38serv
أفاد محمد الهادي بريم، رئيس النقابة الوطنية للقضاة سابقا، بأن تخبط وزارة الاتصال، الذي ظهر من خلال تغيير عدة مرات مضمون العريضة المرفوعة في القضاء الاستعجالي، “يؤكد أن القضية قضية موضوع وليست قضية استعجال”. ويعني كلام هذا القاضي، الذي يوجد حاليا في التقاعد، بعدما مارس مهنة القضاة لمدة 27 سنة، أن صفة “الاستعجال” لا تتوفر في الملف.وذكر بريم، لـ”الخبر”، بشأن قضية “وزارة الاتصال - الخبر - ربراب” التي تثير جدلا في البلاد منذ أكثر من شهر، أن القضاء الاستعجالي “يدرس ظاهريا الوثائق حتى يستنتج حالة الاستعجال التي يدفع بها المدعي، ولكن أن يتدخل بعد إبرام العقد فهذا لا يستقيم”. ومعروف أن صفقة تنازل جزء من أسهم “الخبر” لشركة “ناس برود”، وهي فرع من مجمع “سيفيتال”، أبرمت وأخذت إدارة الضرائب نصيبها، ولم يتدخل القضاء الاستعجالي بطلب من الحكومة، إلا بعد استكمال ترتيبات الصفقة التجارية.ويرى بريم أن ما أضحى يعرف بـ”قضية الخبر” تمت إثارتها بـ”غرض إلهاء الرأي العام تماما مثلما جرى إثارة قضية اسمها شكيب خليل، لاحظوا أنه عندما كان الحديث عن شغور في السلطة ألهوا الناس بمشكلة الأساتذة المتعاقدين. القصد من هذا، أن النظام معروف عنه أنه لا يتردد في اختلاق مشكلة عندما لا تكون هناك أية مشكلة، لأن المجتمع في نظره ينبغي أن يكون دائما مشغولا بشيء يلهيه عن قضاياه الجوهرية”. ومن وجهة نظر القاضي سابقا، تعد القضية “حلقة من حلقات تخدير المواطنين”. ويرى أن الفصل في هذه القضية لصالح “الخبر” سيعطي مصداقية لوزارة العدل وليس للقضاء، لأن صورة الوزارة، حسبه، تشوهت بسبب قضية شكيب خلال وقضايا أخرى عديدة. أما إذا كان الحكم لمصلحة وزارة الاتصال “فستتقوى عضلات النظام أكثر مما هي عليه، ليتمكن من مواجهة ترتيبات 2019”.ويشرح الهادي بريم رأيه في هذه النقطة، فيقول: “القضاء في بلادنا يشبه القضاء الألماني في عهد أدولف هتلر، فالقاضي مستقل فعلا، غير أن القضاء في دوامة مستمرة. شخصيا أعرف قضاة في الجزائر يشبهون الملائكة من حيث الاستقامة والنزاهة، ولكن وضع القاضي عندنا يشبه الذي ينتقل من السجن بقيوده إلى الثكنة، هو يبقى مقيدا في الثكنة حتى لو تنزع عنه القيود، لأن حركته تظل في نطاق حدود معينة لا يمكن أن يتعداها. فهو يظل تحت طائلة التهديد بالرجوع إلى الزنزانة”، مشيرا إلى أن “الأدوات والأساليب التي توجد بين يدي الوزارة كثيرة، حتى تحصل على الحكم الذي تريد. ووزير العدل مسيّس ومتحزب ولا ننتظر منه أن يعارض من عيّنه في الحكومة”.وبخصوص محاولة إيجاد صلة بين الصفقة ومدير المخابرات المعزول، الجنرال توفيق، قال بريم: “توفيق جزء من هذا النظام وكان موظفا في الدولة، غير أن الشخص الذي يحال على التقاعد يصبح لا قيمة له، مهما بلغ مستوى المسؤولية التي كان فيها قبل التقاعد. يحتمل أن يكون توفيق قد احتفظ ببعض الصداقات في النظام، غير أن تأثيره اليوم في السلطة لا شيء”. وفي نظر رئيس نقابة القضاة، خلال مطلع التسعينات، يقوم النظام في الجزائر على خمس ركائز: الجهوية والمصلحة والمحسوبية والمال والإعلام. ويعتقد أن قضية “الخبر” تندرج ضمن الركن الخامس، بمعنى أن “افتعال هذه القضية يدخل ضمن ترتيبات رئاسيات 2019، وتحسبا لهذا الموعد ينبغي تكميم كل الأفواه”.ودعا بريم إلى إحداث فصل حقيقي بين السلطات “بما يتماشى مع المجتمع ويتواءم مع ظروفه”. ولاحظ أن الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، منصوص عليه في الدستور فعلا “ولكن في التطبيق تتغول السلطة التنفيذية على السلطتين الباقيتين. والتغول يفرض بالمال والهراوة”. ويقترح رئيس نقابة القضاة الأسبق، إلغاء منصب وزير العدل وتعويضه بـ”مجلس للسلطة التنفيذية”، يحظى فيه بالتمثيل كل من مجلس المحاسبة والقضاء الإداري والقضاء العادي ونقابة المحامين. كما يقترح إعادة النظر في نظام النيابة بإبعاده عن سلطة وزير العدل.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات