"المحرقة الفلسطينية".. تنفيذ صهيوني بدعم غربي

38serv

+ -

إذا كان العالم منقسما حول حقيقة حصول ما يسمى بـ"الهلوكست" أو "المحرقة اليهودية"، فإنه اليوم على موعد مع  محرقة فلسطينية حقيقية تدور أطوارها في غزة المحاصرة ويتابعها كل العالم، تنفّذ بأياد صهيونية وبدعم غربي ضد شعب محاصر ومعزول تفرغ عليه آلاف من الأطنان من القنابل والأسلحة المحرّمة دوليا، وتستهدف تجمعات المدنيين والممرات ممن دُفعوا للهروب من الموت، يحدث هذا بضوء أخضر غربي وبسلاح غربي.

ما شهده قطاع غزة خلال العشرة الأيام الماضية، لم تشهده آلة الدمار الاستعمارية من قبل. ففي حرب غزة 2014 استشهد 2322 فلسطينيا، بينهم 578 طفلا و489 سيدة. أما هذه الحرب، فقد استشهد أكثر من 2700 فلسطيني في ظرف عشرة أيام فقط تقريبا، أكثر من 700 منهم أطفال.

وما أفرغته آلة القتل الصهيونية على غزة في ظرف أسبوع من القنابل والمقدّرة بـ 6 آلاف، لم تفرغه الولايات المتحدة خلال سنة من العمليات العسكرية والقصف في أفغانستان.

ويحدث كل هذا في ظل حصار مطبّق على قطاع غزة، إذ يتم استهداف  المباني السكنية والمستشفيات والبنى التحتية، مع منع الماء والكهرباء والأدوية والمستلزمات الطبية لنجدة وإسعاف الجرحى والمرضى الذين يعدّون بالآلاف في القطاع، في حين عجزت أطقم الإسعاف والنجدة انتشال جثث أكثر من ألف قتيل فلسطيني تتواجد تحت الأنقاض وما يشكّله هذا الوضع.

وكانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، لين هاستينغز، قد حذرت من خطورة الوضع "اللاإنساني غير المسبوق" في غزة، ونفاذ الإمدادات الأساسية، مشيرة إلى أن المياه المتوفرة لدى المنظمة الأممية لمساعدة السكان "ستنفد إما غدا أو بعد غد على الأكثر".

وأعربت المسؤولة الأممية عن أسفها لإصدار الكيان الصهيوني تعليمات بإخلاء المستشفيات وكذلك قصفه المستمر لمدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي يحتمي فيها النازحون من سكان غزة هربا من جحيم النيران الصهيونية.

وسجّل نظام مراقبة الهجمات على مرافق الرعاية الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة 48 "هجمة صحية".

وقالت الأمم المتحدة في تقرير إنساني، إن الهجمات شملت استشهاد 12 عاملا صحيا وإصابة 20 آخرين أثناء أداء الواجب، كما استشهد حوالي 12 من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئ فلسطيني (الأونروا) أيضا.

وفي الضفة الغربية، وثّقت منظمة الصحة العالمية 63 هجوما على المرافق الصحية، بما في ذلك عرقلة تقديم الرعاية الصحية والعنف الجسدي تجاه الفرق الصحية واحتجاز العاملين في مجال الصحة ومركبات الإسعاف، والتفتيش العسكري للأصول الصحية.

كل هذه  الأرقام وتصريحات المسؤولين الأمميين، تبيّن مدى همجية آلة القتل الصهيونية للإنسان الفلسطيني، خاصة الأطفال. فحسب التقديرات الأولية، فقد قتل أكثر من 800 طفل وامرأة فلسطينية، ونقلت الصور من مواقع  الغارات الجوية مشاهد استخراج جثت عدد كبير من الأطفال، من بينهم أجنّة في بطون أمهاتهم، وكأن هذا الاستهداف الممنهج أو وفق المصطلح الأمريكي الذي ابتدع خلال حرب العراق "العمليات الجراحية" بهدف إعطاء تصور بأن العمليات دقيقة ولا تستهدف إلاّ الأهداف "المعادية"، هي في الحقيقة رسالة من  الصهاينة واضحة "نريد اجتثاث الفلسطيني من جذوره وقطع نسله".

هذه الفضاعات تحدث ليس أمام صمت دولي وبالأساس غربي، لكن بدعم وإسناد غربي للصهاينة لاستكمال خطط تصفية الفلسطينيين بغزة، في محرقة سيسجلها التاريخ أن الغرب "الإنساني" كان وراء أحد أبشع الجرائم  و"المحارق" التي تستهدف المدنيين في التاريخ الحديث.