+ -

 في الشقيقة السعودية، ألقى جزء من الحكم، الذي يقال عنه أنه مستبد بالسلطة، ألقى القبض على جزء آخر من السلطة، قالوا عنه إنه الجزء الفاسد من السلطة... و”شنطج” المستبدون الفاسدين... إما أن تدفعوا ويطلق سراحكم، أو تبقوا في سجن 7 نجوم على حساب المملكة!نحن في الجزائر نتطلع إلى الاقتداء بالسعودية ونحلم بأن يسجن المستبدون زملاءهم السرّاق في إقامة الدولة في نادي الصنوبر... حتى يدفعوا جزءا مما سرقوه..! أو على الأقل يمنعونهم من الذهاب إلى الخارج حيث الأموال المهربة إلى هناك.في بداية التسعينات، علمت أن الرئيس الشاذلي منعه المجلس الأعلى للدولة من مغادرة التراب الوطني إلى بلجيكا للعلاج! فسألت المرحوم كافي عن السبب، فقال لي: “إذا أراد الذهاب إلى الخارج للعلاج أو لغير العلاج فهو حر، لكن قبل ذلك، عليه أن يعيد ما أخذ من أموال إلى هناك”؟!تعجبت وقتها من هذه الإجابة، وقلت في نفسي “إذن.. ما قاله لي بوتفليقة عن الشاذلي صحيح.. فقد سألته ذات يوم عن السر الذي جعله على خلاف مع الشاذلي ويدخل في عشرية كاملة من التيه في الصحاري السياسية... وهما كانا زميلين في مجلس الثروة طوال عشرية كاملة! فقال لي: “من يمد يده إلى مال الشعب لا حديث معه!”!بومدين هو الآخر كان يقطع يد كل من يمد يده إلى المال العام... فقد أعدم سُرّاقا مدوا أيديهم إلى المال العام... سواء في الداخل أو في الخارج... أعدمهم خارج القانون وخارج العدالة... طبق عليهم قانون الثورة في عهد الدولة المستقلة... من يمد يده إلى المال العام نقطع رقبته كائنا من كان؟!أعدم أناسا في سويسرا وألمانيا وإسبانيا لأنهم أخذوا أموال جبهة التحرير، وأعدم مديرين في ساحة الخروبة بالعاصمة لأنهم أخذوا أموالا من الشركات التي كانوا يديرونها.في السعودية تقطع يد السارق اليمنى الذي يسرق رغيف خبز لأنه يتضور من الجوع... ولا تقطع يد من يسرق المليارات من الأمراء الذين يسرقون أموال الشعب... بل تتم عملية إيقافهم في سجن مخملي ويتم “شنطجتهم” في الأمر!أما عندنا، فلا يحاسب السرّاق، و”يشنطجون” فقط بنزع المسؤوليات منهم..! لأن المسؤوليات في الجزائر هي مصدر الثروة.في الجزائر تُعتمد الجهوية والشيتة في توزيع المسؤوليات الموصلة للثروة، ولهذا لاحظنا ذلك الارتباط الشديد بين تمركز المسؤوليات في جهات محددة أيضا من البلاد، وتمركز الثروة أيضا في أيدي أناس من جهة محددة أيضا؟!وما دام التوازن الجهوي في توزيع المسؤوليات مختلا، فلابد أن يكون التوازن الجهوي في توزيع الثروة هو الآخر مختلا.. لأن الثروة في الجزائر توزع بالمسؤوليات وليس بشيء آخر.لذلك، فإن من يطالب بالتوازن الجهوي في توزيع السرّاق عبر التراب الوطني بعدالة، هو في الحقيقة يطالب بتوزيع عاجل للمسؤوليات الموصلة للثروة... أي المسؤوليات المنتجة للسرّاق! ولا يمكن أن تنتهي ظاهرة عدم التوازن الجهوي في تولي المسؤوليات وتكوين السرّاق إلا بمبدأ الكفاءة والشرعية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات