من سرقة المال إلى سرقة المناضلين؟!

+ -

كانت المعركة في بداية التسعينيات على أشدها بين جبهة التحرير والأرندي الحزب الوليد بشلاغمه! وأتذكر أن المعارك بين التشكيلتين كانت تدور رحاها على مستوى الولايات... وتتمحور أساسا حول استقطاب المناضلين والإطارات.. كانت جبهة التحرير تحاول الحفاظ على وعائها النضالي، وكان الأرندي الوليد يحاول صيد المناضلين من حديقة الأفلان! وحدث أن نشبت معركة بين الرانداوبين والأفلانيين على مستوى محافظة باتنة في موضوع استقطاب المناضلين... وتطلب الأمر أن ينتقل إلى هناك أمين عام جبهة التحرير مهري، وعقد اجتماعا في مقر المحافظة مع كوادر الحزب.. كان المحافظ آنذاك لباتنة الوزير لاحقا محمود خوذري.. فقدم تقريرا لمهري اشتكى فيه مما أسماه (سطو) الأرندي على عضو التنظيم لمحافظة الحزب فضمه إلى الأرندي! حك المرحوم مهري عينيه بعد أن نزع النظارة، وقال بلغة الواثق مما يقول لمحمود خوذري المحافظ: “إذا مشكلتك يا سيدي المحافظ أن الأرندي “سطا” على عضو المحافظة المكلف بالتنظيم وأخذه منك”! فقال خوذري: نعم يا سيدي..! ضحكت القاعة ليس لتفاهة العراك السياسي بين الأرندي والأفلان بل لأن التعبير كان له دلالة حاسمة من مهري!اليوم أسمع نفس الحكاية من أمين عام الأرندي أويحيى وهو يشتكي من “سطو” غول على مناضلين من الأرندي! بل وسطو زغدود على مناضلين من الأرندي حسب تعبير أمينه العام!أولا: كيف لحزب مثل الأرندي يشتكي من حزب مثل حزب غول أو حزب زغدود أو يقول عنهما إنهما يسرقان منه المناضلين! وأي نضال هذا الذي يمارسه أمثال هؤلاء المناضلين في الأرندي الذين يمكن أن يسرقهم غول وزغدود من حزب أويحيى الحاكم في البلاد؟!ثانيا: الحمد لله انتقلنا من سرقة البنوك والأموال العامة والشركات إلى سرقة المناضلين! حتى إن عبقرية الذين حضّروا الدستور الأخير قالوا إن سطو الأحزاب على بعضها في البرلمان من خلال السطو على النواب هو عمل غير أخلاقي ويجب منعه بنص الدستور! لا تسألوا عن نوعية النضال الذي يمكن أن يسرق بين الأحزاب، ويحدث هذا في الجزائر، لأن النضال عندنا في الأحزاب ليس نضالا حول فكرة بل هو نضال حول منفعة. ولهذا يدور المناضل مع المنفعة من حزب إلى حزب آخر في صورة بائسة للنضال البهلواني.ثالثا: أحمد أويحيى قدم صورة كاريكاتورية للنضال السياسي لحزبه في ولاية المدية، تدعو إلى إعادة النظر في مفهوم العمل الحزبي ككل على المستوى الوطني، وليس على مستوى الأرندي أو حزب غول. كل من يسمع بالطريقة التي تمارس بها الحياة السياسية في الأحزاب الجزائرية يضحك حتى تسيل دموعه... ويرتاح إلى عملية تطور البلاد من سرقة الأموال في هذه الأحزاب إلى سرقة المناضلين!

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات