذا لم يستفد خليفة من إجراءات التخفيف!؟”الحكم على عبد المومن خليفة بـ18 سنة سجنا، كان أثره واضحا على محامييه، فرفض نصر الدين لزعر الحديث مع الصحافة التي لازمها طيلة أيام الجلسات، بينما واجه المحامي مروان مجحودة الأسئلة، وذكر بأن الحكم قاس جدا ولم يكن الدفاع ينتظره. وعلق على ابتسامة عبد المومن خليفة التي واجها بها الحكم، بالقول أنها “ابتسامة قلق”.ووجه القسوة عند مجحودة أن الحكم لم يتضمن إجراءات التخفيف رغم أن عبد المومن خليفة ليس مسبوقا قضائيا. وأضاف أنه بعد التشاور مع عبد المومن خليفة، قرر دفاعه استئناف الحكم.ورفض مجحودة الرد على سؤال حول ما إذا كان يعتبر أن الحكم في حق موكله سياسيا. وقال إن “السياسة لا تخصنا. نتكلم فقط في الأمور التقنية التي تخص التهم الموجهة إلى موكلي، وذلك من منطلقات قانونية بحتة”.بورايو: “العدالة الجزائرية أخلفت موعدها مع التاريخ”في بهو المجلس، تنوعت تصريحات المحامين حول جلسة النطق بالأحكام، والتي جاءت في معظمها متحفظة لأن الأحكام القضائية لا يعلق عليها. المحامي خالد بورايو مثلا، ذكر بأن “العدالة الجزائرية كعادتها أخلفت موعدها مع التاريخ”، مشيرا إلى “عبد المومن خليفة في محاكمة 2007 كان غائبا بالجسد وحاضر بالذهن، لكن عندما حضر جسديا في 2015 غاب عنه الذهن”.وأوضح المحامي الذي كان متأسسا في حق المتهم إيسير إيدير، أن تهمة التزوير لم تسقط عن موكله، لأن إسقاطها يعني عدم إثبات تهمة تكوين جمعية أشرار التي تعتبر أثقل تهمة يشترك فيها أبرز المتهمين. وكان خالد بورايو في مرافعته قد ذكر أن عقدي الرهن المزورين اللذين ذكر التحقيق أن خلفية استعملهما بمعية جماعته للحصول على قرض لا أساس لهما وخرجا من عند قاضي التحقيق.وعلى عكس ما قاله محاميا خليفة، رأى المحامي علي مزيان، المتأسس في حق المصفي بادسي، بأن الأحكام كانت “متسامحة وموضوعية”. أما المحامي عمر سيدي السعيد، فقال إنه راعى ظروف المتهمين وقضى بتبرئة أغلبيتهم إلا من ثبت في حقه الإدانة الصريحة. وتوقع أن يستأنف النائب العام في الحكم. كما صنع أقارب المتهمين الحدث بحضورهم الكثيف وتفاعلهم بالزغاريد والصياح مع أحكام القاضي التي كانت تبرئ المتهمين.إصدار الحكم حول تعويض الضحايا في 29 جوانوبعد النطق بالأحكام، استأنف القاضي الجلسة للنظر في الدعوى المدنية التي تتعلق بتعويض ضحايا بنك خليفة، المقدر عددهم بـ50 طرفا مدنيا، أغلبهم من المؤسسات العمومية التي أودعت أموالها في بنك خليفة ولم تسترجع أموالها. وقرر القاضي إثر الاستماع إليهم إصدار الحكم في 29 جوان القادم.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: