الجزائر تلجأ إلى استدانة"مقنّعة" لمـواجهة الأزمة

+ -

 تعكف الحكومة حاليا على دارسة إمكانية فتح مجال حصول المؤسسات العمومية والخاصة على قروض من الخارج أو “الاستدانة”، على أن تكون الدولة أو الخزينة العمومية هي “الضامن”، ما يفرض عليها التدخل في حالة عجز المؤسسات المعنية عن تسديد ديونها في الآجال المستحقة لها، على أن تبقى العلاقة بين المؤسسة المعنية والمصالح المسؤولة لتسوية هذه الوضعية المالية وضخ هذه المستحقات في حسابات صناديق الخزينة العمومية.وستعتمد السلطات العمومية، حسب مصادر “الخبر”، على هذه الآلية كحل بديل في حال استمرار وتيرة تراجع المداخيل الوطنية جراء انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية، واستعمالها كطريقة لإنقاذ المؤسسات الوطنية، سواء تلك التابعة للقطاع العمومي أو الخاصة من الإفلاس أو التوقف عن النشاط بسبب عدم إمكانية الحصول على التمويل البنكي الضروري لتطوير نشاط المؤسسات الاقتصادية، لاسيما وأن الشركات العمومية بشكل خاص عادة ما تتكئ على دعم الخزينة العمومية للوقوف أمام مخاطر غلق أبوابها، تبعا لعجزها عن منافسة المنتجات المستوردة، المتداولة في السوق الوطنية بأقل ثمن على أساس أنها تستفيد من العديد من الامتيازات الجمركية.وعلى الرغم من أن الحكومة تستبعد اللجوء إلى الاستدانة الخارجية مباشرة كما كان عليه الأمر خلال مرحلة التسعينات من القرن الماضي، تبعا للتصريح الذي أدلى به وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، حين قال “إن الجزائر ليست بحاجة إلى الاستدانة من الخارج لتغطية نفقاتها ولكنها تعوّل على الموارد الآتية من إدماج أموال الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي”، إلاّ أن هذه الوضعية قد تفرض عليها أن تكون في وضعية مستدينة بطريقة غير مباشرة، تلزمها بتسديد ديون مؤسسات معسرة باعتبارها الضامن. وتجد الحكومة في هذه الوسيلة البديل لمواجهة تواصل أزمة البترول، إلى جانب سعيها لاستقطاب أموال الاقتصاد الموازي بتقديم تنازلات ضريبية، وكذا العمل على إقناع رجال الأعمال الجزائريين لضخ نصيب من رؤوس أموالهم على مستوى البورصة الجزائرية، حيث راسلت هذه الهيئة المالية، مؤخرا، العديد من الشركات الجزائرية الخاصة للإسهام في تفعيل دور البورصة، الذي يظل نظرياً إلى حد بعيد، ولا يشارك في تحسين أداء القطاعات الاقتصادية أو تطوير المؤسسات الممثلة للنسيج الاقتصادي الوطني، من منطلق أن هذه الهيئة المالية لا تضم سوى عدد قليل من المؤسسات العمومية.ودعت بورصة الجزائر، بناء على ذلك، المتعاملين الوطنيين في القطاع الخاص إلى أهمية الإسراع في فتح جزء من رأسمالها على مستوى البورصة، ووجهت دعوتها بهذا الخصوص إلى المؤسسات الأعضاء في منتدى رؤساء المؤسسات وعلى رأسها مؤسسة البناء والري والأشغال العمومية التي يملكها رجل الأعمال علي حداد، إلى جانب المؤسسات الموجودة خارج المنتدى، لاسيما “مجمع سيفيتال” ليسعد ربراب، بالإضافة إلى العمل على حث الشركاء الأجانب على الدخول في معاملات البورصة لتنشيطها. وسيستفيد المتعاملون المعنيون بهذه العملية، بالموازاة مع ذلك، من امتيازات وتسهيلات في العديد من المجالات ذات العلاقة بأشغال البورصة، بالإضافة إلى نشاطات الاستثمار وتحمّل الرسوم الجبائية، على أن هذه الشركات مطالبة بتفعيل دور البورصة عبر هذه الخطوة في أقرب الآجال، لبلوغ رأسمال يقدر بـ40 مليار دولار، وهو المبلغ الذي أوصت به منظمة الأمم المتحدة للتنمية ولجنة عملية مراقبة بورصة الجزائر.وتوجهت بورصة الجزائر خلال بضعة أشهر نحو استراتيجية جديدة لتنشيط دورها بعد قرار الحكومة تنويع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني، وإضافة التمويل عن طريق البورصة لطريق التمويل الميزانياتي والبنكي، خاصة أن بورصة الجزائر لم تحتل بعد مكانة في الساحة المالية على مستوى الأسهم المتداولة مقارنة ببورصات أخرى، وتعرف بعد 17 سنة من إنشائها (1997) نشاطا محتشما، في وقت تحصي بورصة الجزائر أربعة أسهم تملكها كل من شركة الفندقة للأوراسي ومجموعة صيدال وشركة “أليانس للتأمينات” وأسهم شركة المصبرات رويبة بقيمة لا تتجاوز 15 مليار دينار.ومن المقرر أن تفتح 8 مؤسسات عمومية رأسمالها في البورصة في السنة الجارية، بعد أن تتم المصادقة على هذه العملية من طرف مجلس مساهمات الدولة، ويتعلق الأمر بكل من بنك القرض الشعبي الجزائري وثلاثة مصانع إسمنت عمومية تابعة للمجمع الصناعي إسمنت الجزائر والشركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين وشركة محاجر كوسيدار وشركة “هيدرو مناجمنت”، وكذا المتعامل العمومي للهاتف النقال موبيليس.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات