38serv

+ -

لم تمر سوى 48 ساعة على الإنذار الذي وجهته سلطة ضبط السمعي البصري لقناة “الخبر كاي بي سي”، لما اعتبرته “تجاوزات تمادت في التجريح والسخرية بمس الأشخاص بمن فيهم أسماء رموز من الدولة ومسؤولين بارزين في مختلف هيئات ومؤسسات الجمهورية وفي حق النظام العام”، حتى جاء رد فريق “جرنان الڤوسطو” للدفاع عن قيمة حرية التعبير في قالب فكاهي وساخر. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي فايس بوك وتويتر بإعلان التضامن المطلق مع فريق “جرنان الڤوسطو”، وذلك بعد إصدار سلطة ضبط السمعي البصري إنذارها، فكان السؤال الذي ترقبه الجميع في تلك الأمسية، هل سيتوقف البرنامج أم يستمر في انتقاده؟ وهل ستنجح الرقابة في تحطيم أحد أهم حصون الفكاهة في شبكة برامج رمضان؟ الإجابة جاءت بصوت الممثلين الشباب، بأداء نبيل عسلي، كمال عبيدات، نسيم حدوش ومحمد خساني ومراد صاولي، الذين قدموا عرضا مدته دقائق لكنه كان أقوى من أي صوت ضد حرية التعبير.بالجرأة ذاتها والفكاهة العالية التي عهدها الجمهور، قدم “جرنان الڤوسطو” منذ يومين، وعقب إنذار سلطة الضبط، تشريحا عميقا لمهام هذه السلطة التي لاتزال تمارس مهامها خارج القانون ضد القنوات التلفزيونية الخاصة. وعرف المخرج الفني للبرنامج، عبد القادر جريو، توظيف تلك الجرأة في هذا الزمن، زمن العولمة والانفتاح الإعلامي، الذي لايزال فيه صوت النظام يحاور الشعب بمنطق “العصور الغابرة” بفكر “الجاهلية” في سيناريو محكم لقصة استمدت مادتها من واقع إعلامي أليم.استجاب فريق “جرنان الڤوسطو” إلى صوت الحق، العدالة والغيرة على حرية التعبير، ليقدم مشهدا كاريكاتيريا لرئيس سلطة الضبط ميلود شرفي، ويكشف كواليس “المؤامرة العلمية” التي حيكت ضد فريق الشباب المبدع الذي يشق طريقه بثبات إلى قلوب الجمهور كل ليلة.وبين تملق رئيس سلطة الضبط، وعقلية الرجل المطيع للنظام، الذي لم يستطع مقاومة روح الفكاهة وخفة ظل شباب “جرنان الڤوسطو”، تحرك رئيس سلطة الضبط ضد القناة. أي “سلطة” و”أي ضبط”، يقول الممثل نسيم حدوش وهو يجسد دور المدير العام لقناة “الخبر” بطريقة مميزة في تقمص الشخصية، ليرد عليه الممثل مراد صاولي وقد ارتدى عباءة ميلود شرفي “أريد أكل العنب”، في إشارة منه لخيرات النظام ومزاياه التي مهما قلت قيمتها إلا أنها تبقى ذات أهمية ضرورية لكل متملق، لا يحمل أي شرعية أو ترخيص.وبهذا الشكل، فالأوضاع العامة للمشهد السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الجزائر، تساهم في صناعة الفكاهة، كما يقول المثل الشهير “شر البلية ما يضحك”، لهذا فـ”جرنان الڤوسطو” الذي تأسس قبل نحو ثلاث سنوات يعبُر كل يوم إلى قلوب الجمهور، وقد تشبع بعقيدة “الغيرة على الوطن”. كيف لا وهذا المشهد الكاركاتيري الذي قدمه فريق البرنامج الأكثر سخرية في شهر رمضان، يمنحنا تذكرة سفر لتصفح دهاليز النظام، بعد أن رسخ البرنامج لمصطلح “مول السطح”، “عساس السطح”، “خويا السعيد”، “حڤرونا يا الدولة”، وهي عبارات نابعة من القلب تلامس الواقع، وهي أقرب إلى المواطن.وبهذا الشكل، فقد حملت الحلقة 14 للموسم الرابع، ردة فعل قوية وصادقة لفريق “جرنان الڤوسطو”، وبدا شعورهم بالظلم واضحا، وهم يحملون آلام أبناء الوطن الجريح ليقدموا المشهد من زمن “عصر الجاهلية” الذي يفرض لغته في تسيير الحكم، لكن رفاق عبد القادر جريو رفعوا التحدي وقرروا عدم “الدخول في الصف” كما يفعل البعض “أفواجا أفواجا”، وشعار المرحلة القادمة أغنية “علي جرى” التي رددها فريق الڤوسطو للتأكيد على وقوفهم الدائم مع خط “الخبر” التي لا يريد لها أن تدفع ثمن وقوفها في صف الدفاع عن حرية التعبير.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات