الخبر" نموذج ناجح لخدمة الدبلوماسية الجزائرية

+ -

أصبحت الدبلوماسية عملية معقدة ومتعددة الأوجه في عالم تحكمه العولمة، ولا ينبغي للدبلوماسيين أن يتفاوضوا مع نظرائهم الأجانب فحسب، بل يتعين عليهم أيضا التأثير على الرأي العام الدولي. وفي هذا السياق، تصبح الصحافة أداة أساسية ومهمة للدبلوماسية، لأنها تسمح بالحوار مع الرأي العام الأجنبي. وضمن هذا السياق، كانت "الخبر" سباقة في إنتاج المعلومات وتحليلها وتقديمها لصانعي السياسات والقرارات الدبلوماسية للبلاد.

يعتبر الصحفيون محاورين مميزين للدبلوماسيين، ويمكنهم طرح الأسئلة عليهم وطلب توضيح مواقفهم، وهذا يسمح للدبلوماسيين بفهم توقعات الرأي العام الأجنبي بشكل أفضل والتكيف وفقا لذلك. الدبلوماسية هي فن التفاوض وإبرام الاتفاقيات بين الدول، ويقودها تقليديا دبلوماسيون يمثلون بلادهم لدى الدول الأخرى. ومع ذلك، يمكن للصحافة أيضا أن تلعب دورا مهما في الدبلوماسية، حيث تكمل عمل الدبلوماسيين وتدافع عن مصالح الدولة.

وضمن هذا المنظور، يمكن اعتبار جريدة "الخبر"، ومنذ نشأتها، كإحدى أقوى وسائل الإعلام الوطنية التي وظفت طاقاتها التحريرية لخدمة جميع أهداف الدبلوماسية الجزائرية عن طريق توجيه الرأي العام في الدول الأجنبية لصالحها.

فـ"الخبر" كانت وما زالت تنشر المعلومات والرسائل على نطاق واسع من الجمهور، لا سيما الأجنبي، لرفع مستوى الوعي حول موقف أو قضية ما، أو لتعزيز موقف معين للدولة الجزائرية.

وضمن هذا السياق، يلعب موقع "الخبر" دورا بارزا في نشر المعلومة في جميع أنحاء العالم، ما يعزز وجود صوت الجزائر ويساهم في التأثير على الرأي العام في بلدان أخرى، أي خارج حدودنا الجغرافية. وقد يكون هذا مفيدا في خلق مناخ ملائم للتفاوض أو في الضغط على دولة ما لتبني موقف معين.

وكانت "الخبر" دائما وطيلة مشوارها المهني الرائد في الصحافة الوطنية، تعبر باحترافية عن موقف الدولة، وهذا مفيد لتوضيح معالمه أو لمواجهة المعلومات أو الرسائل الواردة من بلدان أخرى، لا سيما منها المغرضة والتي تأخذ في بعض الأحيان شكل حملات إعلامية منظمة وممنهجة من شأنها المساس بالأمن الحيوي للوطن.

وحتى تكون أداة ووسيلة فعالة في خدمة الدبلوماسية الجزائرية، كان لزاما على الجريدة أن تستخدم تقنيات صحفية صارمة، وأن يكون الصحفيون قادرين على جمع المعلومات والتحقق منها بطريقة موضوعية واحترافية.

وكانوا دائما أيضا قادرين على كتابة مقالات واضحة معتمدين على مصادر جد موثوقة، والتي من المرجح أن يفهمها جمهور واسع. ويشمل هذا العمل كذلك جمع المعلومات من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك الدبلوماسيون والخبراء والشهود.

كما تميزت "الخبر" عن غيرها من الجرائد بنشرها العديد من المقابلات الصحفية البارزة مع رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وسفراء، وهي وسيلة رائعة لجمع المعلومات ووجهات النظر المباشرة مع القادة السياسيين الأجانب لمعرفة مواقفهم بشأن القضايا الراهنة. وهذا يجعل من الممكن التعريف بوجهات نظر مختلف الجهات الفاعلة وإنشاء حوار بين الثقافات.

وكان صحفيو "الخبر" دوما قادرين على طرح الأسئلة ذات الصلة بالشأن الوطني في العلاقات الدولية. كما تتميز الجريدة بمقالاتها وتحاليلها للأحداث وللمعلومات المعقدة وتقديم استنتاجات واضحة. ويتضمن هذا المسعى كذلك مقارنة المصادر وإيجاد الاتجاهات وإجراء التنبؤات، مع تسجيل الحقائق بأكبر قدر ممكن من الصدق. وهذا العمل يعطي صورة أكثر واقعية للقضايا مع إثارة الاهتمام العام. وهذا يساعد على توفير سياق للمعلومات ويسمح للقراء بتكوين آرائهم الخاصة.

لقد أصبح المجال الإعلامي أحد المسارح الجديدة لتنافس القوى الأجنبية لخدمة مصالحها واستغلالها في كافة المجالات، لا سيما منها الدبلوماسية.

وتستخدم هذه الدول دائما وسائل الاتصال لتأكيد نفوذها، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا.

وفي هذا السياق يندرج الخط الافتتاحي للجريدة، حيث لا يدخر طاقم التحرير أي جهد في الدفاع عن مصالح الدولة وضمان الحفاظ على السيادة الوطنية في المحافل والمناسبات الدولية.

كما تشارك الجريدة الدبلوماسيين الجزائريين في الدفاع عن القضايا العادلة والتصدي لحملات التشهير التي تتعرض لها البلاد.

وفي الوقت الذي أصبحت الأخبار في متناول أكبر عدد ممكن من الناس، في أي وقت وبأي وسيلة، فإن اهتمام الدول بتشكيل المواقف الدولية يكتسب أهمية جديدة. فإن وسائل الإعلام الدولية تساهم في تشكيل الآراء الأجنبية. ويتم تمويل معظم وسائل الإعلام الدولية من قبل واحدة أو أكثر من السلطات العامة، وتقوم بنشر المعلومات خارج حدودها. وبهذه الطريقة، فهم جزء من جميع أدوات الدبلوماسية العامة. ولقد تم اختراع هذا النوع من الإعلام لتوفير بديل لمصطلح الدعاية ذات الدلالة السلبية. ويتميز هذا المصطلح بمعارضة الدبلوماسية الكلاسيكية التي تتم من حكومة إلى أخرى. وعلى العكس من ذلك، فإن الدبلوماسية العامة موجهة نحو شعوب البلدان الأخرى.

ومنذ العشرينيات من القرن العشرين بدأت الدول بالفعل في التحدث إلى الناس خارج حدودها، من خلال تطوير وسائل الإعلام. فمثال على هذا التوجه، نجد إذاعة فرنسا وهيئة الإذاعة البريطانية بهدف الوصول إلى المغتربين في بلد البث الخاص بهم. ولكن لم ينم اهتمام فرنسا وبريطانيا العظمى بالجماهير المحلية خارج أوروبا إلا بعد نهاية الحرب. ومنذ ذلك الحين، حددت هذه الدول مناطق توزيع وسائل الإعلام التي تمولها وفقا لأولوياتها الوطنية. إنهم يستثمرون حيث يعتزمون تعزيز خلق بيئة مواتية لتحقيق أهدافهم وخدمة مصالحهم، ونقل وتشغيل إطار محدد للأخبار العالمية.

وتبقى "الخبر" نموذجا يقتدى به في تلبية الأولويات الوطنية، ولهذا جعلت من خطها التحريري الذي يحدده انتماؤها الوطني، والذي يتقاطع مع المصالح العليا للوطن، وسيلة لخدمة الدبلوماسية الجزائرية طيلة مشوارها وفي جميع الظروف، لا سيما عندما هدد الإرهاب كيان الدولة في العشرية السوداء. ومن أجل تحقيق هذا الغرض، يجب أن يعترف الجمهور بجودة المحتوى التحريري. ولهذا الغرض، يجتهد طاقم التحرير في وضع آليات دائمة لممارسات صحفية تتوافق مع معايير المهنة.