”تصفية قيادات الجلفة أثناء الثورة مؤامرة مستوفاة الأركان”

38serv

+ -

لا زال الكثيرون يتعاملون مع تاريخ ولاية الجلفة خلال الثورة التحريرية، بشيء من الحذر، ويضعون الكثير من المعلومات في خانة ”المعلومات غير الدقيقة”، هذه الرؤية والموقف، اللذان ولّدا لدى غالبية سكان هذه الولاية شعورا وإحساسا غير مخفي، بأنهم ظلموا في كثير من المرّات والتصقت بمنطقتهم سيرة بعض الشخصيات، التي كانت لها مواقف ضد الثورة التحريرية، ولا زال الحديث متواصلا عن أن الجلفة احتضنت ”بلونيس ودعمته وغذت وجوده”، وهذا ما ينفيه أستاذ التاريخ والباحث قاسم سليمان صاحب كتاب ”تاريخ الولاية السادسة- المنطقة الثانية -  من بداية التأسيس إلى نهاية بلونيس”. أكد الأستاذ والباحث قاسم سليمان، أن التحامل التاريخي على الجلفة موجود، رغم أنه لم يتجاوز الحديث الشفهي، الذي لم يكتب كموقف أو تأكيدها كحقيقة تاريخية، مضيفا في لقائه بـ«الخبر”، أن فرنسا اختارت أن تكون الجلفة عاصمة لـ«بلونيس”، من أجل موقعها الذي يسمح لها بتأمين مصالحها، خاصة حماية شاحنات البترول التي تمر عبر الطريق الوطني رقم واحد، والسبب الخفي، أضاف الأستاذ سليمان قاسم، هو انتقاما من الجلفة وأبنائها، وذلك بسبب المؤتمر الذي أقيم بمنطقة ”ڤعيڤع” في منتصف 1957، والذي ضم أكثر من 800 جندي تابعين لجيش الصحراء، تم إدماجهم في جيش التحرير الوطني، ولم يعجب هذا الانضمام الجيش الفرنسي فتحملت الجلفة وأبناءها عبءا كبيرا.الجلفة عاشت صراعات الزعامة كباقي مناطق الوطنلأن مختلف جهات الوطن أثناء الثورة التحريرية عرفت كثير الصراعات حول الزعامة بين القادة، وهذا ما عاشته الجلفة بتعرض بعض أبنائها ممن رقاهم الرائد عمر إدريس بعد القضاء على بلونيس في جويلية 1958 إلى التصفية، عن طريق محاكمات واغتيالات أمثال الملازم الثاني ”ثامر بن عمران” والملازم الأول ”نايل علي” والضابط ”قاسم سالم”.كشف الباحث قاسم سليمان عن أمور وقعت قال إنها لم تكن في الحسبان وكادت أن تقضي على الثورة بالولاية السادسة، منها تعيين العقيد الطيب الجغلالي قائدا للولاية السادسة، والذي لم يدم طويلا، فقد تمت محاكمته وإعدامه من طرف العقيد شعباني وعلي بن مسعود. لم تتوقف قضية الجغلالي إلى هذا الحد، فقد تم خلال تولي الرائد سليمان سليماني قيادة المنطقة الثانية، تصفية العديد من الطلبة الوافدين من الولاية الرابعة، والذين جاءوا لدعم  الجغلالي. وأكد الأستاذ قاسم أن الخلاف بين الولاية السادسة والولاية الرابعة يعود إلى ما بعد مؤتمر الصومام، حسب ما أكده المجاهد البار المبخوت ”الذي لا زال على قيد الحياة”  بأن التاريخ يجب أن يكتب على حقيقته، لأن قادة الولاية الرابعة كانوا سببا فيما عانته الولاية السادسة، لأنهم اتخذوا قرارات عشوائية، فقد فصلوا منطقة من ولايتهم ”الرابعة” وسموها الولاية السادسة، وعيّنوا عليها الرائد علي ملاح، الذي كان لا يعرف من الولاية السادسة سوى منطقته، وتمت تصفيته على يد الشريف بن السعيدي بدوره.إعدام الجغلاني بداية تصفية أبناء الجلفة من ضباط الجيش الفرنسيأكد الأستاذ قاسم سليمان من جانب آخر، أن تصفية الجغلالي بمنطقة الجلفة رآها المجاهدون أمرا حتميا، خاصة حسب المصادر التاريخية، فإن الجغلالي، كان له اتصال مع الجيش الفرنسي، مما استدعى محاكمته وإعدامه، ليكون سببا في إعدام علي بن مسعود من طرف الولاية الرابعة فيما بعد.الإعدام الذي طال الجغلالي لم يكن الأخير، فقد كان ربيع 1959، بداية تصفية لأبناء الجلفة من الضباط الذين هربوا من الجيش الفرنسي، بالقنيطرة بالمغرب، أمثال ”الضابط ثامر بن عمران والضابط قاسم سالم والضابط نايل علي”، الذين كانوا أبطال معركة ”الشوابير” الشهيرة بآفلو، فقد اعتمد عليهم ”عمر إدريس”، فيما بعد في تنظيم الجيش بالمنطقة الثانية عموما، ومنطقة الجلفة خصوصا، لكن بعد استشهاده تم إعدامهم بطرق متعددة، يراها بعض القادة بأنها حتمية في ظل أخطائهم أثناء الثورة، من هنا كان لزاما علينا أن نطرح سؤالا: هل كان العقيد شعباني ينفّذ ما كان يعتقده، أي أنه يجب القضاء على الضباط الذين كانوا ضمن الجيش الفرنسي؟ فتم تصفية قاسم سالم بتهمة انسحابه من معركة ”قلتة الرمال في 01 أوت 1958” التي قادها عمر إدريس، والتي بسبب هذا الانسحاب استشهد أكثر 30 شهيدا، من بينهم الشهيد بوجمعة الطاهر، والشهيد محمد بن عروس، وجرح فيها الطيب فرحات المدعو شوقي وعبد القادر بوعسرية والمبخوت البار، وهنا نشير أضاف الباحث قاسم سليمان، إلى أنه رغم خبرة وبسالة قاسم سالم، لم يشفع له ذلك فتم إعدامه.شعباني والأسئلة التاريخية المحرجة التي تنتظر الإجابةيشير الأستاذ أن الشهيد ”نايل علي” حدث له ما حدث للشهيد شيحاني بشير، مهندس ”معركة الجرف” بمنطقة الأوراس، والذي أعدم  من طرف ”عاجل عجول”، حيث وجهت له تهمة أخلاقية، وذلك من أجل إزاحته من القيادة نظرا لأنه استطاع لمّ شمل الجيش في منطقة الأوراس. وبالحديث عن الشهيد نايل علي، فقد وجهت له تهمة أخلاقية، رغم أنه كان أحد أبطال معركة الشوابير الشهيرة بآفلو. أما الملازم الثاني ثامر بن عمران فبعد سماعه باستشهاد معظم جنوده في معركة ”سردون” بالجلفة، توالت عليه أحداث أليمة، ولعل آخرها، عند تواجده رفقة كاتبه ”العيمش براجع” وأحد جنوده عبد الرحمان المدعو ”سبايسي”، بمنطقة الشايفة قرب الادريسية، حيث أمر أحد السكان المسمى ”النوري” لينزل إلى الادريسية لشراء بعض اللوازم، لكن مع طلوع النهار، شاهد ”ثامر” فرسان القومية يتقدمون إلى ناحية المخيم، فاستعدّ للمواجهة رفقة كاتبه، ليتعرّض لوابل من الرصاص على مستوى البطن، أردته قتيلا. يعلق قاسم سليمان وهنا يبرز الدور غير المشرّف للجندي ”سبايسي”، الذي انفصل عن المجموعة منذ وصولهم إلى المنطقة، حيث انعزل في خيمة صهره، مضيفا يمكننا أن نطرح عديد التساؤلات هل كان محمد شعباني على علم بما يقوم به الرائد سليماني سليمان؟ خاصة وأن القراءة التاريخية والاستراتيجية لمعركة ”البسباسة” بمنطقة ”ڤعيڤع” في 21 جانفي 1960، والتي راح ضحيتها أكثر من 60 شهيدا من بينهم كبار الضباط، أمثال الشهيد لقرادة بلقاسم والشهيد جلول زاغز، تؤكد بأن سليماني سليمان خاطر بالجيش في هذه المعركة الخاسرة، رغم علمه بخطورة الوضع، إضافة إلى ذلك هل عدم تواجد الضابط جاب الله مخلوف بمكان المعركة، رغم الأوامر بضرورة بقائه هناك، له دور في خسارة المعركة.                                                                       

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات