38serv

+ -

دعت منظمة العفو الدولية في الجزائر “أمنيستي أنترناسيونال”، مكونات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للانخراطفي حملتها العالمية لمناهضة عقوبة الإعدام، مشيرة إلى أن “السلطات الجزائرية تتعامل بمكيالين فيما يخص هذه المسألة، فهي تتبنى لائحة وقف عقوبة الإعدام، ومن جهة ثانية تواصل إصدار الأحكام”. حسب حسينة أوصديق، مديرة مكتب منظمة العفو الدولية، التي كانت تتحدث في ندوة صحفية عقدتها أمس بالعاصمة، عن مضمون التقرير السنوي حول عقوبة الإعدام في العالم، فإن الجزائر أصدرت 16 حكما بالإعدام السنة الماضية و40 حكما في 2013، و153 في سنة 2012.ودعت أوصديق، في هذا السياق، السلطات إلى سن قانون يمنع عقوبة الإعدام وعدم الاكتفاء بتعليق تنفيذ العقوبة، لأن ذلك لن يؤثر في معدلات تنامي الجريمة ولا في ردع المجرمين، مستدلة بكندا وفرنسا اللتين ألغتا العقوبة فعرف معدل الجريمة تراجعا ملحوظا.وأوضحت: “عندما نتحدث مع السلطات يقولون لنا إن الرأي العام الوطني غير جاهز لقبول فكرة إلغاء الإعدام”، مضيفة: “إن السلطات بمفردها لا تستطيع التأثير في الرأي العام، بل يجب إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام في حملات تحسيس وطنية، وتشجيع الباحثين على إجراء دراسات وأبحاث ميدانية حول سلبيات استمرار العمل بهذه العقوبة على المجتمع”. وتحدثت أوصديق بأسف عن غياب التنسيق بين جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، مقدرة بأن تضافر جهود هذه الجمعيات سيعطي نتائج جيدة لهذا المسعى.  وردا على سؤال يتعلق بزيارات المنظمة للسجون للوقوف على ظروف سجن المحكوم عليهم بالإعدام، قالت مديرة مكتب “أمنيستي أنترناسيونال” إن زيارة السجون لا تدخل في أجندة المنظمة في الوقت الحالي، مشيرة إلى أنها “تشبه ما يعيشه أمثالهم في أروقة الموت في باقي دول العالم”.ووصفت أوصديق استمرار العمل بعقوبة الإعدام بأنه يدعو للقلق، خاصة مع لجوء الحكومات إلى فرض عقوبة الإعدام لمكافحة الجريمة والإرهاب، ولاحظت زيادة كبيرة في أحكام الإعدام في كل من مصر ونيجيريا، بما في ذلك الأحكام الجماعية التي صدرت في البلدين في سياق النزاع الداخلي وعدم الاستقرار السياسي.وحسب التقرير، فقد صدر ما لا يقل عن 2466 حكم بالإعدام في مختلف أنحاء العالم، بزيادة قدرها نحو 28 بالمائة عما صدر في عام 2013، وسجل تنفيذ 607 أحكام بالإعدام، بانخفاض بنسبة تقارب 22 بالمائة مقارنة بعام 2013 (باستثناء أحكام الإعدام التي نفذت في الصين، حيث أعدم هناك عدد من الأشخاص يفوق مجموع من أعدموا في العالم كله).ويشير ذات المصدر إلى أن 22 بلدا قد نفذت أحكاما بالإعدام، وهو العدد نفسه من الدول التي نفذت فيها أحكام بالإعدام في عام 2013. وخلص تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن عام 2014 شهد لجوء عدد متزايد من الدول إلى استخدام عقوبة الإعدام من أجل التصدي لتهديدات حقيقية أو متوقعة لأمن الدولة. وقد ارتفع عدد أحكام الإعدام المسجلة عام 2014 بنحو 500 حالة مقارنة بعدد الأحكام المسجلة في عام 2013.                                تقرير “العفو الدولية” يضعها في حرجالمرجع الديني “يعيق” سعي الجزائر لإلغاء عقوبة الإعدام وضعت منظمة العفو الدولية الجزائر في خانة الدول المغضوب عليها فيما يتصل بعقوبة الإعدام، والواقع أن الحكومة الجزائرية “سعت” لإلغاء العقوبة ولم تجد لسعيها مخرجا “آمنا”، لحد الآن على الأقل، بين رئاسة تعمل على الإلغاء ومؤسسة دينية تضغط من أجل الإبقاء. أحيا تقرير “العفو الدولية” حول الإعدام، الذي صدر أمس، جدالا ساخنا بين رئاسة الجمهورية، ومعها الحقوقيين، ومنهم المعارضون للسلطة، وبين المؤسسة الدينية، باختلاف مشاربها، الرسمية، ممثلة في وزارة الشؤون الدينية، وغير الرسمية ممثلة في رجال الدين، وبدأ الجدال عام 2007، لما انتظم مؤتمر دولي حول الإعدام بالجزائر. وكشف ممثلو الحكومة عن سعي الجزائر إلى مجاراة الحاصل دوليا بالنزوع إلى إلغاء العقوبة، فوقف في وجه هذا المسعى المجلس الإسلامي الأعلى، أولا، ثم جمعية العلماء المسلمين، وانتقلت نزعة الرفض إلى عموم رجال الدين، والتيار الحزبي الإسلامي، الداعين إلى الإبقاء على العقوبة، بل وتطبيقها عملا بـ”القصاص” المنصوص عليه في الشريعة الإسلامية.ويستند الداعون إلى إلغاء عقوبة الإعدام إلى ما يرونه “حقيقة” أن العدالة بالجزائر غير مؤهلة للنطق بالإعدام أو تنفيذه، لأنها لا تملك من وسائل التحقيق والتحري لإثبات التهمة ما يحقق للمتهم محاكمة عادلة، ذلك أن “الضرر” لا يمكن أن “يجبر” فيما لو أخطأت العدالة ونطقت بحكم الإعدام ثم نفذ في المتهم، وبعد فترة يتضح أن المتهم الذي نفذ في حقه الحكم، بريء، بموجب تحقيقات “تكميلية”، أو حقائق ظهرت عبر الزمن، تبرئ المعني بالحكم والتنفيذ. ويساند هذا الطرح بوجمعة غشير، الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان. لكن جمال عيدوني، رئيس نقابة القضاة، يتجه صوب تنفيذ الشريعة “دون نقاش”، من حيث أكد لـ”الخبر”، في تصريح سابق، أن أغلب أعضاء مكتب نقابة القضاة مع الإلغاء، وقال: “لا يمكنني أن أقف أمام تطبيق شرع الله لإرضاء المنظمات الحقوقية”، وأحال الجميع إلى حجم الجرائم المرتكبة في المجتمع.  ويقول مصدر قضائي لـ”الخبر” إن هناك “200 محكوم عليهم بالإعدام في الجزائر، لم تنفذ في حقهم العقوبة”، وأكثر من ذلك، هناك من يعتقد أن “الحكم بالإعدام دون تنفيذه أشد قسوة على المحكوم عليه من الإعدام في حد ذاته”، لذلك راسلت عائلات محكوم عليهم بالإعدام وزارة العدل، وفي عرض الرسالة، دعوة إلى تنفيذ الحكم، لأن السجناء يعيشون موتا بطيئا”. ورغم دعوات لوقف النطق بأحكام الإعدام بالمحاكم، إلا أن الأخيرة مازالت تنطق بها، رغم أن العقوبة أوقف تنفيذها، وكان آخر تنفيذ للإعدام في حق المتورطين في تفجير مطار الجزائر الدولي عام 1993، وأهم من دعا القضاة إلى الكف عن النطق بهذه الأحكام، مستشار الرئيس بوتفليقة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، رزاق بارة، الذي اقترح استبدال العقوبة بالسجن المؤبد أو السجن ثلاثين سنة فما فوق. وسجلت إحصائيات أن عام 2012 شهد عددا معتبرا من أحكام الإعدام لدى المحاكم الجزائرية، ومعظمها صدر في حق إرهابيين، وأغلب هؤلاء صدرت الأحكام في حقهم غيابيا، على غرار عبد المالك دروكدال، “زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وأمراء التنظيم.وقد شرعت الجزائر في طريق إلغاء للعقوبة من خلال تقليص الجرائم المتبوعة بالإعدام من 30 جريمة إلى أقل من 10 جرائم، أغلبها يتعلق بالإخلال بالأمن العام والخيانة العظمى وما شابه، بالإضافة إلى مصادقتها على لائحتين أمميتين، سنة 2007، تلتزم فيهما بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام والتحضير لإلغائها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات