38serv

+ -

 لم يكن ما أقامه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أصحابه من مبدأ التّآخي مجرّد شعار في كلمة أجراها على ألسنتهم، وإنّما كان حقيقة عملية تتصل بواقع الحياة وبكلّ أوجه العلاقات القائمة بين الأنصار والمهاجرين.ولذلك جعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من هذه الأخوة مسؤولية حقيقية تشيع بين هؤلاء الإخوة. وكانت هذه المسؤولية محقّقة فيما بينهم على خير وجه. وحسبنا دليلاً على ذلك ما قام به سعد بن الربيع الّذي كان قد آخى الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بينه وبين عبد الرّحمان بن عوف، إذ عرض على عبد الرّحمان بن عوف أن يشركه في بيته وأهله وماله في قسمة متساوية، ولكن عبد الرّحمان شكره وطلب منه أن يرشده إلى سوق المدينة ليشتغل فيها. ولم يكن سعد بن الربيع منفردًا عن غيره من الأنصار، فاستحقّوا بذلك الثّناء من العزيز العليم الّذي قال فيهم في محكم التّنزيل: {وَالَّذِينَ تَبَوّءوا الدّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُوثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خُصَاصَةً وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر:9.والأمّة الإسلامية إذ تستقبل السنة الهجرية الجديدة تتأهّب لاحتفال بعيد عاشوراء، تحتفل به وتخالف في احتفالها اليهود الّذين اتّخذوه عيدًا لهم منذ أن نجّى اللّه موسى عليه السّلام من قبضة فرعون اللّعين. فعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: “قدِم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجَّى اللّه فيه موسى وبني إسرائيل من عدوّهم فصامه موسى. فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّا أحقُّ بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه”. وفي رواية لأحمد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “صوموا يوم عاشوراء، وخالِفوا اليهود صوموا قبله يومًا وبعده يومًا”.وقد عزم الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم أن يصوم العام القابل التاسع والعاشر من محرم الحرام، فلم يأت ذلك الأجل حتّى التحق بالرّفيق الأعلى. والسرّ هنا يكمن لا في صيام عاشوراء وإنّما في كيفية صيام هذا اليوم، كيفية أن تخالف اليهود. ومخالفة اليهود تعني أنّه يجب على الأمّة الإسلامية أن تتفطن إلى خداع اليهود وأعوانهم الّذين يستهدفون الإسلام قبل كلّ دين، لأنّهم يعرفون من تاريخهم كلّه أنّهم لم يغلبهم إلاّ هذا الدّين يوم كان يحكم الحياة، وأنّهم غالبوا أهله طالما أهله لا يحكّمونه في حياتهم مع توهمهم أنّهم ما يزالون مسلمين مؤمنين باللّه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات