38serv

+ -

إلى أي حد يمكن أن تنجح حكومة السراج في بسط سيطرتها على المشهد داخل ليبيا؟ لا يمكن لحكومة السراج التي وُلدت ولادة أممية، أن تنجح في بسط سيطرتها إلا إذا فتحت قنوات الحوار مع مختلف المكوّنات الليبية، سواء كتلة فبراير أو كتلة سبتمبر، وهذا الحوار لن يكون ذا معنى ما لم يكن هادفا إلى تحقيق التوافق، ورغم حجم العنف والدماء التي سالت من الطرفين طيلة السنوات الأخيرة، فلا خيار أمام الجميع إلا الوصفة الانقاذية التي جرّبتها اسبانيا واليونان والبرتغال في مرحلة الانتقال الديمقراطي، والتي تقوم على مصالحة أو مساومة تاريخية بين عدُوَي الأمس. وقد لجأ التونسيون إلى هذا الخيار لإخراج بلدهم من أزمة وضعته على شفير الحرب الأهلية في 2013.مع التهديدات الاجنبية بالحرب، هل  ليبيا مقبلة على حرب شاملة على داعش؟ جميع المؤشرات تدل على أن المعركة مع “داعش” آتية لا ريب فيها، فالتخلص من الإرهاب يأتي على رأس أجندات القوى الغربية المتدخلة في الملف الليبي وكذلك دول الجوار، إضافة طبعا للقوى السياسية الليبية التي إما أنها تناهض الإرهاب فكريا أو هي ساعية لإبعاد شبح الارهاب عنها. يبقى أن الجيش الليبي لا يملك في الوقت الراهن الإمكانات العسكرية واللوجستية اللازمة لخوض هذه الحرب، بينما تلقى تنظيم داعش شحنات كبيرة من الأسلحة والعتاد، وهذه هي الثغرة التي يسعى الغرب إلى النفاذ منها للتدخل العسكري في ليبيا.يعني ذلك أن سيناريو التدخل الأجنبي أقرب إلى التنفيذ؟ بناء على المعطيات التي استعرضنا ملامحها، فإن سيناريو التدخل هو المُرجح للأسف، وهذا ما سيخلط الأوراق مجددا ويُحدث شروخا في المجتمع الليبي بين من يؤيد التدخل الأجنبي، على أساس أن داعش هو الشر المطلق، ومن يرفضه ويُناهضه باعتباره غزوا. والظاهر أن هناك ضغوطا على حكومة السراج من أجل أن تستدعي المساعدة العسكرية الخارجية بشكل يمنح غطاء شرعيا للتدخل الأجنبي.سياسات دول الجوار، مثل تونس والجزائر، برأيك قامت بما يلزم تجاه ليبيا في الفترة الاخيرة؟مواقف دول الجوار ظلت مُرتبكة ومتباعدة، إن لم تكن متنافرة، في الفترة السابقة، وهذا ما فاقم من الأزمة في ليبيا، فموقف مصر مثلا المُتماهي مع موقف الإمارات، على نقيض موقف تونس أو المغرب، بينما انتهج السودان منهجا آخر. ويمكن اختزال مواقف بلدان الجوار بسمتين رئيسيتين: الارتباك والانتظارية، فكم شاهدنا من تبدّل في المواقف والتحالفات كما هو الشأن في مواقف الحكومات التونسية المتعاقبة، وكم لمسنا من مؤشرات واضحة على التدخل في الشأن الليبي بما في ذلك تزويد هذا الطرف أو ذاك بالسلاح والعتاد، مع أن المطلوب من دول الجوار باعتبارها بلدانا شقيقة هو تقريب ذات البين بين الفرقاء الليبيين، لأن في استقرار ليبيا أمانا للجيران وآفاقا خصبة لمستقبل مشترك طالما انتظرته الشعوب المغاربية منذ عقود.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات