خاضت وزارة التعليم العالي أشواطا عديدة في الإصلاحات التي سنتها لمجال العلوم الطبية، انطلاقا بالبرامج التي شملت سنوات التكوين تمهيدا لإصلاح التكوين في التخصصات. وفي عز هذا الإصلاح، أدخلت إصلاحا أعمق، وهو لغة التدريس الذي يعد خطوة جريئة وصعبة، ولأجل ذلك حضرت لهذا الموعد في الموسم الماضي بالقيام بعدة إجراءات حتى تكون الانطلاقة رسميا في الموسم الجامعي 2025/2026.
البداية كانت بتعليمة أرسلت مطلع 2025 إلى عمداء كليات الطب، تبلغهم من خلالها أن كل المقاييس العلمية في التكوين في العلوم الطبية للسنة الأولى ستكون باللغة الإنجليزية في الموسم الجامعي 2025/2026، ونبهت إلى أنه وقصد الانخراط في الديناميكية المتعلقة بالتدريس باللغة الإنجليزية، فإن كليات الطب عبر الوطن مدعوة للمضي قدما في ضمان التدريس بهذه اللغة وفق مقاربة تدريجية تتماشى وعدد الأساتذة الذين استفادوا من التكوين، والذين أدركوا المستوى "ب 2" و"ج 1" لتغطية كل المقاييس التعليمية المقررة في السنة الأولى علوم طبية (طب، طب الأسنان، صيدلة)، وحثت على الحرص ومتابعة تكوين الأساتذة تحسبا لتغطية كل المواد التعليمة.
وجاءت هذه الأوامر الاستباقية لوزارة التعليم العالي لرسم معالم الموسم الجامعي الجديد لتعزيز اللغة الإنجليزية، استمرارا لتوسيع التكوين بالإنجليزية الذي انطلق منذ 2022، بعد تكوين 58 ألف أستاذ في تقنيات التدريس باللغة الإنجليزية، وذلك ضمن مسعى تعزيز استعمال هذه اللغة في الوسط الجامعي، وتم تسطير برنامج لتكوين الأساتذة الباحثين في تقنيات التدريس باللغة الإنجليزية، واعتمدت عدة خيارات لذلك؛ منها إتاحة الفرصة للأساتذة للتسجيل في ليسانس اللغة الانجليزية في الجامعات التي تضم هذا التخصص، بالإضافة إلى التسجيل في مراكز التعليم المكثف للغات، والتسجيل في منصة التعليم عن بعد التي أطلقتها الوزارة خصيصا لطلبة الدكتوراه والأساتذة من أجل تعلم اللغة الإنجليزية للوصول إلى المستوى المطلوب وبطرق تعليمية عالمية، والأمر نفسه بالنسبة لتكوين الطلبة، ليصل إدراج الإنجليزية إلى تخصص العلوم الطبية.
لتأتي بعدها عملية تكوين الأساتذة مسبقا عبر دورة تكوينية مكثفة؛ تمكن خلالها المؤطرين من التكوين في المقاييس باللغة الإنجليزية، وأبقي على مجال التكوين في اللغة مفتوحا، وفتح المجال لجميع الأساتذة لتسهيل الانتقال السلس في التكوين باللغة الجديدة. أما طلبة السنة الأولى في تخصصات العلوم الطبية الثلاثة لهذا الموسم، الذين دشنوا هذا المشروع الوطني، فبالإضافة إلى رصيدهم في اللغة الإنجليزية من سنوات الدراسة بأطوار التربية، تلقوا تكوينا في المادة لمدة شهرين بعد حصولهم على البكالوريا مثل باقي الناجحين في الشهادة، بالإضافة إلى الامتياز الذي منحتهم إياه وزارة التعليم العالي في إطار دعم قدراتهم لاستيعاب أكثر، من خلال تمكنهم من شهادة موازية، وهي لسانس في الإنجليزية الطبية، الذي وإن كان اختياريا، إلا أنه مهم جدا، خاصة للذين ليس لهم تمكن واسع في هذه اللغة.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال