غاز البوتان ينذر بانفجار اجتماعي بالمغرب

38serv

+ -

حذّرت النقابات العمالية في المغرب من مآلات قرارات المخزن برفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، وفرض زيادات قياسية في الأسعار، على غرار أسعار غاز البوتان، بداعي تطبيق إصلاحات مالية مفروضة من صندوق النقد الدولي، حيث أكدت النقابات أن هذه الإجراءات ستفجر الجبهة الاجتماعية وستوسع من رقعة الطبقة الفقيرة، وستزيد من اغتناء اللوبيات المقربة من البلاط الملكي، وستقضي على ما تبقى من طبقة متوسطة.

وفي تقرير صدر في مارس الماضي، ذكر صندوق النقد الدولي، أن المغرب قدم التزاماً بالرفع التدريجي لدعم صندوق المقاصة ضمن التزامات أخرى، مقابل حصوله على قرض بقيمة 1.3 مليار دولار العام الماضي. وحل المغرب في المرتبة الـ17 عالميا ضمن قائمة تضمّ 20 دولة كأكثر البلدان مديونية لصندوق النقد الدولي.

وقد تم الشروع في التقليص الجزئي من الدعم الموجه لقنينات غاز البوتان، وأعلنت عن زيادة قدرها 2,5 دراهم (0.25 سنت)، بالنسبة لقنينة غاز البوتان في المغرب من فئة 3 كيلوغرامات، و10 دراهم (دولار واحد) لقنينة غاز البوتان من فئة 10 كيلوغرامات.

يأتي ذلك تطبيقاً لخطّة تنفّذها الحكومة المغربية تقوم على إلغاء دعم بعض المواد الأساسية، مثل غاز الطهي مقابل الدعم المالي المباشر للأسر المحتاجة، وفق ما أعلنه رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، في شهر أكتوبر 2023 في إطار "خطتها الإصلاحية" كما تزعم.

وحذّر الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، من الشروع في تصفية صندوق المقاصة، مشيرا في تصريحات صحفية أن هذه الخطوة تتم "تحت شعارات توهم في ظاهرها بخدمة مصالح الفقراء، ولكن في عمقها تفتح الطريق أمام اغتناء اللوبيات المتحكمة في الأسواق في ظل البنيات المغلقة للسوق المغربية".

ونبّه اليماني إلى أن سيناريو تحرير المحروقات سيتكرر مع قارورات غاز البوتان، مشيرا "على غرار ما يجري اليوم في المحروقات، سيتحمل المواطن المغربي كلفة الزيادات الناجمة عن التوجه التدريجي نحو تحرير الغاز، في حين سيضاعف الفاعلون في السوق أرباحهم".

وأوضح أنه "وبقراءة بسيطة في استهلاك واستعمالات وأسعار غاز البوتان، فإن مجموع الزيادات المباشرة وغير المباشرة في استهلاك الغاز، قد تتجاوز 1000 درهم شهريا للعائلة من 5 أفراد إذا تمت إضافة الارتفاع المرتقب للأرباح الفاحشة للفاعلين في توزيع الغاز"، مضيفا أن "نسبة التركيز في سوق الغاز تفوق بكثير سوق المحروقات أين يحتكر فاعل واحد الاستيراد عبر ميناء طنجة وميناء الجديدة، إضافة إلى تداعيات ارتفاع أسعار الغاز على كلفة الإنتاج في الفلاحة وتربية الدواجن وغيرها"، وهذا ما يرشح أسعار المنتجات الفلاحية التي يتغذى بها عموم الشعب المغربي وأساسا البصل والبطاطس والطماطم إلى الارتفاع".

وأكد اليماني، أن "حذف الدعم وتحرير سعر الغاز لن يستفيد منه في الأخير سوى اللوبيات الفاعلة في القطاع، وأساسا الشركة التي تسيطر على أكثر من 50 بالمائة من السوق، وأما عموم الشعب المغربي فسيكون ضحية وللمرة الثانية بمناسبة تحرير الغاز".

وأشار المتحدث أن المخزن يسعى إلى توسيع طبقة الفقراء ودفع الطبقة المتوسطة للانزلاق تحت خط الفقر، بينما لا يملك الشجاعة اللازمة ولا المصلحة لفرض الضريبة على الثروة وتحصيل ما يفوق من 140 مليار درهم من التهرب الضريبي لدى الأغنياء والعاملين خارج القانون".

وخلص اليماني في تصريحه "لقد قيل لنا بأن حذف الدعم وتحرير أسعار المحروقات، سيكون بمقابل توفير وتحسين التعليم والصحة للمغاربة، وها هو واقع القطاعين يكذّب هذه المزاعم ويعاد القول اليوم بأن حذف الدعم وتحرير أسعار الغاز من أجل المبررات المزعومة، ولكن المستقبل القريب، سيوضح بالملموس بأنها مزاعم مهزوزة، وإنما الحقيقة من وراء ذلك هو طاعة أوامر الدائنين الكبار وفتح الطريق على مصراعيه من أجل اغتناء تجار الغاز وتجار البناء وتجار الصحة على حساب البطش بالقدرة الشرائية للمغاربة".

وعبّر مواطنون مغاربة في تسجيلات مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تذمّرهم من الزيادات في غاز البوتان، وأظهرت صور لفوضى خلال تسابق مواطنين مغاربة على شاحنات للحصول على قنينات غاز في ظل ارتفاع الطلب عليها.

ويتوقع خبراء عودة موجة التضخم إلى الارتفاع وبلوغ مستويات قياسية على خلفية ارتفاع الأسعار بسبب هذا الإجراء، وهذا ما سيزيد من عمق الأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها المغرب ويدفع ثمنها الفقراء وذوي الدخل المحدود وسكان المناطق المحرومة التي تعاني أصلا من الجفاف، ما تسبّب في تراجع مردود الفلاحة ودفع العديد من السكان إلى الهجرة هربا من الفاقة.

ويتخوّف المغاربة الآن من أن تتبع هذه الخطوة مزيدا من الإجراءات التي ستمس "الدعم" الرمزي الذي تقدّمه الحكومة للمواطنين، تحت غطاء توجيهه لمستحقيه (من الفقراء)، بينما دق النشطاء السياسيون والاجتماعيون ناقوس الخطر من مغبة انفجار الجبهة الاجتماعية بعد تدهور المستوى المعيشي، لاسيما في ظل الجفاف الذي يهدد المغرب وتراجع عائدات السياحة.