الشر القادم من الإمارات.. إلى الجزائر ثم السودان

+ -

لم تخطئ المعلومات ولا التحليلات في أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت لاعبا أساسيا في تخريب الدول العربية التي تدافع عن سيادتها، ولا في وصفها عاصمة لـ"التخلاط"، فتحاول بشتى الطرق إسقاط أنظمة الدول العربية وانتهاك حقوقها وأمنها واستقرارها بفعل الأساليب القذرة، بينها جوسسة ونشر الأكاذيب. وتعد الجزائر أكبر هدف لورثة الشيخ زايد، فلم تسلم من شرها وحقدها وضررها، مثلما لم تسلم الشقيقة السودان من سموم حكام أبوظبي، الذين يسعون لتقسيم هذا البلد الغني ونشر الفوضى فيه، حتى ثار غضبهم وطردوا من أراضيهم النقية 15 دبلوماسيا إماراتيا ثبت تورطهم في أعمال عدائية خطيرة.

استدعت وزارة الخارجية السودانية، أمس، حسب بيان لها ووفق ما تداولته عدة مواقع إعلامية سودانية وعربية، القائم بالأعمال بالإنابة لسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في السودان، بدرية الشحي، و"أبلغتها قرار حكومة السودان بإعلان عدد (15) شخصا من الدبلوماسيين العاملين في السفارة أشخاصا غير مرغوب فيهم وطالبت بمغادرتهم السودان خلال 48 ساعة". كما طلبت الخارجية السودانية من القائم بالأعمال بالإنابة في السفارة الإماراتية نقل هذا القرار لحكومتها.

ويأتي قرار السلطات السودانية طرد الديبلوماسيين الإماراتيين على إثر اتهامات وجهها مسؤول رفيع في الجيش السوداني لأبوظبي بالوقوف إلى جانب قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو "حميدتي"، في مواجهة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان. هذا الأمر رأت فيه السلطات السودانية تخطيطا لئيما من دولة الإمارات لإضعاف البرهان وتقوية صفوف حليفها "حميدتي". وفي هذا الإطار، كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قد ذكرت، شهر أوت الماضي، نقلا عن مسؤولين أوغنديين، إنه تم العثور على أسلحة في طائرة شحن إماراتية كان يفترض أن تنقل مساعدات إنسانية للاجئين سودانيين في تشاد، في انتهاك إماراتي صارخ للقانون الدولي، من خلال تسليح المنظمة الإرهابية، المسماة قوات الدعم السريع، والتي استخدمت عتادها العسكري المورد إليها من الإمارات لارتكاب جرائم حرب في دارفور، لكن الإمارات نفت هذه المعلومات على الفور، رغم مختلف التقارير الأمنية التي تؤكد معلومة الطائرة المحملة بالأسلحة.

وتتسم العمليات المالية لقوات الدعم السريع بأنها غامضة ومعقدة. ومع ذلك، فمن الواضح أن هذه الجماعة لديها إمكانية الوصول إلى موارد مالية كبيرة وثروات تم جمعها من عمليات تعدين الذهب في دارفور وأجزاء أخرى من السودان. وتتمتع المنظمة الإرهابية (قوات الدعم السريع) بالحرية في تشغيل أنشطتها التعدينية في هذه المنطقة بترخيص كامل، مع غياب تام للمساءلة، وعدم دفع أي رسوم أو تعويضات للدولة. ويتم تصدير الذهب المكدس مباشرة من مناجم الذهب الخاضعة لسلطة الدعم السريع إلى الإمارات العربية المتحدة عبر ميناء جوي صغير بالقرب من إحدى مناطق التعدين بجبل عامر، أو عبر البر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، من خلال مجموعة "فاغنر" التي تعمل عبر هذا الحزام الإفريقي، ليتم استبدال هذه الموارد بالأسلحة والمركبات المدرعة والمعدات الأخرى والتدريب. كما تستخدم قوات الدعم السريع، بقيادة "حميدتي"، مواردها المالية في إرشاء المسؤولين وشراء النفوذ في هذه المنطقة وداخل البلدان المجاورة.

للإشارة، فقد تظاهر المئات من السودانيين، خلال الأسبوعين الماضيين، انطلاقا من مساجد بورتسودان، ضد الإمارات، مطالبين بطرد سفيرها من السودان بعد أن اتهم عضو مجلس السيادة ومساعد البرهان، الفريق ياسر العطا، بتاريخ 28 نوفمبر الماضي، علنا، أبوظبي بالوقوف إلى جانب قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش السوداني.

هكذا إذن، يتجلى، يوما بعد يوم، السيناريو المدمر الذي تخطط له الإمارات مع من تصفهم، زورا وبهتانا، في تصريحات مسؤوليها الرسمية، الأشقاء العرب، في العروبة والدين واللسان، وبينهم الجزائر والسودان وليبيا ودول عربية أخرى، وفي المقابل ترفع أذرع الشيطنة لزرع الفتن والتخريب والمؤامرات الدنيئة في هذه البلدان، على عكس ما كان يأمله الرجل المؤسس لدولة الإمارات، الشيخ زايد، رحمه الله. حكام الإمارات الحاليون لا يتوانون في التخطيط لضرب الجزائر، ولم يجدوا من حلفاء يدعمونهم في هذه المؤامرة الخبيثة غير جار السوء، مملكة محمد السادس واللواء القذر خليفة حفتر، في ليبيا، الذي يحتمي بقوى الشر وعلى رأسها الكيان الصهيوني الذي لا يزال يواصل حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة. هذه الحرب المعلنة ضد الجزائر التي تحقق، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، استقرارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا في عالم منفلت، ليس لها سبب سوى أن الجزائر كانت ومازالت المدافع الشرس عن القضايا العادلة، والمنتصرة للشعوب المضطهدة، وفوق ذلك فهي تشكل عقبة أمام دولة الإمارات وشوكة في حلقها، خاصة أن أبو ظبي تقود عربة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وكمحصلة، فإن كل هذه المؤامرات الدنيئة جعلت من الإمارات تستحق، من دون منازع، وصف عاصمة لـ"التخلاط" في الدول العربية وفي العالم.