+ -

الطريقة الإعلامية التي عالج بها حكام الجزائر قضية تنحية الجنرال توفيق، تعكس البؤس الإعلامي العام والخاص في وقت واحد... وتعكس ارتباط بعض المؤسسات الإعلامية بدوائر الفساد في السلطة:أولا: خبر التنحية أعطي لوسيلة إعلامية خاصة أجنبية في نظر القانون الجزائري.. وبعد ساعات تصدر رئاسة الجمهورية بيانا رسميا تنشره وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، محدثة البلبلة في الرأي العام.. خاصة وأن الوسيلة الأجنبية الخاصة التي نشرت الخبر قبل وكالة الأنباء، قالت إن رئاسة الجمهورية أكدت في بيانها ما نشرته هذه الوسيلة بخصوص التنحية لتوفيق ! ومعنى هذا الكلام أن الرئاسة أصبحت تابعة لهذه الوسيلة من حيث الإعلام والإعلان ! بل معالجة موضوع التنحية بهذه الطريقة أعطى الانطباع بأن من سرّب الخبر لهذه الوسيلة الإعلامية الأجنبية ليس رئاسة الجمهورية، بل هي جهة أخرى.. وهي التي تكون قد اتخذت القرار، وليس الرئاسة.. وهو ما جعل المعارضة والرأي العام يصاب بالبلبلة.. فصرح مثلا علي بن فليس بأن من اتخذ قرار التنحية ليس الرئاسة وما يزال مجهولا؟! والسبب في مثل هذه البلبلة هو سوء إدارة الأخبار المتصلة بهذا الموضوع.. حيث جعلوا الرئاسة والرئيس أداة في يد وسيلة إعلامية أجنبية !وهذه هي إحدى كوارث ضعف الإعلام الرئاسي وإعلام الحكومة، وإسناد المهمة لأناس لا علاقة لهم بالإعلام، فضلا عن الرداءة التي تلف الرئاسة بصفة عامة.. ومحيط الرئيس بصفة خاصة !ثانيا: الطريف أكثر من الموضوع أن التلفزة الوطنية بعد أن نشرت خبر تنحية التوفيق في نشرة أخبار الساعة الواحدة، اتبعت الخبر بأغنية للمرحوم بوجمعة العنقيس “راح الغالي راح”.. قد تكون الصدفة هي التي كانت وراء هذه البرمجة.. لأن العنقيس مات هو الآخر قبل ذلك بأيام، والتلفزة اختارت له هذه الأغنية من باب التأبين! لكن برمجتها بعد خبر تنحية توفيق أعطى الانطباع بأن الأمر يخص الراحل.. وليس الميت؟! كل هذا يحدث لأن الحدس الإعلامي المهني يكاد يكون منعدما في المؤسسات الإعلامية الوطنية والخاصة؟ثالثا: هذه الحالة ذكّرتني بحادثة وقعت سنة 1972 أثناء زيارة الرئيس بومدين، رحمه الله، لولاية سطيف وتدشينه لنزل القائد في مدينة بوسعادة.. حيث أقيم له حفل عشاء في النزل المدشن.. وفي لحظة دخول الخروف المشوي للرئيس، كان المغني يغني الأغنية المشهورة: “واحد في جنة يتنعم والخدّام معاه.. والآخر في غبينة بسفينة تطلاطم والمجداف أنسا ما سوّاه”.. اكفهر وجه الرئيس بومدين وهو يستمع إلى هذه الأغنية لحظة قدوم المشوي.. وطلب من عبد المجيد اعلاهم بأن يخرج هذه الفرقة من القاعة حتى لا تفسد على الرئيس والضيوف لذة العشاء.. الأمر فيه صدفة، ولكن فيه أيضا قلة نباهة ولياقة من المسؤولين...

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات