38serv

+ -

 قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “أنزل الدّواء الّذي أنزل الأدواء” أخرجه الأمام مالك رضي الله عنه في الموطأ. وقد علّق الإمام البُرْزُلي على هذا الحديث الشّريف فقال رحمه الله: “قلت: وحمله بعض شيوخنا القرويين على ظاهره وأنّه إذا تصدّق عنه ويطلب له الدّعاء من المتصدّق عليه يرجى له الشّفاء لقوله صلّى الله عليه وسلّم: “دعاء أحدكم لأخيه بظهر الغيب مستجاب”، مع قوله: “جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها فيدعو له بفرجة فيرجى له القبول”.فإذا كان دعاء المسلم لأخيه المسلم بظاهر الغيب مستجاب، فكيف بدعاء الصّائم الّذي ينفع خلق الله؟ فهذا هو الصّوم وهذا هو الصّبر وهذا هو الشّكر على النّعم.إنّ المال لا يذمّ لذاته بل يقع الذمّ لمعنى من الآدمي، وذلك المعنى إمّا لشدّة حرصه أو تناوله من غير حلّه أو حبسه عن حقّه أو إخراجه في غير وجهه أو المفاخرة به، ولهذا قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} الأنفال:28، وفي سنن الترمذي عن النّبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم قال: “ما ذِئبان جائعان أُرسلاَ في غنم بأفسدَ لها من حرص المرء على المال والشّرف لدينه”.وقد كان السّلف الصّالح يخافون من فتنة المال، وكان سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى الفتوح يبكي ويقول: “ما حبس الله هذا عن نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وعن أبي بكر لشرٍّ أراده الله بهما وأعطاه عمر إرادة الخير له”.واعلم أنّ الّذي يسأل الله الجنّة ويستعيذ به من النّار يدرك بالحال والأفعال.. ويرى بالبصر والبصيرة أنّ الدّنيا عبارة عن أعيان موجودة للإنسان، فيها حظّ وهي الأرض وما عليها. فإنّ الأرض مسكن الآدمي، قال تعالى في سورة طه: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}. وفي سورة البقرة قال لملائكته الأطهار: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، ويدرك أنّ ما على هذه الأرض من ملبس ومطعم ومشرب ومنكح كلّ ذلك علف لراحلة بدنة السّائر إلى الله تعالى فإنّه لا يبقى إلاّ بهذه المصالح كما لا تبقى النّاقة في طريق الحجّ إلاّ بما يصلحها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات