مسألة العودة إلى مخاطبة تلاميذ التحضيري أو السنوات الأولى الابتدائية بلغة الأم، كما يقول علماء التربية، أو اللغة الجزائرية، كما يقول الوطنيون العلمانيون، قضية حساسة وخطيرة وينبغي مناقشتها في أصولها السياسية والتاريخية التي ظهرت فيها.أولا: تاريخ الحديث عن استعمال العامية أو اللغة الجزائرية يختلف عن تاريخ دعوات استخدام العامية في المشرق العربي، كالحال في مصر أو الشام أو الخليج، لأن فكرة استعمال العامية في التعليم والإدارة هي فكرة فرنسية بالأساس، ظهرت في الثلاثينات من القرن الماضي، فعندما احتفل الكولون بالذكرى المائوية لاحتلال الجزائر، ظهرت القناعة لدى الفرنسيين المحتلين والكولون وقطاعات واسعة من الجزائريين المرتبطين بنتائج الظاهرة الاستعمارية خلال 100 سنة من الوجود الاستعماري في الجزائر، وباتت هناك قناعة بأن الجزائر فعلا أصبحت فرنسية، وعلى الأهالي من السكان أن يندمجوا في هذا المسار، فظهر ما يسمى بـ”المطرنيين” كطلائع للاندماج في مسار الجزائر فرنسية، لكن هذا المسار اصطدم بالتصلب الديني لدى الجزائريين فرفضوا التجنيس والارتداد فرنسيس، فكانت نظرية الجزائر أرض فرنسية وسكانها فرنسيون مسلمون، وظهر الإسلام الفرنسي الذي يعتمد على نظرية “صل وارفع سباطك”، أي أن الدين لا دخل له في الحياة، كما تقول اللائكية الفرنسية.. ولهذا فإسلام الجزائر يختلف عن إسلام الشرق الأوسط.. وتطور الأمر إلى اللغة أيضا فقالوا إن لغة الجزائر العامية أو الدارجة هي لغة جزائرية وليست عربية، أي عربية فرنسية، وبدأت إدارة الاستعمار تعلم الدارجة فيما يسمى “ليبيرو آراب” من أجل خلق لغة عربية فرنسية لا علاقة لها باللغة العربية ذات الصلة بالقرآن والعرب ولغة العرب.. أي أن تحويل الجزائر إلى جزائر فرنسية يتم بقطيعة دينية لسكان الجزائر مع إسلام الشرق الأوسط، ببعث إسلام فرنسي خاص وإحداث قطيعة أخرى مع لغة العرب والقرآن، بإحداث لغة تسمى لغة جزائريي ـ فرنسا! اسمها العامية الجزائرية.لكن ما حدث في 1954 أنهى فكرة الجزائر فرنسية التي تكرست سنة 1930، سنة الاحتفال بمأوية الاحتلال! فظهرت حكاية الجزائر عربية.. واضطر ديغول سنة 1958 إلى تحديد خسائر فرنسا الحضارية في الجزائر، فبدّل فكرة الجزائر فرنسية بفكرة الجزائر جزائرية، أي أنها ليست عربية وليست بربرية مثلما هي ليست فرنسية، وزرع بذلك بذور النزاع اللغوي ثلاثي الأبعاد: عربي فرنسي بربري، الذي لايزال جاريا إلى اليوم.ما حدث الآن هو أن عشرية بوتفليقة أعادت الحياة للغة الفرنسية بصورة لافتة، وبات دعاة الجزائر فرنسية لسانا منتشين مما تحقق على يد بوتفليقة وجماعته، فأحيوا فكرة العربية الجزائرية، أي الدارجة كبديل للعربية، والهدف هو إعادة الحوار حول المسألة اللغوية في الجزائر إلى المربع الأول، بعد أن كنا نعتقد أن الأمر حسم منذ سنوات. واليوم تطرح من جديد فكرة العربية الفرنسية التي كانت في الأربعينات في مكاتب العرب كبديل للعربية في التعليم، تماما مثلما طرحت فكرة الإسلام الفرنسي كبديل لإسلام جمعية العلماء.. لكن الشيء المحيّر هو لماذا يقوم فرنسيو الجزائر بهذا في وقت تنشئ فيه فرنسا قناة “فرانس 24” بلغة الشرق الأوسط؟! وليس بالدارجة الجزائرية؟ إنه العجب فعلا؟!
تصحيح معلومة وردت في مقال للأستاذ سعد بوعقبة يشرفني، بصفتي ابن أخت المرحوم الأستاذ الشيخ شنوف حمزة، المعروف في الأوساط الأدبية والتاريخية بحمزة بوكوشة، أن أشير إلى ما ورد ـ سهوا ـ في مقال للأستاذ القدير سعد بوعقبة في عموده “نقطة نظام” في جريدتكم بتاريخ 3 أوت 2015 بعنوان: “بلا خلفية”. وإن كنت لا أشك في أن الأستاذ حين كتب مقالته وذكر اسم المرحوم حمزة بوكوشة عن طريق الخطأ، كان فعلا بدون خلفية، ولكن للأمانة التاريخية ولما يشوب دور مسجد باريس بالذات، وخاصة إبان الفترة الاستعمارية، من دور مشبوه، فإن فقيدنا رحمه الله لم يؤم مسجد باريس، ولم يكن له به دور أبدا. ولكن المقصود فيما أعتقد بالذكر هو حمزة بوبكر وليس حمزة بوكوشة، لأن هذا الأخير ذهب إلى فرنسا قبل الثورة التحريرية في وفد من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين برئاسة الشيخ الفضيل الورتلاني. أرجو تصحيح المعلومة كي لا يلتبس الأمر على الشباب، ولكم ولأسرة تحرير الجريدة المحترمة أسمى آيات التقدير.الأستاذ شنوف الجيلاني❊ أشكرك على تصحيح الخطأ الذي هو واضح أنه مجرد خطأ، فعوض أن أكتب بوبكر كتبت بكوشة، والسبب لأن اسم بكوشة، رحمه الله، حفر في ذاكرتي لكثرة ما حدثني عنه المرحومان مولود قاسم وأحمد حماني.سعد بوعقبة
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات