"من أين لك هذا؟" لن تطرح من قِبل البنوك

+ -

 لن تسأل البنوك والمؤسسات المالية مستقبلا عن مصدر الودائع والكتل النقدية خلال عمليات فتح الحسابات المصرفية، كخطوة تهدف لإقناع أصحاب الأموال لإدخالها إلى القنوات الرسمية وامتصاص الكتلة النقدية الضخمة المتداولة في السوق الموازية، التي قدرها الوزير الأول عبد المالك سلال بـ3700 مليار دينار، وهو ما يفوق الأموال المتنقلة ضمن الأطر الرسمية.تأتي هذه الخطوة لتضاف إلى قائمة التنازلات المقدمة من قِبل الحكومة، سعيا منها للاستفادة من أموال الاقتصاد الموازي “مهما كان مصدرها”، على غرار التدابير الرامية إلى تخفيض فرض الجباية لمدة معينة لتحفيز أصحاب “الشكارة” على إدراج أموالهم ضمن الدورة المصرفية الرسمية، إلى جانب التشديد على فرض التعاملات بالصكوك بالنسبة للصفقات التي تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم.وتبعا للمعطيات المتعلقة بالوضعية المالية الصعبة في ظل تراجع المداخيل واستمرار تدني أسعار النفط إلى ما دون 50 دولارا، التي لا يبدو مخرج نفقها في الأفق، فإن الحكومة مضطرة إلى الاستنجاد بأموال مجهولة المصدر تعمل على ضخها على مستوى البنوك، في وقت تعطل “خطة التقشف” الحكومية العديد من المشاريع التي كانت مسطرة في المخطط الخماسي 2014/2019، بحجة أنه لابد من تحديد البرامج ذات الأولوية، التي لا تعتبر هذه المشاريع من ضمنها.وتُبرّر السلطات العمومية هذا التوجه بالضرورة التي تقتضيها المرحلة الراهنة، من منطلق أنها تعتبرها فقط أموالا غير مصرح بها، ناتجة عن نشاطات غير خاضعة للجباية أو التصريحات الفعلية، وهو ما يخلق مصطلحا اقتصاديا جديدا هو “الأموال الرمادية”، للتعبير عن هذا النوع من النقود إذ لا تصل إلى حد الأموال ذات المصادر غير الشرعية، كما هو الشأن بالنسبة لتجارة المخدرات أو التهريب والإرهاب.الوضعية الحالية التي تسعى من خلالها الحكومة إلى ضم الأموال الموجودة في السوق الموازية بأي ثمن تجعلها تواجه قانونا ساري المفعول، بل أكثر من ذلك فإن تطبيق هذه الإجراءات والتنازلات ميدانيا يؤدي بالحكومة لخرق بنود اتفاقيات دولية وقعت عليها الجزائر في سياق محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، على غرار تلك التي تفرض على الدول العربية أن تضمن كل دولة تحديد هوية العملاء والمستفيدين الحقيقيين، وحفظ السجلات والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، وهي البنود التي من غير المعقول أن تنفذ في حالة عدم مساءلة المودعين للأموال أو المدخرين على مستوى المنظومة المصرفية عن مصدرها، حيث تلزم الدول الأطراف بالكشف عن حركة النقود والأدوات المالية القابلة للتداول، مع تقديم ضمانات استخدام المعلومات استخداما سليما ودون إعاقة حركة رأس المال المشروع، بالإضافة إلى إعداد قائمة المؤسسات المالية التي تتعامل في النقد، ومرافقتها في مجال التحقق من هوية العملاء والأوضاع القانونية لهم، وإخطار وحدات التحريات المالية بالعمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل الأموال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: