38serv

+ -

يتساءل الكثير من الناس عن واجبنا اتجاه إخواننا في غزة، جرّاء العدوان الهمجي الذي يلاقونه من بني صهيون. فما يتعرّض له أكثر من مليوني إنسان في غزة جريمة حرب مكتملة الأركان، ترفضها كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية والأعراف الإنسانية. وما يحصل الآن في غزة المحاصرة عدوان صارخ يجب على المسلمين مدافعته بكل ممكن، وكل بحسبه، ولا يُعذر أحد حتى يزول العدوان ويندفع الفساد.

الأمة مدعوة بصورة عاجلة إلى التحرك العاجل لنصرة أهل غزة وفلسطين في قضيتهم العادلة، واستخدام كل الوسائل المتاحة، يقول صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”. ويجب على الشعوب العربية والمسلمة، الآن، أن تتحرك وتهب لنصرة إخوانهم في غزة، لإجبار هذا الكيان الغاصب على فك الحصار الإجرامي عنهم وإيقاف آلة الحرب والتدمير التي يصبّون عليهم حمم نيرانهم بمساعدة أعتى جيوش الأرض، وأن يتحرّكوا بمدّهم بكل عون يستطيعونه، سواء بالمال أو بالكلمة أو بالموقف. فكما استنصر اليهود بأعوانهم من كل الدول التي فتحت لهم الدعم اللامحدود، وأرسلوا إليهم البوارج الحربية وحاملات الطائرات ومدّوهم بمليارات الدولارات، فلا أقل من أن ننصر إخواننا في غزة. لذا، نحث جموع المسلمين على التحرك بكل الوسائل المشروعة، من التبرع بالمال إلى استخدام المنابر الإعلامية والمقالات الصحافية والنشر في وسائل التواصل لنصرة هؤلاء المستضعفين.

واجب على الدول الإسلامية دعم المقاومة المجاهدة في فلسطين بكل ما تحتاجه، لقيامهم بواجب الدفاع عن أنفسهم وإخراج المحتل من أرضهم، أرض الإسلام على أتم وجه، ونصرتهم بكل ما أمكن، وهم مسؤولون أمام الله تعالى عن ذلك. لكن، بإمكاننا كأفراد أن نقوم بجهود نصرة شرعية قانونية مؤثرة إن شاء الله، على المدى القريب والبعيد، وهذه بعض الأمثلة للوسائل المشروعة المتاحة:

*الدعم المادي من خلال جميع القنوات الشرعية المتاحة، ولا يخلو بلد إسلامي من منظمات موثوقة وجمعيات خيرية رائدة، قادرة على توصيل المعونات والإمدادات إلى المحتاجين إليها، فعلى الأغنياء في هذه الأمة واجب المدافعة، بدعمهم بالمال الذي يخفف من معاناتهم ويعينهم على جهاد أعدائهم.

وعلى أصحاب الأقلام والمنابر الإعلامية النَّفرة لنصرة إخواننا هناك بالتعريف بقضيتهم، وفضح أعدائهم من الكفرة والمنافقين، وإظهار صور الظلم والعدوان التي يواجهونها، ومخاطبة الأمة بالوقوف معهم ونصرتهم. وكشف الحقد الصهيوني وكشف دعواه الباطلة لدى الرأي العام العربي والعالمي، ونشر الصور التي تكشف حقيقة ما يجري من مجازر، لاسيما صور الأطفال والشيوخ التي يغيّبها الإعلام المتواطئ مع العدو وعملائه، أو العاجز عن نقل الصورة بنفسه من ميدان المعركة.

*الدعاء لإخواننا في غزة في مواطن إجابة الدعاء، والقنوت لنازلتهم، فما أهوننا إن لم نرفع أيدينا إلى الله عز وجل، نطلب منه الغوث لأهلنا في غزة، ونتضرّع إليه طلبا للطفه سبحانه بالأجنة في بطون الحوامل، والصغار في أحضان الأمهات، والشيوخ في قارعة الطريق، والمصابين والمرضى في أقسام المشافي وغرف الإنعاش.

ولا ننسى أن حملات المقاطعة مؤثرة جدا لتدمير اقتصادهم، فلا نشتري منهم منتجا أو سلعة، فإنهم بأموالنا يصنعون رصاصة أو صاروخا يقتلون به إخواننا في غزة. والمقاطعة أقل القليل، فإن لم نكن معهم، فلا نكون عليهم.

*على علماء الأمة واجب المدافعة بإعلان النصرة لإخواننا هناك، وتوجيههم والتضامن معهم، وحث الأمة على دعمهم والوقوف معهم، ومخاطبة الأعداء من اليهود والأمريكان ببيانات قوية شديدة اللهجة؛ يأمرونهم بالكف عن الظلم والعدوان، وتهديدهم إن لم يكفوا بتوجيه الأمة إلى النفير والانتقام وردّ العدوان وإلحاق الأذى بمصالحه. وواجب الأئمة والخطباء والدعاة في إحياء الحديث عن القضية الفلسطينية، وحض المصلين على دعمهم، والدعاء لهم.

إن إخواننا في غزة في كرب وشدّة، ينتظرون من كل مسلم نصرتهم بمدّ يد العون لهم، واعلم أن كل ما يقدّمه المسلم لإخوانه فإن الواجب الإسلامي أعظم من ذلك، وفي الحديث: “المسلم أخو المسلم.. لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره”، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم}.

ولا مانع من التعاون مع كافة المؤسسات والهيئات التي تساند القضية الفلسطينية من منطلق إنساني عادل، ومشاركتها في فعاليتها وأنشطتها. وتعريف العالم بأسره بأن فلسطين إنما هي بالمقام الأول قضية إنسانية، يجب أن يُدافع عنها كل الذين يدافعون عن حقوق الإنسان ويتضامنون مع العدالة ويقفون ضد الظلم والاستكبار والطغيان الصهيوني والتواطؤ الدولي.

ولنحذر جميعا كل الحذر من خذلان إخواننا وعدم التفاعل معهم ونصرتهم ومساندتهم، فخذلان المسلمين سبب لخذلان الله للعبد، فلا ينبغي لقادر أن يتأخر عن نجدة إخوانه وإغاثتهم وتخفيف آلامهم، فواجب الأمة نحوهم البذل بسخاء، ومدّهم بالسلاح والعتاد شكرا لهم وتثبيتا لأقدامهم، ونكاية في عدوّهم.

ولا شك أن ثبات أهل فلسطين ثبات للأمة، وأن خذلانهم خطر على الأمة في دينها ودنياها، وفي حاضرها ومستقبلها، وأن البخل في مواقف البذل من أسباب الهلاك كما قال تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}.