+ -

“الدوارة”،”البوزلوف”،”ليكوت”.. أطباق يعشق أغلب الجزائريين أكلها في عيد الأضحى، متجاهلين  أضرارها على الصحة، والتي عادة ما تنتهي بهم في مصالح الاستعجالات. فهل تساءلوا عن ما تفعله الأطباق الدسمة بأجسامنا، أسئلة توجّهنا بها لأهل الاختصاص، من أطباء ومختصين في التغذية الذين حذّروا من الإفراط في أكل لحم الخروف. يتهافت المواطنون مع قدوم كل عيد أضحى على الاستهلاك غير المعقول لكميات اللحوم والأطباق الدسمة التي يعرف بها المطبخ الجزائري، مما يشكّل خطرا على صحة المستهلك. وعن رأيه في هذه السلوكيات الخاطئة، أوضح الدكتور لعيايدة كريم، أستاذ مساعد في أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة، أن اللحوم الحمراء مشبعة بالدهون حتى وإن تراءى لنا بأنها خالية منها. موضحا بأن كل قطعة لحم تحوي 30 بالمائة من الدسوم التي يصعب هضمها، وبالتالي فمع إقبال الواحد منا على أكل اللحوم بشراهة، يجبر معدته على عدم طرح تلك اللحوم بسهولة، مما يؤدي إلى الإصابة بالتخمة وحموضة المعدة.لحوم الأغنام بطيئة الهضم  ولتوضيح الآثار السلبية لاستهلاك لحوم الغنم، أشار الدكتور لعيايدة، إلى أن الدسوم نوعان: نباتي وحيواني، مشيرا إلى أن النباتي يحتوي على أحماض دسمة غير مشبعة وهي تنفع الجسم ولا تضرّه مثل زيت الزيتون، أما ذات المصدر الحيواني فهي مضرّة كونها تحتوي على أحماض دسمة مشبّعة تتسبب في أمراض عديدة، على رأسها انسداد الشرايين وأمراض القلب. وخلافا للحم البقر واللحوم البيضاء التي تهضم بسهولة، أصرّ الدكتور لعيايدة على توضيح خاص بطبيعة لحم الغنم مفاده أن هضمه بطيء بسبب غناه بالمادة  الدسمة، مشيرا إلى أن مدة بقاء الدسوم بالمعدة هي الأطول مقارنة بمختلف أنواع الأكلات الأخرى، وهو ما يؤثر، حسبه، على وظيفة المعدة التي يطول تفريغها لهذه المواد، ناهيك عن تسببها في حدوث حموضة في المعدة نتيجة التخمة، والتي تظهر في شكل آلام في أعلى البطن وحرقة في الصدر، مما يتسبب في عديد الأعراض الثانوية ومنها الغثيان والتقيؤ، ليؤكد لعيايدة أن ما يتوجّب فعله في مثل هذه الحالات هو تجنّب الإكثار من اللحوم والشحوم خاصة المشوي منه، موضحا أن كثرة استهلاك هذا النوع من الأغذية يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. كما نصح بعدم الاكتفاء باللحم وحده، بل تنويع الأغذية لتشمل الخضراوات التي أكد على ضرورة استهلاكها خلال أيام عيد الأضحى للتقليل من وقع التأثير السلبي للحم الخروف.من جهته، وصف الدكتور حسان ناصري، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، لحوم أضحية العيد بالعبء المفاجئ على المعدة، موضحا في حديثه لـ “الخبر” أن هذا النوع من اللحوم يشكّل خطرا على صحة الجزائري والإكثار من تناوله طوال أيام العيد من شأنه أن يضر بالجهاز الهضمي غير المتعوّد على ذلك “الريجيم الغذائي” الذي يؤثر سلبا على المعدة ويحول دون القيام بوظيفتها الطبيعية، وهو ما ينجر عنه نوبات قيء ليسوء الوضع خاصة لدى من يعاني من التهابات بالمعدة ومرضى القولون والكبد. وأوضح ناصري قائلا إنه قد يمر الطعام عبر الأمعاء والقولون دون أن تتم عملية هضمه بشكل جيد في المعدة، مما يتسبب في انتفاخ القولون والإمساك أو الإسهال الشديدين، في حين أن مرضى الكبد يدخلون في غيبوبة كبدية نتيجة الإفراط في تناول اللحوم، يقول ناصري، موضحا بأن قطعة لحم غنم بوزن 80غ تحتوي على الأقل على 260 سعرة حرارية وحوالي20غ بروتين و20غ دهونا.الدهون عبء على القلبويظهر أن استهلاك اللحوم وتأثير دهونها على الجسم ذو ارتباط وثيق بصحة القلب، حيث أوضح البروفيسور نوار رئيس مصلحة جراحة القلب بمستشفى مصطفى باشا الجامعي  بالعاصمة، أن الدهون الموجودة في اللحوم قبل طهيها تحتاج إلى مجهود كبير يبذله الجهاز الهضمي ليكتمل هضمها، وبالتالي، فإذا لم يتم ذلك بالشكل السليم، تخزّن تلك اللحوم في الجسم وتتسبب في حدوث بعض الأمراض مثل تصلّب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، كما يكون الإكثار منها وراء انسداد الأوعية الدموية وبالتالي حدوث الأزمات القلبية التي قد تؤدي للموت نتيجة زيادة الكولسترول والدهون الثلاثية.ونصح المختص مستهلكي لحم أضحية العيد بتناوله مسلوقا وليس محمرا، لأن عملية التحمير تجعله كثير الدهون ويصبح دسما جداً ومشبعا بالسعرات الحرارية، خاصة بالنسبة لمرضى القلب حيث تمثّل عبئا على عضلة القلب.المختصة في التغذية سعاد محاية“يجب تناول اللحم مرفوقا بالخضر والسلطة” أوضحت الطبيبة المختصة في التغذية، سعاد محاية، بأن لحم الخروف غني بالدسم ويمتاز بنسبة ملوحة عالية، كما أنه ثقيل الهضم مقارنة باللحوم الأخرى على غرار لحم البقر. ونصحت سعاد محاية في اتصال مع “الخبر”، المقبلين على تناول لحم كبش عيد الأضحى بالامتناع عن أكله خلال يوم العيد الأول، لأنه غير قابل للهضم ولا للاستهلاك، مضيفة أنه من المستحسن ترك الأضحية لليوم الثاني من العيد، وقتها يكون لحمها قد جفّ تماما من الدماء وتناقصت كمية البروتين فيه.أما فيما يخص الدوارة والكبد والأحشاء والمخ وغيرها...، قالت الطبيبة المختصة إنها مليئة بمادة الكولسترول، وفي هذا الصدد نصحت محدثتنا ربات البيوت بالتخفيض من كمية الزيت المستعملة في إعداد المرق ونزع الدسم والشحوم التي تظهر فوق سطح المرق بعد أن تبرد، كما أوصت كبار السن ومرضى ارتفاع ضغط الدم وكذا المصابين بارتفاع نسبة الكولسترول في الدم بالابتعاد تماما عنها.وفي السياق، دعت محاية العائلات الجزائرية إلى تناول لحم العيد بانتظام رفقة أطباق من الخضر والسلطة لامتصاص الدسم، ونصحت بتناوله مشويا، بينما قدرت نسبة الكمية المتناولة بـ 200 غرام في اليوم وعلى أن لا  يتجاوز الأطفال نسبة 100 غرام يوميا، وأن لا يتناولوها كل يوم، كما نصحت باستعمال الخردل (موتارد) فوق اللحم أثناء شوائه، لأنه يساعد في عملية الهضم، بغض النظر عن الذوق اللذيذ الذي يتركه.تدابيرللتقليل من كمية الدسم في لحم الخروف، نأخذ شرائح من الليمون ونقوم بشوائها قليلا، ثم يدهن اللحم قبل شوائه، ويمكن أيضا التقليل من الدهون بتمرير اللحم على الفرينة قبل قليه.لإعطاء ذوق مميز للحم عند الشواء يمكن دهنه بالخل الممزوج بالتوابل.حتى يتم قلي اللحم بطريقة صحية يفضل تسخين المقلاة جيدا ثم وضع الزيت وليس العكس.يستحسن الإكثار من الخضر الطازجة وغير المطهوة على غرار السلطات، إلى جانب اللحم حتى لا نصاب بالتخمة. يفضل عدم الاستغناء عن الليمون عند استهلاك الوجبات، كما يستحسن استهلاك عصير الليمون عوض المشروبات الغازية.تجنّبوا استهلاك اللحم يوم ذبح الخروف، ويفضّل تركه لليوم الموالي حتى يجفّ جيدا، لتجنّب التخمة وعسر الهضم ينصح بالإكثار من تناول الشاي بعد استهلاك أطباق العيد، بخلاف ما يعتقد البعض، الدوارة تحتوي على نسبة أكبر من الدهون بالمقارنة مع البوزلوف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات