رحيل المخرج الذي حرم من جواز السفر بسبب انتحار وزير

38serv

+ -

ووري الثرى أمس الخميس جثمان المخرج زكريا قدور إبراهيم بمقبرة عين البيضاء بوهران، بحضور جمع غفير من رفاقه في التلفزيون وقدماء المسرح الذي مارسه في أولى سنوات حياته، ولقد عانى الراحل من مقص الرقابة لسنوات بسحب جواز سفره لمدة 15 سنة بسبب فيلمه "الشمس" 1975 الذي تضمن مشهد لإقامة وزير الداخلية السابق أحمد مدغري "المتوفي" في ديسمبر 1974 بمسكنه في الجزائر العاصمة في ظروف غامضة.

الراحل من مواليد 7 نوفمبر 1946 بمنطقة القعدة بزهانة معسكر من عرش المهاجة المعروفة بتعليم الدين، ولقد خصص للمنطقة أول عمل تلفزيوني بعنوان"القمري" سنة 1969. زاول دراسته بإحدى مدارس حي الحمري بوهران قبل ممارسته للمسرح الشعبي والتحاقه فيما بعد بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الجزائري.

بالعودة لفيلمه الثاني "الشمس" فلقد كلفه عقاب إداري بسحب جواز سفره من طرف الوزارة الوصية في عهد وزير الإعلام والثقافة أحمد طالب الإبراهيمي بسبب مشهد يظهر فيه مسكن أحمد مدغري بوهران سنة بعد وفاته في ظروف غامضة سنة 1974 و"انتحار" حسب الرواية الرسمية، وهو ما فسره المشرفين على لجان الرقابة بأنه موقف سياسي غير مباشر من الحادثة. لم يستطع زكريا استرداد لغاية اندلاع حرب العراق الأولى ليتسنى له فيما بعد السفر نحو سوريا والعراق في إطار تصوير بقية حصته الثقافية "صور وسور" التي جال بها في كل ولايات الوطن، رفقة المساهمين في الحصة على غرار الفنانين نور الدين كور المعروف بالخط العربي ورشيد طالبي في اللوحات الواقعية. كشف حسن قدور إبراهيم ابن الراحل في تصريح لـ"الخبر": "سمحت له تلك السفرية نحو الشام بإحضار أرشيف خاص بفترة الأمير عبد القادر في دمشق ووظفها قبل وفاته في إنجاز وثائقي لصالح وزارة الثقافة بعنوان – الجناح المهيب للأمير سنة 1860-  يستعيد فيه مآثر الأمير وإنقاذه للآلاف من مسيحيي المشرق من القتل بعد الفتنة". هذه الواقعة في بداية مشواره بالمحطة الجهوية للتلفزيون لم تثنيه من مواصلة عمله بإخراج فيلم بوليسي في قالب كوميدي "المفتش الطاهر يسجل هدف" من سيناريو للحاج عبد الرحمان.

توالت أعماله المنتقاة بدقة وذكاء من بينها "صحوة الواقع- حديث الأسرة" وحصص ثقافية "قافلة الصحراء وصور وسور وعبير وعبر". يروي رفيق دربه في محطة التلفزيون قويدر مطاير "كان ذكي في تناول الواقع وتمرير رسائل هادفة على غرار السلسلة الفكاهية الرائعة – شعيب لخديم- التي أنجزها مع الفنان العبقري سيراط بومدين في عز الانفتاح السياسي الإعلامي وتمكن من نقد الواقع بسخرية بسيناريو وحوار محكم يتذكره الجمهور مثل تعليق سيراط الذي تقمص شخصية صاحب كشك لبيع الجرائد - الجمهورية راهي معلقة والشعب في الأرض- في إشارة للوضع القائم آنذاك". خاض الراحل عدة تجارب في مجال الإخراج على غرار عمله " شكون أنا؟ هو ..." في رحلة للبحث عن الهوية، كما أنجز أفلام وثائقية عديدة حول علماء تلمسان وقسنطينة و"زيدون" حول الشهيد زدور ابراهيم بلقاسم.