38serv

+ -

يكشف “مشروع تمهيدي لقانون يتعلق بالنشاطات الإشهارية” الذي أعدته وزارة حميد ڤرين، لتنظيم السوق الوطنية للإشهار، أن السلطة لا تريد تحرير القطاع ومتمسكة باستمرار فرض قبضتها في تسيير هذا الملف. المشروع الذي يحتوي على 101 مادة، يحيل تطبيق 20 مادة منها عن طريق التنظيم، ما يعني أن السلطة التنفيذية تفرض هيمنتها على مجال السلطة التشريعية، بالرغم من أن الملف يخص قانونا تشريعيا وليس مراسيم تنظيمية، كما أن الإحالة على التنظيم عادة ما تصعب تنفيذ القانون في الميدان لتعطل صدور المراسيم التنفيذية لسنوات، ما يعني أن هناك نية لربح الوقت مجددا في هذا المشروع الذي ظل حبيس الأدراج منذ التسعينات. كما تعكس الإجراءات العقابية ومبالغ الغرامات الواردة في مشروع القانون، أن هناك نية مبيتة لوأد كل انفتاح في السوق الإشهارية والإبقاء على الاحتكار القائم، خاصة أن المرصد الذي اقترح تشكيله في المشروع، خاضع بصفة كلية لوصاية وزارة الاتصال في تركيبته البشرية، ما يفقده الدور المنوط به. من جهة أخرى، يؤشر نفي الوزير تسليمه مشروع قانون الإشهار للحكومة، بينما تم إرساله من قبل الأمانة العامة إلى 34 وزارة يوم 22 مارس “للدراسة وإبداء الرأي”، أن ڤرين يريد التستر وإخفاء الحقيقة بشأن مشروع لا يكرس الشفافية ويبقي الاحتكار بيد السلطة.يتضمن 101 مادة قانونية ويكرس مضمونه بقاء احتكار الدولةالوثيقة سلمت للحكومة وبحوزة 34 وزيرا المشروع كان سيناقش في اجتماع الحكومة يوم 26 مارس لكنه سحب في آخر لحظة أرسلت الأمانة العامة للحكومة مشروعا تمهيديا لقانون الإشهار، بعد “ولادة قيصرية” وجدال دام أعواما كثيرة، إلى 34 وزارة، يوم 22 مارس الماضي، من أجل دراسته وإبداء الرأي فيه. وكان وزير الاتصال، حميد ڤرين، سئل بوهران، قبل ثلاثة أيام، إن كانت دائرته الوزارية سلمت مشروع القانون للحكومة، فأجاب بالنفي.استعصى على الحكومة بلورة مشروع قانون ينظم سوق الإشهار بالجزائر، طيلة سنوات عديدة، ولم يجد الوزراء المتعاقبون على قطاع الاتصال بالجزائر إجابات شافية عن سؤال: ما يمنع سن قانون للإشهار بالبلاد؟ عدا وزير الاتصال الأسبق، ناصر مهل، الذي بحث عن “مشروع قانون توافقي لا تصيغه جهة واحدة”، فرحل عن الوزارة، دونه. وبالنسبة للمشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالنشاطات الإشهارية، الذي تحصلت “الخبر” على نسخة منه، فقد أرسل من قبل الأمانة العامة للحكومة إلى 34 وزارة لإبداء الرأي فيه، تحت رقم 55667، وكاد المشروع أن يطأ اجتماعا للحكومة عقد يوم الخميس 26 مارس، إلا أنه سحب في آخر لحظة، وأرجأ البت فيه لأجل غير معلوم.يستعرض مشروع القانون التمهيدي للقانون المتعلق بالنشاطات الإشهارية، 101 مادة قانونية، في 20 صفحة، موزعة على سبعة أبواب، وكل باب يتضمن من واحد إلى ثلاثة فصول. والملاحظ في عرض المشروع، هيمنة رؤية إدارية على مضامين مواد صيغت من قبل جهة واحدة، في ضوء التشديد الملحوظ في شروط ممارسة النشاط الإشهاري، بشكل لا يظهر تخلص القطاع من الاحتكار، كمفهوم لازم، لأكثر من 20 سنة، الأنشطة الإشهارية، من خلال الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، حتى وإن خلا النص الجديد (المشروع) من أي إشارة إلى قبضة مفترضة للوكالة الحكومية التي تأسست عام 1967، وما زالت تعمل بمنطق الاقتصاد الموجه. ورغم تبني ما يسمى بالانفتاح، وبروز المئات من الوكالات الإشهارية الخاصة، إلا أن هيمنة الوكالة الحكومية على سوق تدر الملايير يوميا، ما زالت سمة بارزة في قطاع يفترض أن يخضع لمنطق المنافسة. وحاليا، لم يعد المعلنون الخواص يعانون فقط من التوجيه في الإشهار، ولكن من محاولات فرض خيارات محددة سياسيا بالنسبة للجهة التي ينبغي أن يوجه إليها إعلانهم، والجهة غير المرغوبة في ذلك.طلب الرئيس بوتفليقة من حكومته، يوم 2 ماي 2011، اقتراح قانون للإشهار وسبر الآراء في إطار الإصلاحات، وتماشيا مع حركية السوق المطبوعة بهيمنة متعاملي الهاتف النقال وموردي السيارات، موازاة مع دخول وكالات اتصالات أجنبية إلى الجزائر مستغلة الفراغات القانونية، حيث تسيطر على أزيد من 50 بالمائة من عائدات الإشهار حسب الخبراء، وكانت محل تحقيقات أمنية من دائرة الاستعلامات والأمن. ويعد مشروع قانون الإشهار المقترح من طرف وزير الإعلام الأسبق، عبد العزيز رحابي، الوحيد الذي حاول إحداث خلخلة في موازين سوق الإشهار، وكان ذلك عام 1999، لكن تم تجميده على مستوى مجلس الأمة، بعدما حظي بمصادقة بالإجماع بالغرفة السفلى، ليحال على اللجنة متساوية الأعضاء، ولم تعرف له وجهة إلى اليوم. وكان مشروع رحابي يستهدف رفع الاحتكار عن الإشهار ومراعاة حق المعلن في اختيار الطريق والوسائل التي يرغب بث إشهاراته بواسطتها، والسماح بتأسيس شركات أو وكالات في شكل تجاري. كما ينص المشروع المجمد على إنشاء هيئة مهنية مستقلة تتولى مسؤولية متابعة الأنشطة الإشهارية، ومدى تطابقها مع القانون.ولسنوات طويلة، لم تتجرأ الحكومة على مراجعة تنظيمات سوق الإشهار، لأن المراجعة تؤول بالطبيعة إلى مراعاة انتقادات المتعاملين الاقتصاديين والمعلنين وشركائهم من الصحف، وحتى القنوات التلفزيونية التي أضافت أعباء أخرى للحكومة، من حيث ترتيبات الإشهار وكيفية التحكم فيه، بضرورة أن ترفع الدولة يدها عن السوق، والإلقاء به في ساحة المنافسة الطبيعية، وضمان حرية المعلن في الجهة التي تحتضن إعلانه، دون حسابات سياسية. والواضح، أن الدولة أظهرت ارتباكا في تبني أي من الخيارين، بين الاحتكار أو رفع الاحتكار، كون الأمر مرهونا بمناخ سياسي “متقلب”، يجعل من تنظيم سوق الإشهار خاضعا إلى بارومتر “حرية التعبير”، كمفهوم صار كثير التلاحم والتلازم مع الإشهار، منذ سنوات قليلة فقط. لذلك، كثيرون هم الذين لاحظوا كيف أن حرية التعبير التي منحت للصحف في بداية التعددية الإعلامية، باليد اليمنى، قيدت باليد اليسرى بأغلال الإشهار. ولاحقا لجأت السلطات العمومية إلى إصدار قوانين تفرض على المؤسسات الاقتصادية المرور على الوكالة الوطنية للنشر والإشهار التي تقوم بتوزيع الإشهار بين الصحف، في قرار رآه البعض أخطر من قانون العقوبات لسنة 2001.الإشهار الحزبي خارج الحملات الانتخابية ممنوع احتوى المشروع التمهيدي لقانون الإشهار على مجموعة من الموانع الخاصة بالرسائل الإشهارية، من بينها “منع كل إشهار حزبي وكل مداخلة سياسية، مهما كانت الدعامة (وسيلة النشر)، خارج الحملات الانتخابية”.وذكر المشروع أنه يمنع “إلصاق الرسائل الإشهارية في أماكن العبادة وعلى الجدران المحيطة بالمقابر، وعلى البنايات العسكرية والاستشفائية والإدارية”، كما يمنع “في المؤسسات التابعة للتربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين، على الأشجار والأعمدة الكهربائية وأعمدة الاتصالات.. والبنايات المصنفة كمعالم تاريخية، والحظائر والمحميات الطبيعية والحدائق العامة وفي الممتلكات الخاصة، إلا بإذن صريح من المالك”.مشروع حميد ڤرين يلتف على سلطة التشريع بواسطة 20 مادةالحكومة تهيمن على الإشهار في كل وسائل الإعلام والوسائط الإلكترونية ممارسة نشاط الإشهار في الإعلام العمومي والخاص تخضع لرخصة من وزير الاتصال تسعى الحكومة، بشكل واضح، إلى الالتفاف على البرلمان بخصوص مشروعها التمهيدي للقانون المتعلق بالنشاطات الإشهارية، بسبب إحالة 20 مادة من 101 مادة يحتويها المشروع، على التنظيم، أي وضعها تحت سلطة وزارة الاتصال كي تضبطها بمراسيم تنفيذية، وفق ما تريده السلطة التنفيذية.كل المواد التي تخضعها الحكومة للتنظيم، ليحدد كيفيات تطبيقها، تتعلق بجوانب هامة في النشاط الإشهاري. أهمها المادة 20 التي تقول إن “ممارسة النشاطات الإشهارية تخضع لرخصة يسلمها الوزير المكلف بالاتصال”. وبما أن الوزير الحالي “نصح” الشركات العمومية ورؤساء المؤسسات الخاصة بمنح الإشهار لوسائل الإعلام التي تتحلى بـ”الفضيلة”، والتي تتوفر فيها شروط الاحترافية والأخلاق، وفق مفهومه، فيمكن بسهولة تصور المقاييس التي على أساسا ستوزع إعلانات الشركات والأجهزة التابعة للقطاع العام. وجرت العادة أن يتم ذلك وفق معيار الولاء الذي يحكمه التوجه السياسي للنافذين في مركز القرار السياسي في البلاد، وأحيانا وفق معيار الأهواء وإن كان في حدود معينة.ومن بين المواد الخاضعة للمراسيم التنفيذية، خارج مجال التشريع، تلك المتعلقة (المادة 27) بفسح المجال للأشخاص الطبيعيين الأجانب للمساهمة في رأس المال الاجتماعي لوكالات الاستشارة في الاتصال، وفي مصالح الإشهار الخارجية ومراكز اقتناء المساحات الإشهارية. كما يحدد المرسوم التنظيمي كيفية حيازة أغلبية الأشخاص الجزائريين للأسهم المكونة لرأس المال الاجتماعي.وتشمل الهيمنة على قطاع الإشهار خارج مجال تشريع البرلمان، أيضا، نشر وبث الإشهار لصالح القروض الممنوحة من طرف البنوك والمؤسسات المالية، إذ يخضع ذلك إلى تأشيرة مسبقة من السلطات المؤهلة (المادة 52). نشاط لا يقل أهمية، مرتبط بالإشهار لمواد التجميل والسلع المستوردة المعروضة للبيع في السوق الوطنية، تضعه الحكومة تحت سيطرتها. فنشرها وبثها لا يكون إلا بعد حصول أصحابها على التصديق (المادة 57). والمادة التي تليها، تتناول بث ونشر رسائل الإشهار في مؤسسات التسلية والترفيه وفي الملاعب والفضاءات غير العمومية، وهي أيضا خاضعة لتقدير الحكومة عن طريق وزارة الاتصال.زيادة على ذلك، فالسلطة التنفيذية تعطي لنفسها صلاحية تحديد قواعد النشر والعرض عبر الأنترنت، وتحديد قواعد الرسائل الإشهارية التي تنشرها الصحف المكتوبة والإلكترونية العمومية والخاصة (المادة 64).وتعطي لنفسها أيضا صلاحية تحديد قواعد البرمجة والبث، وكذلك القواعد المطبقة على الرسائل الإشهارية المبرمجة والمبثة عبر القنوات التلفزية والإذاعية التابعة للقطاع العمومية، إلى جانب القنوات التلفزيونية والإذاعية المرخصة (المادة 66)، ويقصد بذلك الفضائيات ذات المضمون الجزائري الخاضعة للقانون الأجنبي، وعددها حاليا 37 حسب رئيس سلطة الضبط للسمعي البصري ميلود شرفي.ويستمر مشروع الحكومة في تحييد البرلمان عن تسيير قطاع الإشهار، بإعطائها صلاحية تحديد القواعد المتصلة بعرض الرسائل الإشهارية عبر الأنترنت (المادة 67)، وبعرض نفس الرسائل في قاعات السينما (المادة 69).مليار غرامة لمن يبث أو ينشر إشهارا دون رخصة من الوزيرمن جانب آخر، يفرد مشروع الحكومة 13 “حكما جزائيا” ضد مخالفي مواد القانون (إن تم تمريره على البرلمان بالصيغة التي هو عليها). فأي شخص طبيعي أو معنوي، يمارس نشاطا إشهاريا دون رخصة من وزير الاتصال، يعرض لغرامة تتراوح بين 200 مليون ومليار سنتيم (المادة 82). أما من يتنازل عن الرخصة التي منحها له الوزير، لشخص آخر طبيعي أو معنوي، يعرض لغرامة أقصاها مليار سنتيم وأدناها 200 مليون (المادة 83).وتتحدث المادة 84 عن غرامة تتراوح بين 500 مليون ومليار لمن خالف المادة 26، التي تمنع الشخص الطبيعي أو المعنوي الخاضع للقانون الجزائري، أو الشخص الطبيعي من جنسية أجنبية أن يكون مساهما في أكثر من وكالة استشارة في الاتصال، أو مصلحة إشهارية خارجية أو مركز اقتناء المساحات الإشهارية. وتضاعف العقوبة في حال العود.وتهدد المادة 85 بغرامة تتراوح بين 200 مليون ومليار من يخالف أحكام المادة 30، التي تلزم بتمييز الرسالة الإشهارية عن الإعلام مهما كانت الوسيلة المستعملة. وفي حال بث أو نشر رسالة إشهارية دون الموافقة المسبقة للمعلن، يتعرض الشخص لغرامة تتراوح بين 50 مليونا و100 مليون (المادة 86). ويمكن للمحكمة، في هذه الحالة، أن تأمر بنشر قرار العقوبة في دعامة إشهارية واحدة على الأقل، يختارها المعلن ويتحمل نفقة النشر مرتكب المخالفة. وتضاعف العقوبة المالية في حال العود.وجاء في المادة 87، يتعرض كل شخص طبيعي أو معنوي ينشر أو يبث رسالة إشهارية، تحث على المجازفة لإثبات الأداءات التي تشيد بها الرسالة الإشهارية، لغرامة تتراوح بين 300 مليون و500 مليون، تضاعف في حال ارتكاب نفس المخالفة. فيما تنص المادة التي تليها غرامة تتراوح بين 400 مليون و600 مليون، ضد الإساءة للمرأة في الرسائل الإشهارية، مع مضاعفة العقوبة في حالة تكرار المخالفة.ويعاقب المشروع بموجب المادة 89 من يسيء للأطفال بواسطة رسالة إشهارية، مستغلا في ذلك سذاجتهم ونقص التجربة لديهم. وتصل الغرامة إلى 800 مليون.صلاحيات واسعة لوزير الاتصال في منح رخص ممارسة النشاطات الإشهارية أبقى المشروع التمهيدي لقانون الإشهار على صلاحية وزير الاتصال في منح رخصة ممارسة النشاطات الإشهارية، لكنه لم يحدد تفاصيل ذلك في المشروع وتركها للتنظيم، بينما لم يشر إلى ضرورة مرور الإشهار العمومي عبر الوكالة الوطنية للنشر والإشهار “أناب” التي تحتكر حاليا هذا النشاط.وتنص المادة 29 من القانون على أن “يسند تسيير الرسائل الإشهارية الصادرة عن الهيئات والأجهزة التابعة للقطاع العمومي إلى هيئة أو عدة هيئات”. ما يعني أن احتكار الوطنية للنشر والإشهار (أناب) لتوزيع الإشهار العمومي قد ينتهي مع إنشاء وكالات أخرى، لكن المشروع لم يحدد إن كانت هذه الوكالات عمومية فقط أو يمكن المرور على وكالات القطاع الخاص، وهو ما يطرح تساؤلا عما إذا كان احتكار الدولة في تسيير الإشهار العمومي سيظل قائما؟ويؤكد نص المشروع في مادته 28 أنه “يمكن للمؤسسات والهيئات والأجهزة التابعة للقطاع العمومي ممارسة النشاطات الإشهارية المرتبطة مباشرة بهدفها الاجتماعي، من خلال استغلال وسائلها الخاصة وتجهيزاتها ومنشآتها القاعدية ومساحاتها”. وهذه المادة أيضا تحتمل تفسيرا بعدم اشتراط المرور على “أناب” في الإشهار. لكن المادة تنتهي بذكر أن كيفيات تطبيقها تتم عبر التنظيم، وهي إشارة إلى أن وزارة الاتصال هي التي ستحدد مستقبلا عبر نص تنظيمي كل نقاط الالتباس هذه.من جانب آخر، أكد القانون أن رخصة ممارسة النشاطات الإشهارية تعتبر “حصرية للمستفيد منها ولا يمكن التنازل عنها بأي شكل من الأشكال”. وأعطى المشروع التمهيدي، في الفصل الثاني من بابه الرابع الموسوم “شروط ممارسة النشاطات الإشهارية”، لوزير الإعلام صلاحية الموافقة على تحويل الرخصة لفائدة مالك جديد في حالة عرض أي كيان إشهاري للبيع، مع مراعاة أحكام هذا القانون والأحكام التشريعية المعمول بها.وحدد المشروع 6 شروط لمن يتولى إدارة و/ أو تسيير وكالات الاستشارة في الاتصال أو مصالح الإشهار الخارجية أو مراكز اقتناء المساحات الإشهارية، تنحصر في “امتلاكه الجنسية الجزائرية، وأن يكون حائزا على شهادة جامعية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع النشاط الإشهاري، علاوة على إثباته 5 سنوات في مجال الاتصال أو الإشهار، وأن يتمتع بحقوقه المدنية والمواطنة”، كما يشترط “ألا يكون محكوما عليه بعقوبة مخلة بالشرف، وأن تكون لديه القدرة على ممارسة نشاط تجاري”. وطالب المشروع بضرورة أن “يبرر مصدر الأموال المشكلة لرأس المال لوكالات الاستشارة في الاتصال أو مصالح الإشهار الخارجية ومراكز اقتناء المساحات الإشهارية”. ومع أن القانون يمنح للأجانب حق المساهمة في وكالات إشهار جزائرية، إلا أنه يحصر ذلك في وكالة واحدة ويمنع المساهمة في أكثر من ذلك.يختص بـ5 مهام تضبط النشاطات الإشهاريةإنشاء مرصد وطني للإشهار خاضع لسلطة الوزير يتضمن المشروع التمهيدي لقانون الإشهار إنشاء هيئة إدارية جديدة، تسمى “مرصد وطني للإشهار”، يناط بها التنسيق مع سلطات الضبط المختصة، لكن القانون وضع هذا “المرصد” تحت سلطة وزير الإعلام، ما يعني رهن استقلاليته، رغم تمتعه بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.ينص الباب الخامس من المشروع التمهيدي لقانون النشاطات الإشهارية، على إنشاء “المرصد الوطني للإشهار”، إذ تشير المادة 77 التي تفتتح هذا الباب إلى ما يلي: “ينشأ لدى الوزير المكلف بالاتصال، مرصد وطني للإشهار، يدعى في صلب النص “المرصد”“، بينما تحدد المادة التي تليها أن هذا المرصد هو “مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي”.ويكلف المرصد، وفق القانون، بالتنسيق مع سلطات الضبط المختصة في هذا المجال، وهما في هذه الحالة سلطتان، الأولى خاصة بالسمعي البصري تم تنصيب رئيسها مؤخرا، وأخرى متعلقة بالسمعي البصري لا تزال تنتظر التنصيب، بينما يشتمل عمله على القيام بـ5 مهام تتعلق في مجملها بمراقبة النشاطات الإشهارية.وتحدد المادة 79 اختصاصات المرصد الوطني للإشهار، في “السهر على الممارسة الحرة للنشاطات الإشهارية، ومراقبة مطابقة الرسائل الإشهارية، إضافة إلى إبداء الرأي والتوصيات حول كل مسألة تتعلق بالنشاطات الإشهارية والإشهار الذي تعرضه السلطات العمومية والمهنيون وجمعيات حماية المستهلك المعتمدة، وكذا السهر على تطبيق قواعد آداب وأخلاقيات النشاطات الإشهارية، وترقية التشاور بين مهنيي الإشهار وكذا بين المهنيين المعلنين”.واللافت أن تشكيلة وكيفيات تنظيم المرصد وسيره تركت في مشروع القانون لتحديدها عن طريق التنظيم، ما يعني أن الحكومة عبر وزارة الاتصال في هذه الحالة، هي من يقوم بهذه بالمهام، وهذا ما يطرح إشكالات عديدة حول سبب ترك هذا الفراغ القانوني، وإبعاده تماما عن المناقشة التي سيمر عليها هذا المشروع قبل اعتماده.وبالنظر إلى الأبعاد التي أخذتها قضية الإشهار العمومي بين عدد من الجرائد والوزارة الوصية في الفترة الأخيرة، فإن إعطاء وزارة الاتصال صلاحية التحكم في المرصد وحق تعيين أعضائه وكيفية تنظيمه، قد ينزع عنه المصداقية في مراقبة النشاط الإشهاري الذي يعاني من اختلالات واسعة، بسبب خضوعه منذ فتح التعددية الإعلامية لمنطق آخر بعيدا عن المقاربة التجارية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات